الجماعة الإسلامية بمصر تتبوأ دور «السنيد» لمؤازرة الإخوان

قفزت على دور السلفيين وماضيها «العنيف» يقلق المعارضين

TT

بعد أكثر من 40 عاما على نشأتها، استطاعت الجماعة الإسلامية في مصر أن تجد لنفسها حيزا كبيرا وسط القوى السياسية، التي صعدت بقوة بعد ثورة 25 يناير، وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تتبوأ حاليا دور «السنيد» لمؤازرة الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين الحاكمة، وهو الدور نفسه الذي لعبه حزب النور السلفي العام الماضي قبل أن ينقلب على الإخوان وينهي ما أطلق عليه حينها «شهر العسل».

وحذر سياسيون من أن «تستعيد الجماعة الإسلامية ماضيها العنيف إذا ما سارت الأمور على غير مبتغاها» ونجحت القوى المدنية في استعادة السلطة مرة أخرى من الإسلاميين.

لكن قياديين في الجماعة الإسلامية أكدوا أن انخراطهم في العمل السياسي بعد الثورة يأتي في إطار المراجعات الفكرية التي قاموا بها منذ سنوات، والتي نبذت العنف، وأن دعمهم لجماعة الإخوان ضد معارضيهم، هدفه الحفاظ على الشرعية واحترام إرادة الشعب الذي مكنهم من الحكم عبر صناديق الانتخابات.

ونظمت الجماعة الإسلامية مؤخرا أكثر من مظاهرة حشدت فيها الآلاف من أنصارها بالقاهرة وعدد من المحافظات لدعم الرئيس مرسي في وجه معارضيه، الذين يطالبونه بالتنحي، كما أطلق عاصم عبد الماجد القيادي بها حملة باسم «تجرد» لجمع توقيعات تأييد للرئيس مرسي، في مواجهة حملة «تمرد» المضادة، وتزعم الحركة أنها نجحت حتى الآن في جمع 11 مليون توقيع.

وأمس فاز الدكتور طارق الزمر، أحد مدبري عملية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، برئاسة حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، والذي تم تدشينه عقب ثورة 25 يناير بعد خروج قادة الجماعة من السجون، المعتقلين بها منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

وحصل حزب البناء والتنمية على 13 مقعدا في آخر انتخابات برلمانية أجريت بعد الثورة، في إطار تحالف مع أحزاب إسلامية أخرى. ومنذ أسابيع نصب الرئيس مرسي أحد قيادييها ويدعى عادل الخياط في منصب محافظ الأقصر، لكنه واجه رفضا شعبيا كبيرا وضغوطا اضطر على أثرها لأن يقدم استقالته.

يقول الدكتور نبيل عبد الفتاح، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن «الفكرة السلفية مكون رئيسي ضمن آيديولوجيا وخطاب جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، مع التفاوت فيما بينهما في حجم هذا المكون السلفي، وبالتالي فهناك صلة ما بينهما تبرر هذا التحالف المعلن في الفترة الحالية، رغم وجود تمايز كبير أيضا».

وأوضح عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد خروج بعض العناصر المنتمية إلى الجماعة الإسلامية من السجون سواء عن طريق المراجعات أو العفو الرئاسي الذي منحه لهم الرئيس مرسي فور تسلمه السلطة، أصبح هناك شكل من أشكال التحالف أو صفقة سياسية ما تمت بينهما»، مضيفا «هناك محاولة لرد ما يمكن أن نسميه الجميل لجماعة الإخوان».

واعتبر عبد الفتاح أن «هذه الحالة التحالفية تأتي في إطار أن كليهما في قارب سياسي واحد الآن في مواجهة معارضين يرغبون في إقصاء الإسلاميين عن السلطة يتسع نطاقهم يوما بعد آخر، وأي تحالف فرضته ظروف بين الطرفين، قد يفترق في أعقاب انتصار قوى المعارضة».

وقامت الجماعة الإسلامية، التي نشأت أوائل السبعينات لإقامة «الدولة الإسلامية»، بأعمال عنف ضد الدولة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، منها اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وحادث الأقصر الإرهابي عام 1997، والذي قتل فيه 58 سائحا غربيا. وزعيمها الروحي الشيخ عمر عبد الرحمن معتقل حاليا في الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب.

ونبذت الجماعة العنف قبل أكثر من عشر سنوات في مراجعات شهيرة. لكن الدكتورة هالة مصطفى، أستاذ العلوم السياسية، حذرت من أن «نبذ الجماعة للعنف مرتبط بمسألة محددة وهي وجود حاكم ينتمي للتيار الإسلامي في السلطة مثل الرئيس مرسي، وأنه في حالة وجود حاكم آخر فإن المسألة ستختلف».

وقالت مصطفى لـ«الشرق الأوسط» إن «انتفاضة الجماعة الإسلامية الحالية وتأييدها للرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بشكل لافت، واستعدادها لبذل التضحيات من أجل ذلك، يمكن تفسيره في إطار سماح الرئيس مرسي بخروج الجهاديين من السجون وعودتهم من خارج البلاد».

في المقابل، برر الدكتور طارق الزمر، الرئيس الجديد لحزب البناء والتنمية، موقف جماعته الداعم للإخوان قائلا: «ليس أمامنا إلا الوقوف بجانب الشرعية والتمسك بالدفاع عنها»، مؤكدا أنه «لا بد من احترام نتيجة الإرادة الشعبية التي جاءت عبر صناديق الانتخابات، لأنه إذا سقط مرسي لن يستمر رئيس بعده». ونفى أشرف سيد، عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية، وجود أي صفقات بين الجماعة والإخوان، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لو أن ذلك صحيح لنالت الجماعة الإسلامية أكثر من منصب، لأنها قدمت الكثير، لكنها لا تنتظر مقابلا على دعمها هذا، لأنها تقف بجانب الشرعية وإرادة الشعب الذي انتخب الرئيس مرسي ولا يمكن عزله قبل انتهاء مدته».