الرئيس اللبناني يؤكد أن الدعوة إلى الجهاد ضد الجيش «لم ولن تجدي نفعا»

قادة مخيم عين الحلوة ينفون لجوء الأسير إليه.. وقيادي سلفي يدعو لنصرته من طرابلس

TT

أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أمس، أن «الدعوة إلى الجهاد ضد الجيش اللبناني لم ولن تجدي نفعا أو تلقى آذانا صاغية»، داعيا إلى «عدم المبالاة للمحاولات التي ترمي إلى التورط السياسي والشعبوي وكسب صدقية على حساب دماء الشهداء».

وقال سليمان، في بيان أصدره أمس، بعد تمكن الجيش اللبناني من السيطرة على مقر الشيخ أحمد الأسير في صيدا والقبض على من كان بداخله من مسلحين، إن «الغطاء السياسي أعطي لقيادة الجيش، وترك لها حرية اختيار الضربة والتوقيت المناسبين ووضع الخطة المناسبة للرد». وثمن «الجهود والتضحيات التي بذلها الجيش اللبناني»، مثنيا «على وقوف المواطنين والمرجعيات والتفافهم حول المؤسسات الوطنية».

وشكلت مدينة صيدا، أمس، مقصدا للقادة الأمنيين والمسؤولين القضائيين، بالتزامن مع تكليف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، مديرية المخابرات في الجيش اللبناني إجراء التحقيقات الأولية في حادثة عبرا والتحقيق مع الموقوفين، الذين تراوحت التقديرات بشأن عددهم بين أربعين وستين موقوفا.

وبينما واصل الجيش اللبناني، أمس، تشييع شهدائه الذين سقطوا خلال الاشتباكات مع مقاتلي الأسير، دعا قائد الجيش اللبناني، العماد جان قهوجي، العسكريين إلى «مواصلة الإجراءات الأمنية لطمأنة المواطنين وترسيخ الاستقرار في المدينة، وبذل أقصى الجهود لتسهيل عودة الأهالي المتضررين إلى منازلهم». ونوه قهوجي، بعد تفقده الوحدات العسكرية التي شاركت في العمليات العسكرية في عبرا، بـ«تضحياتهم الجسام خلال المعركة والتزامهم روح المناقبية والانضباط».

ورأى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، إثر ترؤسه اجتماعا أمنيا في سرايا صيدا، أنه «للمحافظة على النجاح الذي حققه الجيش اللبناني، على الجميع أن يعمل يدا واحدة، وعلى كل السياسيين بمختلف التوجهات أن يكونوا داعمين للجيش، ولنتعاون كلنا على استتباب الأمن في صيدا». وتمنى على المسلحين أن يتجاوبوا مع القوى الأمنية، لأن «الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، لن يقبلوا أن يكون هناك شتاء وصيف على سقف واحد، والجيش اللبناني لن يتراجع إلى الوراء».

في موازاة ذلك، بقي المكان الذي توارى فيه كل من الأسير والفنان المعتزل فضل شاكر مجهولا، من دون أن تتضح كيفية هروبهما من عبرا بعد تأكيد شهود عيان رؤية الأسير إثر اندلاع الاشتباكات في مقره. وتضاربت الأنباء بين انتقاله إلى مخيم عين الحلوة المجاور أو وصوله إلى مدينة طرابلس (شمال لبنان)، حيث هدأ الوضع الأمني فيها بشكل لافت مساء الاثنين رغم التهديد والوعيد اللذين أطلقهما قادة ميدانيون فيها واستهدافهم أكثر من نقطة للجيش اللبناني. وكشف وزير الداخلية عن أن «ما لدينا من معلومات يبين أنه حين استشهد أول 4 عناصر للجيش، هرب الأسير».

