الإسلاميون يصعّدون ضد معارضي الرئيس.. وشيخ الأزهر يحذر من «دمار مصر»

القرضاوي قال إن طاعة مرسي واجبة والخروج عليه بـ«غير معصية» حرام

شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال استقباله جاستين ويلبي أسقف كانتربري أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

قررت قوى الإسلام السياسي من مناصري الرئيس المصري محمد مرسي، التصعيد ضد معارضيه بشكل مفاجئ؛ قد يجر البلاد إلى مواجهات غير محسوبة، مثلما جرى من اشتباكات دامية أمام القصر الرئاسي أواخر العام الماضي. وأعلن الإسلاميون الاعتصام في إحدى ساحات القاهرة القريبة من قصر الرئيس يوم الجمعة المقبل، أي قبل يومين من مظاهرات حاشدة تدعو لها قوى المعارضة عند القصر الرئاسي والمحدد لها يوم الأحد المقبل.

وبعد ساعات من تحذير وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي من خطورة انزلاق البلاد إلى المجهول ودعوته للفرق السياسية إلى حل الأزمة خلال أسبوع، أعلن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، أمس لـ«الحوار الآن» محذرا أيضا مما سماه «دمار مصر»، في وقت واصل فيه الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دفاعه عن الرئيس مرسي، وشن أمس هجوما على المعارضين الداعين لمظاهرات يوم الأحد المقبل وقال، إن «طاعة الرئيس واجبة والخروج عليه بغير معصية أو كفر حرام».

وتمر مصر بحالة استقطاب متصاعدة منذ عدة أشهر بعد فشل محاولات للحوار بين السلطة الحاكمة ومعارضيها، على الرغم من تدخل وسطاء من الداخل والخارج، من بينهم دبلوماسيون غربيون، لحل المشكلة في أكبر الدول العربية سكانا. وأثر الصراع السياسي على الوضع الاقتصادي وعلى حالة الأمن المتدهورة في البلاد، خصوصا في سيناء المجاورة لكل من إسرائيل وقناة السويس التي تعد أهم ممر ملاحي لمرور السفن وناقلات النفط في العالم.

وبعد ساعات من تحذيرات السيسي، وقرار الإسلاميين بالتصعيد ضد المعارضة، قال شيخ الأزهر أمس إنه «لا بديل الآن عن الحوار، إلا الدمار»، في تحذير من مخاطر المواجهات المحتملة نهاية الشهر الحالي بين الفرقاء المصريين. وقالت مصادر مطلعة في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، إن دعوة السيسي التي أطلقها يوم أول من أمس «يبدو أنها لم تلق استجابة من جماعة الإخوان (التي ينتمي إليها الرئيس مرسي) وحلفائها»، مشيرة إلى أن المشكلة باتت أكثر تعقيدا بعد أن أعلن الإسلاميون تنظيم مظاهرة حاشدة يوم الجمعة المقبل، تحت شعار «الشرعية خط أحمر» والاعتصام في ميدان «رابعة العدوية» القريب من مقر اعتصام المعارضين عند القصر الرئاسي.

وقال الدكتور الطيب خلال لقائه رئيس أساقفة كانتربري، جاستن ويلبي، بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة أمس: «إننا جميعا - موالاة ومعارضة - ينبغي أن نجلس إلى مائدة الحوار، وأعتقد أن الحل ميسور، إذا ما خلصت النيات»، مطالبا بتفعيل مبادرة نبذ العنف. وأضاف شيخ الأزهر قائلا إن «المماطلة في تطبيق مبادرة نبذ العنف على أرض الواقع مضيعة للوقت».

