مختبرات باريس العسكرية تؤكد إصابة 18 شخصا في دمشق بغاز السارين

مصادر دبلوماسية: طرفا الصراع في سوريا لا يجدان فائدة من «جنيف2»

فتاة تسير في أحد شوارع دير الزور المدمرة أمس (أ.ف.ب)
TT

أظهرت تحاليل أجراها مختبر فرنسي متخصص لعينات أحضرها صحافيون يعملون لحساب صحيفة «لوموند» الفرنسية بعد هجوم حصل منتصف أبريل (نيسان) في جوبر (شرق دمشق)، وجود 13 حالة إصابة بغاز السارين، وفق ما أفادته الصحيفة أمس. وكان صحافيو «لوموند» جلبوا 21 عينة تم تحليلها في مختبر تابع للإدارة العامة للتسلح التابعة لوزارة الدفاع الفرنسية.

وكتبت الصحيفة في عددها الصادر أمس أن «7 (عينات) استحال تحليلها أو كانت نتيجتها سلبية. في حين جاءت نتائج 14 عينة لـ13 ضحية إيجابية وأثبتت وجود السارين في البول (8 مرات) وفي الشعر (مرتين) وفي الملابس (3 مرات) وفي دم ضحية وجد أيضا السارين في ثيابه».

ويعتبر غاز السارين من الأسلحة الكيماوية الفتاكة ويتميز بأنه بلا رائحة ولا يمكن رؤيته. وبالإضافة إلى التنشق، فإن مجرد حصول احتكاك لهذا الغاز مع البشرة يؤدي إلى إعاقة نقل السيال العصبي ما يؤدي إلى الوفاة جراء توقف نشاط القلب والجهاز التنفسي. ومن بين العينات التي جمعها صحافيو «لوموند»، ملابس متروكة عند خطوط الجبهة وأخرى تم أخذها من مركز طبي في ريف دمشق حيث تمت معالجة أشخاص تعرضوا لهجمات كيماوية في أبريل ومايو (أيار) الماضيين بحسب الصحيفة.

وكانت فرنسا اتهمت في 4 يونيو (حزيران) نظام الرئيس بشار الأسد باستخدام غاز السارين على الأقل مرة واحدة في سوريا. وبعد 10 أيام من ذلك اتهمت الإدارة الأميركية نظام الأسد باستخدام غاز السارين ضد المعارضة المسلحة.

في غضون ذلك، قالت مصادر دبلوماسية غربية في باريس إن مؤتمر «جنيف2» الذي تأخر موعد انعقاده «غاب في الوقت الحاضر عن شاشة الرادار» ولم يعد الأولوية التي يسعى إليها الأطراف المعنية بالحرب في سوريا «رغم التأكيدات العلنية» الصادرة من هنا وهناك. وأفادت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن الطرفين السوريين الداخليين «لا يجدان فائدة» اليوم في الذهاب إلى طاولة المفاوضات. فالنظام والأطراف التي تدعمه يعتبرون، وفق ما قالته هذه المصادر، أن «لا مصلحة للرئيس الأسد ونظامه في التوجه إلى جنيف في الوقت الذي تحقق فيه قواته تقدما على الأرض». والاعتقاد السائد أنه كلما استعادت قواته السيطرة على الأراضي التي خسرتها في الأشهر الـ22 الماضية، خصوصا في المناطق الاستراتيجية: «كلما أفرغ مؤتمر جنيف2 من مضمونه وبالتالي سيصبح لا لزوم له». وبانتظار استكمال النظام السيطرة على ما يعتبرها «المناطق المفيدة» في سوريا، فاته «يناور ويعلن الاستعداد للتوجه إلى جنيف ولكن من غير شروط أي من غير بحث في مصير النظام ورئيسه بالدرجة الأولى».

أما على الجانب الآخر، فترى هذه المصادر أن المعارضة «السياسية والمسلحة» «غير مستعجلة» للتوجه إلى جنيف وذلك لسببين رئيسيين: الأول، أنها تحتاج لمزيد من الوقت لتنتهي من ترتيب أوضاعها الداخلية على المستوى السياسي والتنظيم العسكري. والثاني، لمحاولة «استعادة المبادرة العسكرية» أي للعودة إلى نوع من التوازن العسكري الميداني بفضل السلاح الذي بدأ بالوصول إليها من مصادر خليجية وعربية ودولية. وحتى الآن، لم ينته الائتلاف الوطني السوري من توسيع قاعدته ولم ينتخب رئيسا جديدا له ولم يعين حكومة طال انتظارها وخصوصا أنه «لم ينجح بعد في تحديد استراتيجية واضحة لجهة قبول التوجه إلى جنيف وتشكيل وفد موحد وتحديد الخطوط السياسية التي سيتعين عليه التفاوض من ضمنها». وما زال الائتلاف يراهن على تسلمه للسلاح العربي والغربي الذي سيمكنه من «تحقيق التوازن» الميداني وإرسال إشارة واضحة للنظام مفادها أن القضاء على المعارضة عسكريا «أمر لن يتحقق» وبالتالي يتعين عليه التفاوض.

وكشفت هذه المصادر أن اجتماع الدوحة الأخير للدول الـ11 أفضى إلى «إعطاء الضوء الأخضر الأميركي» لكل الأطراف التي تريد مساعدة المعارضة المسلحة «لكن شرط حصرها بالكتائب الموثوق فيها من الجيش السوري الحر وبالتنسيق مع اللواء سليم إدريس» الذي أصبح «المحاور الأهم» للغربيين.

بيد أن قرار التسليح الذي توصلت إليه المجموعة الأساسية لأصدقاء الشعب السوري في الدوحة «لم يغيب كل الأسئلة» التي ما زال الغربيون يتطارحونها، بحسب ما أفادت به المصادر المشار إليها التي تعترف أن «لا أحد يملك رؤية ما لما سيكون عليه الوضع في سوريا غدا وما يمكن أن يحدث في اليوم التالي لسقوط النظام السوري» في حال سقوطه. وأكثر من ذلك، دعت هذه المصادر إلى اعتبار أن الحرب في سوريا «خرجت من نطاقها المحلي الضيق والإقليمي المباشر وتحولت إلى نزاع أوسع يطال المصالح الأساسية والعليا للدول الرئيسية الكبرى وللقوى الإقليمية». ومن هذا المنظور، تعود مسألة التسليح لتطرح طرف التعامل مع المجموعات الأصولية والجهادية الموجودة في سوريا وفي المنطقة و«كيفية التعاطي معها اليوم وغدا»، بحسب ما قالته هذه المصادر.