البرلمان الليبي ينتخب «الأمازيغي» أبو سهمين رئيسا له خلفا للمقريف

مقتل 7 من الجيش والشرطة في هجمات مسلحة بطرابلس وسرت

نواب ليبيون يستعدون للإدلاء بأصواتهم لانتخاب رئيس جديد للبرلمان أمس (أ.ف.ب)
TT

فاز نوري أبو سهمين، الأمازيغي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بمنصب رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت)، الذي يعد أعلى سلطة سياسية في البلاد، خلفا لرئيسه المستقيل الدكتور محمد المقريف. وكان أبو سهمين يشغل موقع «مقرر» البرلمان، ويعتبر أول رئيس عربي للبرلمان من أصل أمازيغي، علما بأن الأمازيغ الناطقين بالأمازيغية يمثلون نحو 5% فقط من سكان ليبيا وأغلبهم يقطن في جبل نفوسة، وزوارة وغدامس، إضافة إلى الطوارق والأواجلة.

وصوت 96 عضوا من أعضاء المؤتمر لصالح أبو سهمين، بينما حصل منافسه الشريف الوافي على 80 صوتا في جولة الإعادة الثانية، من إجمالي 184 عضوا شاركوا في الجلسة التي عقدت وسط إجراءات أمنية مشددة وبثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة.

وامتنع ثمانية أعضاء فقط عن التصويت على المنصب الذي يعني أن صاحبه سيكون الرئيس الفعلي للبلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة حتى نهاية المرحلة الانتقالية، التي من المفترض أن تحل بنهاية العام الحالي. ويتكون المؤتمر الوطني أساسا من 200 عضو، لكن نحو 20 من أعضائه تم استبعادهم منذ تأسيس المؤتمر عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي بسبب اكتشاف علاقاتهم السابقة مع نظام القذافي.

واستبق أعضاء المؤتمر إعلان النتيجة النهائية لعملية التصويت بتهنئة أبو سهمين، بينما أعلن جمعة عتيقة النائب الأول لرئيس المؤتمر، الذي ترأس الجلسة أمس، أن أبو سهمين هو الفائز رسميا بالمنصب، وذلك بعد أن انحصرت المنافسة على المنصب في الجولة الثانية بين الوافي وأبو سهمين، عقب حيازتهما على أعلى الأصوات في الجلسة الصباحية من بين عشرة مرشحين كانوا قد تقدموا بأوراق ترشيحهم لخلافة الرئيس السابق (المقريف).

ومنذ اعتماد قانون العزل السياسي في الخامس من الشهر الماضي، أصبح المقريف في حكم المستقيل، حيث ينص القانون الذي جرت صياغته بعد جدل كبير وتحت ضغوط من الميليشيات المسلحة على إبعاد كل من شغل موقعا تنفيذيا في عهد القذافي منذ عام 1969 حتى مقتله في الحرب مع المسلحين التي استمرت ثمانية أشهر وانتهت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011. واستقال المقريف بالفعل من منصبه في رئاسة البرلمان يوم الـ28 من الشهر الماضي، وذلك بعد أن جرى انتخابه صيف العام الماضي لرئاسة أول برلمان بعد سقوط نظام القذافي.

وتقول السيرة الذاتية لـ«أبو سهمين» إنه خريج كلية الحقوق من جامعة بنغازي، ثانية كبريات المدن الليبية، وأكمل تعليمه في بريطانيا.

وكان الدكتور جمعة السايح النائب الأول لرئيس البرلمان قد افتتح أعماله بكلمة مقتضبة قال فيها: «اليوم نجسد مبدأ التداول السلمي للسلطة في بلادنا، فلا سبيل إليها فوق ظهور الدبابات أو قراءة البيانات الديكتاتورية، ولن تستطيع أي فئة أو جماعة أن تسيطر على قرار ليبيا ومقدراتها، ومكتسباتها التي جاءت بفضل الله ثم دماء الشهداء».

يأتي ذلك في وقت بدأت فيه أمس مساعي الحكومة الانتقالية في ليبيا لإقناع قادة الثوار والميليشيات المسلحة بالخضوع لهيمنة الدولة والتخلي عن أسلحتهم نهائيا تصطدم بأجواء من عدم الثقة المتبادلة بين الثوار والسلطات الليبية، في وقت هدد فيه رئيس الحكومة الدكتور على زيدان مجددا باستخدام القوة ضد أي تحرك لأي قوات مسلحة خارج إطار الجيش أو الشرطة.

وقتل أمس 7 من القوات الأمنية في هجمات متفرقة في طرابلس وسرت، وقالت وكالة الأنباء الليبية (وال) إن 6 جنود لقوا حتفهم في هجوم مسلح استهدف بوابة «خشوم الخيل» التابعة للجيش، على بعد 120 كيلومترا جنوب مدينة سرت في شمال ليبيا. وأوضح العقيد خالد العكاري ضابط العمليات بكتيبة شهداء الزاوية المجحفلة والمكلفة بتأمين البوابة أن الهجوم أسفر عن مقتل الجنود الستة وهم من أفراد الكتيبة، بينما أصيب جندي سابع في ساقه بعد أن تمكن من الهروب من موقع الحادث. وأضاف أن المهاجمين المجهولين قاموا بتدمير وحرق البوابة وجميع المركبات العسكرية وسرقة أسلحة الجنود، مشيرا إلى أنه تمت محاصرة المنطقة المذكورة، وأن البحث جارٍ عن الجناة. وقال خالد العكاري المسؤول العسكري المحلي إن الهجوم وقع فجر أمس على نقطة تفتيش للجيش في بلدة خشوم الخيل جنوب سرت، و«أدى إلى سقوط ستة قتلى بين جنودنا»، موضحا أن «آليتين أحرقتا في هذا الهجوم»، وأن «القطاع أغلق وعمليات البحث مستمرة للعثور على المهاجمين».

وأكد المقدم أحمد بوكراع، الناطق الرسمي باسم جهاز الشرطة القضائية الليبية، اغتيال آمر سابق لسجن في طرابلس، ويدعى وسام إسماعيل اصميدة. ويعد «اصميدة» أحد ثوار جبل نفوسة أثناء الثورة التي أطاحت بحكم القذافي العام قبل الماضي، كما كان قائدا لسرايا كتيبة شهداء العاصمة. ووقعت علمية الاغتيال من قبل مجهولين أمس أمام منزل الرجل في منطقة عين زارة بالعاصمة طرابلس. وكان «اصميدة» قائدا لسجن الرويمي الذي يطلق عليه حاليا سجن «البركة»، والتحق أخيرا بجهاز الشرطة القضائية الليبية.

وقال بوكراع في تصريح أمس نقلته وسائل الإعلام المحلية الليبية إنه جرى مخاطبة مكتب النائب العام للتحقيق في جريمة الاغتيال والكشف عن مرتكبيها، موضحا أنه توجد مطالبات كثيرة صدرت من قبل أعضاء جهاز الشرطة القضائية للمؤتمر الوطني الليبي العام والحكومة لتوفير الإمكانيات اللازمة والدعم من أجل حماية منتسبي الجهاز بسبب الخوف من «تلك الأعمال الجبانة»، التي تساهم في زعزعة أمن واستقرار ليبيا.

وبالتزامن مع اغتيال «اصميدة»، أفادت مصادر أمنية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس بأن عناصر من إحدى الميليشيات المسلحة شنت هجوما على مقر قوة حماية المنشآت البترولية التابعة للدولة في العاصمة، وأن الهجوم أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص، بينما فر المهاجمون بعد تبادل كثيف لإطلاق النيران مع قوة حماية المنشأة.