إسرائيل: إيران وسوريا تسعيان لضرب «حماس» في غزة بتقوية «الجهاد الإسلامي»

محللون يعتبرون إطلاق «غراد» باتجاه إسرائيل تمردا لا مقاومة

TT

قالت مصادر إسرائيلية إن إطلاق 6 صواريخ أرض - أرض من طراز «غراد» من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل الأحد الماضي، يدلل على حالة من التوتر تسود العلاقات بين تنظيمي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.

وأضافت المصادر أن كلا من إيران وسوريا تسعيان لمعاقبة «الحمساويين» الذين تخلوا عن نظام الرئيس بشار الأسد وانحازوا للمعارضة السورية، وذلك من خلال تقوية حركة «الجهاد الإسلامي»، التي تؤيد نظام الأسد وحزب الله اللبناني، ومن ورائهما إيران، وإظهار حماس، المسيطرة على غزة منذ يونيو (حزيران) 2007، على أنها مدافعة وحامية لحدود إسرائيل.

وأكدت المصادر أن هذا الأمر يقلق تل أبيب، ليس حبا في حماس، بل خوفا على الأمن القومي، مضيفة: «لسنا نشفق على حماس ولا نقول إننا نحبها، لكن المخطط الإيراني - السوري ينفذ على حساب أمن إسرائيل». وقالت المصادر الإسرائيلية إن «إطلاق الصواريخ الستة الأحد الماضي كان بمثابة تمرد على حكم حماس أكثر مما هو محاولة لضرب البلدات الإسرائيلية. والهدف الأول منه هو الدخول في صراع تظهر فيه حماس مدافعة عن أمن إسرائيل وقامعة لمن يقاومها». وذكرت هذه المصادر أن إيران تبني استراتيجيتها على فتح 3 جبهات ضد إسرائيل، في حال قيامها بضرب إيران. وهي تخطط للرد على هجوم إسرائيلي ليس فقط من الأراضي الإيرانية، بل من سوريا، عبر قوات نظام الرئيس بشار الأسد، ومن لبنان، عبر الجناح العسكري لحزب الله اللبناني، وقطاع غزة. فإذا تم تفعيل هذه الجبهات معا، سيفشل المخطط الإسرائيلي ضد إيران وستطول الحرب أكثر من قدرة إسرائيل على التحمل، وستتكبد إسرائيل خسائر أكبر.

وفي مرحلة معينة، كانت حماس جزءا من هذا المخطط، وفقا للمصادر الإسرائيلية، ولذلك قامت إيران بدفع 20 مليون دولار في السنة للحركة، ولكن انقلاب موقف حماس ووقوفها مع المعارضة ضد نظام الأسد، واختيارها قطر داعما بديلا، جعل طهران ودمشق تقرران الانتقام منها، فقطع الدعم المالي عنها وازداد الدعم المالي والعسكري والمادي للجهاد الإسلامي.

وينقل المحرر العسكري لصحيفة «معاريف» العبرية، أمس، تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية بأن «قادة الجهاد الإسلامي قرروا استغلال الفرصة السانحة من الأزمة في علاقات حماس مع إيران وسوريا، لكي تعزز مكانة تنظيمهم في صفوف الشعب الفلسطيني بشكل عام، وفي قطاع غزة بشكل خاص. وفي هذا التنظيم (أي الجهاد) لا يخفون تأييدهم لنظام الأسد وحزب الله، وإيران من ورائهما. ويحرصون على اتهام حماس بمحاولة استرضاء إسرائيل ودول الغرب. وقد نفذت أجهزة حماس الأمنية اعتقالات في صفوف نشطاء الجهاد الإسلامي وقادتهم الميدانيين، وقتلت خلال الاعتقال أحد هؤلاء القادة، رائد جندية، وبهذا فتحت الباب أمام تصعيد كبير تستغله إيران وسوريا للدفاع نحو إسقاط حكم حماس. وكان أول رد فعل تمردي هو إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل».

وتقول المصادر الإسرائيلية إن المحاولات العلنية من الطرفين، حماس والجهاد، لتهدئة الأوضاع، قد تؤجل انفجار الصراع، ولكنها لن تقود إلى مصالحة. وسيظل الجهاد الإسلامي قوة معارضة أساسية لحكم حماس.

وكانت «القناة العاشرة» الإسرائيلية المستقلة قد لاحظت أن الرد الإسرائيلي على الصواريخ كان «معتدلا نسبيا»، مع أنها حملت حماس مسؤوليته، وهو ما يشير إلى قناعة إسرائيلية بأن الجهاد الإسلامي هو الذي أطلق الصواريخ، وتصدق حماس بأنها لم تكن معنية بها.

وقال المحلل العسكري فيها إن «إسرائيل تتابع أنباء الخلافات الحادة التي نشأت بين الجهاد وحماس بعد مقتل أحد قادة الجهاد أثناء اعتقاله، وإن مجموعة من الجهاد ومن دون علم قيادة الجهاد هي التي أطلقت الصواريخ ليلة أمس، وإن حركة حماس نصبت 600 مقاتل على الحدود لمنع إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، على حد قوله».

وبموازاة ذلك، أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي عن تعديلات على «خطتها الحربية الهجومية والدفاعية في ظل الأوضاع التي تشهدها لبنان وسوريا على حدودها الشمالية، وفي سيناء جنوبا، وفي قطاع غزة»، ونفذت تدريبات عسكرية في جبال الكرمل على مواجهة «تطورات غير عادية في المنطقة تفضي إلى شن عمليات إرهاب منظمة ضد أهداف إسرائيلية من الشمال والجنوب في آن».

وعللت مصادر عسكرية هذا التطور بأنه «ضرورة حيوية لمواجهة الصراعات في المنطقة، التي تؤدي إلى استخدام إسرائيل مهربا للصراعات العربية الداخلية». وأضافت هذه المصادر أن رئيس أركان الجيش، بيني غانتس، الذي أشرف بنفسه على التدريبات، ناقش مع قيادة منطقة الشمال خطة جديدة لمواجهة المخاطر المتجددة، والتي حددها بالقول إنها «هجمات غير مسبوقة تتضمن عمليات اختطاف وعمليات تفجير ضخمة تؤدي إلى مقتل عشرات الجنود والإسرائيليين».

وكان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي قد استبعد أن توافق الحكومة الإسرائيلية على اقتراح أفيغدور ليبرمان بإعادة احتلال قطاع غزة.

وعلق على ذلك أحد قادة الجيش الإسرائيلي السابقين، عاموس مالكا، قائلا إن «الظروف العربية الحالية يجب أن تبقي إسرائيل متفرجة على الصراعات وليست مشاركة فيها».