تشاؤم فلسطيني - إسرائيلي إزاء جولة وزير الخارجية الأميركي

السلطة تريد «وقف الاستيطان والاعتراف بحدود 1967».. وتل أبيب تصر على «مفاوضات بلا شروط»

TT

يبدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، اليوم، انطلاقا من المملكة الأردنية الهاشمية، جولة لإعادة إطلاق مفاوضات السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإحياء عملية السلام، لكن المواقف الصادرة عن كلا الطرفين تظهر أن ثمة شكوكا كبيرة في أن زيارة كيري الخامسة للمنطقة منذ توليه منصبه في فبراير (شباط) الماضي «لن تسفر عن الكثير».

وتمسك الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بمواقفهما من العودة إلى المفاوضات، فأصرت رام الله على وقف كامل للاستيطان والاعتراف بحدود 1967 كمرجعية للعملية السياسية، بينما أصرت تل أبيب على مفاوضات من دون شروط. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، في بيان تلقت الشرق الأوسط نسخة عنه، «إن الرئيس محمود عباس يتمسك بمبدأ الدولتين على حدود 1967، كما أسس لذلك القانون الدولي».

وأضاف: «إن ما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية حول التنازل الفلسطيني عن حدود 1967 عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلا، وهو مجرد بالونات اختبار وتكهنات تهدف إلى خلط الأوراق وإثارة البلبلة».

وكان عريقات يرد على ما نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، التي قالت، نقلا عن دبلوماسيين غربيين، إن رؤية تتبلور بين الطرفين برعاية أميركية تقوم على استئناف المفاوضات، بعد إفراج إسرائيل عشية شهر رمضان عن الأسرى الذين اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، إضافة إلى تجميد الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية، مقابل تخلي الفلسطينيين عن حدود الرابع من حزيران 1967 كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات.

وقالت المصادر لـ«معاريف»: «هذه الرؤية قد تتبلور في المباحثات المنتظرة لجون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو». وتقوم رؤية كيري هذه على منح أبو مازن ونتنياهو إنجازا علنيا، إذ يظهر نتنياهو منتصرا بعدم رضوخه لشرط 67 ويظهر أبو مازن منتصرا بإطلاق سراح أسرى وتجميد الاستيطان. وقالت «معاريف» إن ثمة تقدما ملموسا في الاتصالات التي يجريها وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الأطراف، وكان أرجأ زيارته للمنطقة من أجل الوصول إليها مع اتفاق.

وكان الفلسطينيون طلبوا من كيري وضع ما لديه على الطاولة هذه المرة بعدما يفترض أن يقدم رؤيته في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، قبل أن يطلب مهلة إضافية.

وإذا كانت رؤية كيري هي التي نشرتها «معاريف»، تكون السلطة رفضتها سلفا. ولا تتضمن رؤية كيري حلولا سياسية فقط، بل اقتصادية وأمنية، وليس ثمة مشكلات في الشق الاقتصادي، لكن الفلسطينيين يربطون أي تقدم به بالملف السياسي.

وسيلتقي كيري بأبو مازن يوم غد في رام الله أو عمان، وأغلب الظن في العاصمة الأردنية التي يصل إليها مساء اليوم مقبلا من الكويت.

وقال عريقات إن القيادة الفلسطينية ما زالت تبذل كل جهد ممكن لإنجاح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لكن على أساس «مفاوضات تستند إلى مبدأ الدولتين على حدود 1967، وتنفيذ الحكومة الإسرائيلية لالتزاماتها بوقف الاستيطان والإفراج عن المعتقلين». وأكد عريقات رفض القيادة الفلسطينية لبوادر حسن نية مقابل المفاوضات، وقال: «نحن لا نريد بوادر حسن نية، ما نريده تنفيذ ما عليها، فوقف الاستيطان مثلا التزام يجب تنفيذه».

وعلى الطرف الآخر، يعلن مزيد من الوزراء الإسرائيليين بشكل علني رفضهم لإقامة دولة فلسطينية، وذلك على خلفية تصريحات لنتنياهو يؤيد فيها إقامة دولة فلسطينية، ويبدي استعداده «للاستقرار في خيمة بين رام الله في الضفة الغربية والقدس للتفاوض ما دام ذلك ضروريا» مع عباس، وذلك في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست».

وأشار نتنياهو إلى أنه يفضل «اتفاقا ينص على دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بيهودية إسرائيل وإجراءات أمنية مشددة يضمنها الجيش الإسرائيلي». إلا أن الوزراء المتشددين في حكومته لا يترددون في الإدلاء بتصريحات معارضة، حيث يرفضون قيام دولة فلسطينية حتى مع هذه الشروط التي يعتبرها الفلسطينيون غير مقبولة.

وكان وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي اليميني القومي المتطرف شبه وجود الفلسطينيين «بالشظية في المؤخرة التي يجب التعايش معها بدلا من القيام بعملية خطرة لإزالتها»، في إشارة إلى الدولة الفلسطينية.

وقال بينيت أمس لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «لا نعارض إجراء (فيتو) على المفاوضات، ولن نسقط الحكومة من أجل ذلك»، مشيرا إلى أن زيارة كيري الخامسة للمنطقة «لن تسفر عن الكثير».

وحتى في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، يجد مؤيدو الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة مزيدا من الزخم. ورفض نائب وزير الدفاع داني دانون قيام دولة فلسطينية ودعا لتطبيق مشروع استيطاني مثير للجدل يهدد قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. بينما قال وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» إن الرئيس عباس ليس شريكا لإسرائيل.

وفي المعسكر المقابل، نددت وزيرة العدل تسيبي ليفني المسؤولة عن ملف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين المتعثرة منذ 3 سنوات بتنامي هذه الأفكار في الحكومة الإسرائيلية. وقالت ليفني، وهي الوزيرة الوحيدة التي جعلت من إعادة إطلاق مفاوضات السلام مع الفلسطينيين أولوية إنه «يجب على رئيس الوزراء أن يقرر ما إذا كان يريد للدانونية (في إشارة إلى دانون) أن تسيطر على الحكومة».