من ناحيته، نفى أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، فتحي أبو العردات، لـ«الشرق الأوسط»، صحة الأنباء عن توجه الأسير وشاكر إلى مخيم عين الحلوة. وقال: «لا صحة لهذه الشائعات على الإطلاق»، مؤكدا «إننا لن نكرر سيناريو العبسي»، في إشارة إلى قائد تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي.

وأشار أبو العردات إلى «اجتماع وفد من الفصائل الفلسطينية أمس برئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، أكد له أن المخيمات الفلسطينية، وكما قلنا من البداية، خارج إطار هذه التجاذبات والصراعات». ولفت إلى «إشادة كل من ميقاتي والرئيس سليمان خلال اتصال أجراه بالأخير بموقف الفصائل»، مشددا على أن «رمي الموضوع من عبرا إلى عين الحلوة طرح خبيث، ولا علاقة للمخيم على الإطلاق بهذا الموضوع».

ومن طرابلس، قال الداعية السلفي عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا علم لدينا أين يوجد الشيخ الأسير والحاج فضل شاكر، لكن إن حضرا إلى طرابلس فسنفتح بيوتنا وننصرهما، وهذا واجب شرعي». واعتبر فستق، الذي كان قد وجه أمس نداء إلى المسلمين لنصرة الأسير، إنه «لا قيمة لمواقف مفتي الجمهورية العلمانية محمد قباني أو مشايخ السلطة في لبنان، ولا يعول عليهم»، معتبرا أن «الجميع يشهر سكينه اليوم ويريد طعن الأسير وأعوانه، ونحن نعتبر أننا خذلناه». وتابع: «لو كان عندي رجال لتحركت، لكنني أؤكد أن الشيخ الأسير بخير وسيعود أقوى مما كان».

وكان فستق قد شدد في ندائه على أن «أكذوبة أن أنصار الأسير قد فتحوا النار على الجيش اللبناني من دون أي سبب لا تنطلي إلا على السذج والحاقدين»، داعيا «أهل السنة والجماعة في لبنان، وبل في العالم، إلى أن يهبوا لنصرة بعضهم بعضا، وتقديم الحماية والدعم للشيخ أحمد الأسير والحاج فضل شاكر وإخوانهما».

وشدد فستق في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» على أن الأسير وشاكر «لم يرتكبا شرعيا أي مخالفة، لكن هناك من أراد أن يزج بينهما وبين الجيش اللبناني، وكانوا في حالة دفاع عن النفس بعد أن ارتكب بحقهم اعتداء صارخ مرفوض في شرعنا»، داعيا المسلمين إلى «نصرتهم ضد فلول النظام السوري في لبنان، لأن الشيخ الأسير ليس سلفيا ولا إرهابيا ولا تكفيريا، واستخدام هذه الأوصاف يدل على نية الدولة اللبنانية ومن خلفها حزب الله الموالي للنظام السوري».

من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية اللبناني أن «الجيش اللبناني وحده كان يخوض المعركة في صيدا»، وذلك على خلفية تقارير إعلامية في بيروت أكدت مشاركة عناصر من حزب الله في قتال مناصري الأسير بصيدا. وكان حزب الله قد نعى أول من أمس اثنين من عناصره؛ هما: ساجد البيروتي من بلدة جبشيت، وإبراهيم حسن عساف من بلدة كفرحتى، قال إنهما قضيا أثناء أداء «واجبهما الجهادي»، من دون أن يحدد مكان مقتلهما. ونعت الصفحات الموالية للحزب على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، عنصرا ثالثا هو محمد صالح. وأكدت تقارير إعلامية وأنباء تناقلها ناشطون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مقتل العناصر الثلاثة في صيدا، خصوصا أن صالح هو أحد مقاتلي حزب الله المعروفين في حارة صيدا. لكن وزير الداخلية اللبناني نفى أن يكون حزب الله قد شارك في المواجهة مع أنصار الأسير، لافتا إلى أن «الموقوفين في الأحداث هم من عدة جنسيات، ومنها الجنسية السودانية».