وتتضمن وثيقة نبذ العنف التي صدرت قبل شهور، ولم تلق التزاما يذكر من الأطراف الفاعلة في الحياة السياسية المصرية، «التأكيد على حرمة الدماء والممتلكات الوطنية العامة والخاصة، والتفرقة الحاسمة بين العمل السياسي والتخريبي، والتأكيد على واجب الدولة ومؤسساتها الأمنية في حماية أمن المواطنين وضرورة أن يتم ذلك في إطار احترام القانون وحقوق الإنسان دون تجاوز». وكذلك «الالتزام بأسلوب الحوار الجاد بين أطراف الجماعة الوطنية».

وفي إطار محاولات احتواء الوضع المتفجر في البلاد، أصدر شيخ الأزهر فتوى قبل أسبوع، شدد فيها على أن تكفير الخصوم واتهامهم في دينهم، لا يجوز شرعا، وأن المعارضة السلمية لولي الأمر الشرعي جائزة ومباحة شرعا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر. وأثارت هذه الفتوى جدلا داخل جماعة الإخوان الحاكمة والتيارات الإسلامية المتشددة الموالية لـ«الإخوان».

وفي خطوة للتصعيد ضد معارضي الرئيس مرسي، أعلنت تيارات إسلامية أمس وبشكل مفاجئ، عن مظاهرة حاشدة، يوم الجمعة المقبل، بميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة)، والاعتصام هناك إلى أجل لم يعلن عنه بعد. وقالت مصادر أمنية في وزارة الداخلية إن قرار التيارات الإسلامية بالاعتصام في تلك الساحة القريبة من الأماكن التي تم تحديدها سلفا من جانب المعارضين للرئيس، يمكن أن تسفر عن اشتباكات بين الطرفين، مثل تلك التي وقعت في أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، وسقط فيها نحو 10 قتلى ومئات الجرحى.

وفيما بدا أنه أول رد فعل من جانبها على مبادرة الجيش ودعوة الأزهر للحوار، أعلنت جماعة الإخوان ومناصريها من الأحزاب والقوى الإسلامية عن عقد سلسلة فعاليات للجماهير المؤيدة لها، وقالت إن تلك الفعاليات تبدأ بمؤتمرات تبدأ من اليوم (الثلاثاء) في مدن أسيوط والإسكندرية وطنطا والمنصورة والزقازيق والمنيا، وتنتهي في مظاهرة الجمعة المقبل في ساحة «رابعة العدوية».

وقال بيان القوى الإسلامية، إنهم «على قلب رجل واحد لاستكمال مسيرة البلاد نحو الحرية»، داعين للتصدي لما قالوا إنه «الثورة المضادة»، في إشارة إلى معارضي الرئيس الذين يحشدون من جانبهم لمظاهرات يوم الأحد المقبل.

وجدد الدكتور القرضاوي موالاته للرئيس مرسي، وشن أمس هجوما على الداعين لمظاهرات يوم 30 الشهر الحالي، قائلا إن «الاحتجاج على الرئيس والحكومة و(الإخوان)، والمطالبة بإسقاط الرئيس، وإجراء انتخابات مبكرة، يعني إتاحة الفرصة للبلطجية والمستأجرين ودعاة الشغب والفتنة أن ينضموا إلى أولئك الثائرين، ويستخدموا المولوتوف والخرطوش والنار، ويفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، وهو ما يعني قتل الأبرياء، وترويع الآمنين».

وتابع القرضاوي مشددا على أن الرئيس مرسي أصبح بعد انتخابه من «أولي الأمر» الذين تجب طاعاتهم، قائلا إن «طاعته واجبة، والخروج عليه بغير كفر أو معصية بارزة حرام».

ودعا القرضاوي الرئيس مرسي، إلى «ضرورة التعامل الحكيم مع الموقف لحماية السلم العام والطمأنينة والسكينة، بعيدا عن الأساليب الجائرة في استخدام القوة أو التدابير القاصرة عن درء الفتنة، باستخدام الحزم في غير عنف واللين في غير ضعف، حتى لا تنتشر الفتنة، وينجح دعاة الفساد في زعزعة أمن المجتمع، والعبث بسكينته واستقراره».