مسؤول سوداني جنوبي يعترف أن بلاده تعاني من أزمة في بناء الدولة التي استقلت قبل عامين

بدء الترتيبات لإنجاح زيارة نائب رئيس دولة الجنوب رياك مشار إلى الخرطوم

TT

اعترف مسؤول كبير في جمهورية جنوب السودان أن بلاده التي استقلت قبل عامين عن دولة السودان تواجه أزمة حقيقية في عملية البناء، وأن الفساد أصبح متفشيا إلى جانب هشاشة الأوضاع الأمنية، في وقت بدأت فيه الخرطوم وجوبا ترتيبات زيارة نائب رئيس جنوب السودان دكتور رياك مشار الأحد المقبل، والتي تم تأجيلها من قبل لنزع فتيل الأزمة بين البلدين في أعقاب قرار الرئيس السوداني عمر البشير غلق الأنبوب الناقل لنفط الجنوب إلى التصدير عبر أراضي بلاده، بينما استبعدت مفوضية الاتحاد الأفريقي طلبا تقدم به السودان لوضع خلافاته مع جوبا في أجندة الاجتماعات الطارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي في أديس أبابا والتي بدأت أول من أمس.

واعترف الأمين العام للحركة الشعبية الحزب الحاكم في جنوب السودان باقان أموم بأن دولته الوليدة تواجه أزمة حقيقية في عملية بنائها، معتبرا أن ظاهرة الفساد المتفشية أدت إلى إفقار المواطن، إلى جانب النزوع إلى القبلية والتمردات الداخلية. وقال في ورشة عمل «إعادة التنظيم في قطاع المرأة بالحركة الشعبية» إن الأوضاع الأمنية هشة والخدمات منعدمة تماما، داعيا إلى وحدة الصف الوطني وتطوير الذات لخروج المرأة من دائرة التهميش. وأوضح أن المرأة في جنوب السودان ظلت تناضل بقوة منذ فترة النضال المسلح إلى حين تحقيق الاستقلال في التاسع من يوليو (تموز) عام 2011، مطالبا بمنحها نسبة 50% في السلطة أسوة بالرجل، وأن تمنح منصب نائب الرئيس في الدولة أو الحزب في المرحلة القادمة.

من جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان في بيان لها إن جيش جنوب السودان يحتجز زهاء 130 مدنيا في ولاية البحيرات بوسط البلاد منذ فبراير (شباط) دون تهمة أو محاكمة، وأضافت أن بعضهم قد تعرض للضرب المبرح والتعذيب. وتتهم منظمات حقوقية الجيش وقوات الأمن في جنوب السودان بارتكاب انتهاكات، خصوصا في المناطق التي تشهد نزاعات بين الحكومة ومجموعات متمردة عليها، ودائما ما تنفي جوبا هذه الاتهامات وتصفها بعدم الدقة.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن حاكم ولاية البحيرات أمر الجيش في فبراير باعتقال 50 شخصا من قريتين اشتبكتا في قتال قبلي، ونقلت عن شهود عيان قولهم: «اعتقل الجنود عشرات الشبان، وكثيرا ما كانوا يأخذون بدلاء إذا لم يجدوا الأشخاص المشتبه بهم المطلوبين. واحتجزوا هؤلاء المعتقلين في ظروف قاسية لأسابيع أو شهور»، وأضافت أن «بعضهم على الأقل تعرض للضرب المبرح».

إلى ذلك، قال سفير جنوب السودان لدى الخرطوم ميان دوت، في تصريحات صحافية من جوبا أمس، عقب لقائه نائب رئيس بلاده رياك مشار، إنه بحث مع مشار ترتيبات الزيارة التي يعتزم القيام بها إلى الخرطوم الأحد المقبل، والتي تم تأجيلها من قبل، إلى جانب اطلاعه على أوضاع الطلبة الجنوبيين في الجامعات السودانية. مشيرا إلى أن الطلاب الجنوبيين في السودان يصل عددهم إلى أكثر من 8 آلاف طالب وطالبة، وقال إنهم يعانون من صعوبات مختلفة، منها الرسوم الدراسية.

من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية أبو بكر الصديق في تصريحات صحافية أن زيارة نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار قائمة في موعدها المحدد، وأضاف أن وزارته لم يصلها ما يفيد بتأجيل الزيارة. مشيرا إلى أن جوبا كانت قد وافقت على الموعد الذي اقترحته الحكومة في وقت سابق، وكشف عن أن سفير بلاده لدى جنوب السودان الدكتور مطرف صديق يصل الخرطوم اليوم لمزيد من إحكام التنسيق وإجراء الترتيبات اللازمة للزيارة.

وكانت حكومة جنوب السودان قد كلفت نائب رئيسها رياك مشار القيام بزيارة إلى الخرطوم لنزع فتيل التوتر بين البلدين بعد قرار الرئيس السوداني عمر البشير غلق الأنبوب الناقل لنفط دولة الجنوب عبر أراضي بلاده إلى التصدير، وأعلنت الحكومة السودانية تجميد تنفيذ اتفاقات التعاون مع جوبا.

من جهة أخرى استبعدت مفوضية الاتحاد الأفريقي من أجندتها الخلافات بين الخرطوم وجوبا في الاجتماعات التي بدأت أول من أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقال نائب رئيس بعثة السودان في الاتحاد الأفريقي عبد الله وادي في تصريحات إن مفوضية الاتحاد الأفريقي أخطرت بلاده باستبعاد البند الخاص بتطورات الأوضاع بينها وبين دولة جنوب السودان عن أجندة اجتماع مجلس السلم والأمن الطارئة إلى موعد يحدد لاحقا.

وكشف عن تغيب رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي عن الاجتماع، مشيرا إلى أن مبيكي ما زال ينتظر تسلم رؤية الدولتين رسميا حول مقترحاته التي تقدم بها، والتي وجدت قبولا من الطرفين. وقال إن مجلس السلم والأمن الأفريقي ينتظر أن تدخل مقترحات مبيكي حيز التنفيذ، مضيفا أن مبيكي كان يفترض أن يقدم تنويره إلى المجلس حول ما تم إنجازه في تنفيذ اتفاقات التعاون بين البلدين خلال الفترة الماضية، وتابع: «لكن ما حدث من تطورات غيرت الأوضاع، وتأخر تقرير مبيكي».