إجماع سياسي على دعم الجيش اللبناني في عملياته ضد الأسير وأنصاره

إعلان الحداد الوطني.. وسليمان يؤكد أنه يحظى بالغطاء الكامل لقمع المعتدين

TT

أجمعت المواقف السياسية اللبنانية على دعم عمليات الجيش ضد الشيخ أحمد الأسير وأنصاره المستمرة في صيدا منذ بعد ظهر الأحد الماضي، بينما طالب البعض بأن يشمل الحسم كل المظاهر المسلحة في مختلف المناطق اللبنانية، بما في ذلك حزب الله. وكان للأخير موقف حيال ما حصل، مستنكرا أيضا الاعتداء على الجيش، ومعتبرا أن «هذه الجريمة التي حصلت وذهب ضحيتها ضباط وجنود من الجيش اللبناني هي اعتداء على كل اللبنانيين واستهداف لأمنهم وأرزاقهم».

وأكد حزب الله في بيان له «تضامنه مع المؤسسة العسكرية لأنها مؤسسة وطنية كبرى».

وفي حين أعلن رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الحداد العام على أرواح الشهداء الضحايا من العسكريين اليوم الثلاثاء، عقد اجتماع وزاري أمني للبحث في أحداث عاصمة الجنوب برئاسة الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، وحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزراء المعنيين وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية.

وأكد بيان المجتمعين ضرورة توقيف جميع المعتدين والمحرضين على الجيش اللبناني، داعيا إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجلاء المدنيين من مناطق التوتر. وأعطى المجتمعون الضوء الأخضر للجيش لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، إضافة إلى دعم جهود القوى العسكرية من أجل إتمام مهمتها حتى النهاية.

واعتبر الرئيس سليمان أن الدعوات إلى العسكريين للانشقاق عن وحداتهم والجهاد ضد الجيش تصب في مصلحة أعداء لبنان ولن تجد آذانا صاغية، مؤكدا أن الجيش يحظى بالغطاء السياسي الكامل والشامل لقمع المعتدين والمحرضين وتوقيف الفاعلين وإحالتهم إلى القضاء المختص.

وكان لرئيس كتلة «المستقبل»، النائب فؤاد السنيورة، اقتراح حل من 4 بنود، وذلك، بعد سلسلة من المشاورات شملت الرئيس سليمان وقائد الجيش العماد جان قهوجي والجماعة الإسلامية في صيدا.

وتنص الاقتراحات، على أن «يقوم الجيش بتطبيق حالة منع التجول في صيدا كاملا، وفرض عملية سحب المسلحين كلهم، وإزالة كل المظاهر المسلحة بما فيها المربع الأمني والشقق المسلحة وكل من يحمل السلاح خارج القوى العسكرية، وتسليم مطلقي النار الذين تسببوا في استشهاد عناصر وضباط من الجيش اللبناني، وأخيرا تأمين سلامة جميع المواطنين في صيدا»، آملا أن «تتبنى جميع الأطراف هذا الاقتراح»، ومؤكدا التزامهم «بالدولة ومنطقها وبتبنينا للجيش».

كذلك، شدد مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ محمد رشيد قباني، على أن الاعتداء على الجيش جريمة بحق لبنان، مؤكدا أن ما حصل مرفوض، ويجب محاسبة من قتل الضباط والعسكريين. واعتبر أنه لا يجب التقاتل مع الجيش تحت أي ذريعة، وأن الدعوات للانشقاق عنه تؤدي إلى الفتنة، داعيا إلى تسهيل مهمة الجيش لإعادة الاستقرار وتلبية نداءات الاستغاثة من المواطنين المحاصرين.

وفي حين دعا الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» في صيدا، أسامة سعد، المرجعيات العليا في السلطة إلى توفير الغطاء السياسي للمؤسسة العسكرية لكي تقوم بمهامها على أكمل وجه، وجهت النائب بهية الحريري نداء إلى الرئيس سليمان وإلى قائد الجيش العماد جان قهوجي وإلى جميع المعنيين بأن ينقذوا صيدا من قبضة المسلحين وينقذوا أهل المدينة من كارثة إنسانية كبيرة.

ولفتت الحريري التي أعلنت أنها كانت محاصرة في منزلها من قبل مسلحين، إلى أن «المدينة وقعت في قبضة المسلحين والجيش يحاول أن يصل إلى حل معين والمواطنون محاصرون»، مضيفة «نريد الجيش والدولة، ونريد أن يخرج كل المسلحين من المدينة».

