مصادر فلسطينية رفيعة: «الجهاد الإسلامي» تتجه للتهدئة مع حركة حماس

وساطات واتصالات ولجان تحقيق لحل الخلاف الذي كاد يجر القطاع إلى حرب جديدة

TT

أكدت مصادر فلسطينية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن حركة الجهاد الإسلامي، لا تنوي التصعيد على جبهة إسرائيل، وتتجه نحو تهدئة الأمور بعد إطلاق الحركة عدة صواريخ تجاه بلدات إسرائيلية قريبة من محيط غزة، إثر خلاف كبير مع حركة حماس.

وكانت الحركة أطلقت سيلا من الصواريخ بشكل مفاجئ على تجمعات إسرائيل فجر أمس بعد شهور من التهدئة، في ظل خلاف حاد مع حركة حماس، بعد قتل عناصر من الشرطة في غزة قائدا ميدانيا في سرايا القدس (جهاد إسلامي) قبل يومين.

ووضع الخلاف بين الجهاد وحماس، قطاع غزة كله على صفيح ساخن، بعدما أغارت إسرائيل على أهداف وهددت بالضرب بيد من حديد.

وعلى الرغم من أن الهجمات الصاروخية من القطاع كانت متقطعة وأقل حدة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال إن «إسرائيل لن تكون مستعدة لتحمل اعتداءات صاروخية على أراضيها حتى إذا كانت متقطعة». وأضاف: «رد إسرائيل على أي اعتداء عليها سيكون مهاجمة من يعتدي علينا أو يعتزم الاعتداء».

وعلى مدار ساعات طويلة تدخلت وساطات كبيرة بين الحركتين لنزع الفتيل، ووضع حد للخلاف، الذي كان سيجر القطاع إلى حرب جديدة.

وعبرت حركة الجهاد الإسلامي عن الغضب الكبير، قائلة إن حماس ارتكبت خطيئة كبيرة بقتلها رائد جندية المسؤول في سرايا القدس، والمطلوب لإسرائيل، معتبرة أن قتله بمثابة هدية مجانية لإسرائيل.

أما حماس فوصفت الأمر بمشكلة قانونية يجب أن تعالج في أطر قانونية.

وبدأت الأزمة عندما حاولت شرطة حماس اعتقال جندية، لكن تبادلا لإطلاق النار بين الطرفين أودى بحياته.

واتهمت السرايا التابعة للجهاد، شرطة حماس بتنفيذ أجندة غير شريفة، وفورا قطعت الجهاد الإسلامي الاتصالات مع حماس على مستوى لجان التنسيق بين الطرفين وأبقتها على نطاق عال، قبل أن يحاول أحد عناصر حماس دهس القيادي في الجهاد محمد الحرازين، بعد تشييع جثمان جندية، فانقطعت العلاقات بالكامل لعدة ساعات، وترجم الغضب الكبير داخل الجهاد إلى صواريخ على إسرائيل.

ولاقى إطلاق الصواريخ غضبا مقابلا من حماس الذي اعتبرته في سياق «مناكفة»، بينما لاقى عند مناصري الجهاد تأييدا كبيرا، مفضلين ذلك على الدخول في اشتباكات مع حماس نفسها.

وهذا الخلاف بين عناصر حماس والجهاد انتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي غرقت بالاتهامات المتبادلة.

وفي الوقت الذي لم تتبن فيه الجهاد رسميا إطلاق الصواريخ، فإنها نجحت في إرسال رسالة تحد لسلطة حماس، التي التقطت الرسالة وشكلت لجنة تحقيق فورية في مقتل جندية.

وقالت الداخلية في غزة إنها «شكلت لجنة تحقيق عليا برئاسة د. مروان أبو راس النائب في المجلس التشريعي وعضوية كل من وزارة الداخلية والأمن الوطني وحركة الجهاد الإسلامي وعائلة جندية للوقوف على تداعيات الحادث المؤسف»، داعية للهدوء وضبط النفس.

وطالما شهدت العلاقة بين الجهاد وحماس توترات بين الفينة والأخرى، خصوصا بعد سيطرة حماس على القطاع.

وتركزت خلافات الطرفين على الموقف من الدخول في السلطة والمشاركة في الانتخابات، والتهدئة مع إسرائيل، والسيطرة على مساجد، وحتى فيما يخص الموقف من سوريا.

لكن ذلك لم يترجم ولا في مرة إلى قطيعة أو قتال مثلما حدث بين فتح وحماس.

وعلى مدار أعوام فشلت محاولات دمج الحركتين اللذين يمثلان الإسلام السني الوسطي، في إطار واحد.

وحاول إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة، تلطيف الأجواء قائلا: «إن ما جرى حدث استثنائي في مسيرة العلاقة ولا يمكن أن يشوش عليها».

وأضاف هنية: «أعبر عن ألمي الشديد لهذا الحادث المؤلم الذي راح ضحيته أحد أبناء شعبنا، أتقدم باسمي وباسم مجلس الوزراء لإخواننا في عائلة جندية بأحر التعازي باستشهاد ولدهم وأقول مصباكم مصابنا وابنكم هو ابننا ودمكم الطاهر هو أمانة في أعناقنا جميعا».

وأكد هنية على العلاقات المتينة الراسخة مع حركة الجهاد.

وأردف: «هذه علاقات قائمة على مسيرة طويلة من العمل للإسلام ولفلسطين وعلى خط المقاومة والجهاد» وأوضح هنية «أن حكومته كثفت الاتصالات خلال الساعات مع قيادة حركة الجهاد وأعيان ووجهاء عائلة جندية».

وأكدت مصادر أن تجاوبا مبدئيا حدث من قبل حركة الجهاد التي قررت وقف إطلاق الصواريخ وتهدئة الموقف بعد نقاش داخلي كان فيه مؤيدون ومعارضون، وهو ما سيقابل كما يبدو بهدوء إسرائيلي، إذ أعلن الناطق بلسان الجيش، يوآف مردخاي أن إسرائيل لا تنوي التصعيد، لكن أي إطلاق نار مستقبلي سيلاقي ردا في حينه.