من جهته، اعتبر الشيخ سالم الرافعي، رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان، أن «الدولة فشلت في تطبيق شعار النأي بالنفس وغضت الطرف عن المقاتلين التابعين لحزب الله الذين توجهوا إلى سوريا لنصرة الطاغية وإعانته على إبادة شعبه الثائر»، مضيفا أن «ما قام به الحزب ترجم بحوادث أمنية متنقلة في بيروت وطرابلس وصيدا وعرسال ليكون آخرها ما جرى أول من أمس من تفجير خطير للوضع في صيدا».

ولفت الرافعي إلى أنه تم تشكيل وفد ضم خمسين عالما من هيئة علماء المسلمين، اجتمعوا في صيدا مع مسؤول مخابرات الجيش في منطقة الجنوب وطرح عليه مبادرة تقضي بوقف إطلاق النار لمدة ساعة ليتم خلالها إجلاء الجرحى والمدنيين والاجتماع مع الشيخ الأسير لإيجاد مخرج يتم بموجبه وقف نزيف الدماء، ولكن قيادة الجيش لم تتجاوب مع هذه المبادرة وأصرت على استكمال هجومها على المسجد، مما اضطر الوفد لمغادرة المدينة فجرا بعد فشل مساعيه.

وأوضح الرافعي أنه «ثبت تدخل مناطق تابعة لحزب الله و(حركة أمل) على خط المعارك من خلال قصف المسجد والمناطق المدنية الآمنة المحيطة به، إضافة إلى وجود عناصر حزبية ملثمة بلباس مدني تشارك مع عناصر الجيش في هجومها على المسجد»، مضيفا أن «قيادة الجيش ادعت وجود مطالب لها ينبغي تنفيذها قبل إيقاف الهجوم على المسجد، ولكنها في المقابل لم تتجاوب مع مبادرة الهيئة وتوقف إطلاق النار لإيصال هذه المطالب للشيخ الأسير، مما يؤكد رغبة طرف ثالث في استمرار المعركة».

بدوره، أشار رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، إلى أن ظاهرة أحمد الأسير لم تولد من عدم، متوجها بنداء للجميع للالتفاف حول الدولة ومؤسساتها، وخصوصا الجيش.

ورأى أن «ظاهرة حزب الله ولدت لنا ظواهر مقابلة مثل ظاهرة الأسير»، مضيفا: «لم تعد معادلة السلاح يجر السلاح بقدر معادلة الدويلة تجر الدويلات».

وشدد جعجع على أن «المشكلة الكبيرة في الأسير والآسر الأكبر وهو (حزب الله)»، لافتا إلى أن «قصة العودة أو عدمها إلى الحرب الأهلية قرار محلي، ويجب أن يكون التمسك بالدولة».

من جهته، اعتبر رئيس «تكتل التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، أن «اليوم يوم حزين لأننا نفقد أبطالا من الجيش يضحون بأنفسهم لأجلنا»، متمنيا أن «يكون ما يحصل في صيدا بداية لتحرير لبنان من المسلحين الداخليين الذين يعتدون على أهلهم ويرتكبون الجرائم باسم قضايا معينة». وأضاف أن «من يتحمل مسؤولية الدفاع عن الوطن يجب أن يكون لديه بعد النظر وأن يستدرك من ترك التنظيمات المسلحة تكبر وتنمو تحت إشرافه».

كذلك، حذر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، أمين الجميل، من «التطرف الذي يترجم بفتنة بين المذاهب كما يحصل في طرابلس وصيدا وبعض المناطق»، رافضا أن «يتحول لبنان بؤرة للصراع الطائفي»، معتبرا أن «بعض الفئات في لبنان، وخصوصا المجموعات الإسلامية المتطرفة، تعيش زمن القرون الوسطى، لكن البعد الإيجابي في المسألة هو أن هذه الحركات التكفيرية التي ترفض الآخر ما زالت أقلية في البلد ولم تنجح في تحقيق الانتشار الواسع، وهي تحظى ببعض التمويل وتتحكم في أمن البلد، وكذلك الأمر في صيدا»، مشددا على أن «لبنان يعيش تجربة مفصلية، فإما أن ينجح فيها ويجب أن ينجح، وإما أن يزول».