المنطقة الجنوبية تحت سيطرة نظام الأسد خلال أسابيع إن لم يصل «السلاح النوعي»

قادة ميدانيون يحذرون من «انتكاسات» على الأرض بسبب بطء الإمداد

TT

يخشى الثوار السوريون أن الأسلحة التي وعدتهم بها مؤخرا الولايات المتحدة والدول الداعمة الأخرى لن تصل في الوقت المطلوب بالنسبة لهم لتحقيق انتصارات ضد قوى الرئيس بشار الأسد. ووفقا لقادة الوحدات العسكرية في جنوب سوريا فإنه إن لم تبدأ الأسلحة المطلوبة بالتدفق إلى سوريا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فمن المرجح أن يتعرض الجيش الحر لنكسات على الأرض على يد القوات الموالية للأسد، التي يدعمها حزب الله اللبناني وعدد غير معلوم من المقاتلين الإيرانيين.

«نرحب بتصريح السبت، ولكن لا يمكننا تحمل أي تأجيلات أخرى»، يقول أبو ضياء الدرعاوي، القائد الميداني في محافظة درعا (جنوب) والذي على غرار آخرين أجريت مقابلات معهم، لم يكشف اسمه الحقيق واكتفى بذكر اسمه الحركي. ويضف الدرعاوي أن «كتيبتي التابعة للجيش السوري الحرّ خسرت مؤخرا مواقع في إتلا وبصرى الشام لصالح قوات الأسد، التي كان يدعمها حزب الله». ويقول أبو محمد النعيمي، قائد ميداني آخر إنه «ما لم تكن لدينا أسلحة ثقيلة بنهاية الأسبوع، فسوف نفقد جنوبي سوريا»، مضيفا أن مجموعة من 800 مقاتل شاركت في مناوشات مع القوات الموالية الأسد خارج مدينة الشيخ مسكين الجنوبية.

وعلى الرغم من أن الاتفاق الذي تم الوصول إليه في العاصمة القطرية الدوحة السبت الماضي، والذي حضره إلى جانب وزير الخارجية الأميركي جون كيري وزراء خارجية 10 دول أوروبية وشرق متوسطية، لم يحدد نوع الأسلحة التي سترسل إلى الثوار أو ماهية الدول التي ستمد بها، فإن دبلوماسيين حضروا المؤتمر الدوحة أكدوا أن دولا عربية على استعداد لإمداد الجيش الحرّ بصواريخ محمولة على الأكتاف مضادة للطائرات وقذائف مخترقة للدروع لاستخدامها ضد مروحيات ودبابات الأسد.

ويلقي الوضع الميداني المتدهور في الجنوب بظلاله على اللاجئين السوريين في الأردن؛ ففي الأيام الأخيرة، تدفق آلاف الشباب من مخيم اللاجئين الرئيس في الأردن للعودة إلى الوطن لتأمين بلداتهم ومواصلة القتال. وأشار لاجئون سوريون أجريت مقابلات معهم في مخيم الزعتري إلى أنهم عائدون نظرا لخشيتهم من تكبد الثوار خسائر واكتساح القتال المناطق الآمنة على طول الحدود بين سوريا والأردن.

وراقبت قوات الجيش والاستخبارات في الأردن عن كثب تحرك الثوار السوريين عبر حدودهم، وفرضوا قيودا على تهريب الأسلحة الثقيلة. لكن مسؤولين أميركيين ذكروا أن واشنطن تستعد لتوصيل شحنات محدودة من الأسلحة والذخيرة إلى الثوار السوريين عبر القواعد السرية في تركيا والأردن. وقال مسؤول شرق أوسطي رفيع المستوى الأسبوع الماضي إنه على الرغم من أن غالبية الأسلحة قد دخلت سوريا عبر تركيا حتى الآن، فإن ثمة خططا لتكثيف استخدام الحدود الأردنية مع زيادة تدفق اللاجئين. وعلى الرغم من شكوكهم إزاء وصول الأسلحة بالأساس، فقد سرد قادة الثوار الذين يتزعمون المقاتلين في جنوبي سوريا قائمة أسلحة مرغوبة منها «ستينغر» و«ميلان» و«دراغون» و«جوستاف»، وهي أسماء تجارية لصواريخ مضادة للطائرات وقذائف خارقة للدروع. وقال قادة الثوار، الذين أجريت مقابلات معهم في شمالي الأردن، إنهم بحاجة إلى 50 قطعة من تلك الأسلحة على الأقل لكل كتيبة مؤلفة من 1000 رجل لمواجهة الجيش السوري.

«لا نملك شيئا سوى أسلحة عتيقة لاستخدامها في القتال في معركة حديثة. نحن لا نطلب طائرات نفاثة أو دبابات، ولكن الأسلحة التي نحتاجها هي للدفاع عن أنفسنا ضد الطائرات والدبابات»، بحسب أبو عمر الجولاني، قائد إحدى كتائب الجيش السوري الحر الذي حاربت قواته قوات الأسد هذا الشهر من أجل السيطرة على القنيطرة على طول الحدود مع هضبة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل. إن الوحدة التي يبلغ عدد ثوارها نحو 500 ثائر في المتوسط في جنوبي سوريا مجهزة بأسلحة خفيفة، مثل «إيه كي - 47» وقذائف هاون وقنابل يدوية ومجموعة من قاذفات القنابل الصاروخية التي تملك قوة السلاح اللازمة لتفجير سيارة عادية، وليس مدرعة مصفحة، بحسب الجولاني.

وقال هو وقادة ثوار آخرون إنهم لم يتلقوا أسلحة أو أي دعم عسكري آخر من قوى غربية أو دول عربية. بل سرقوا أسلحة من قوات الأسد واشتروها من تجار أسلحة إقليميين أو سرا من مصادر عسكرية سورية. وقالوا إنه بالمقارنة، حصلت وحدات إسلامية أكثر تطرفا على شحنات خاصة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة من مانحين أثرياء في الشرق الأوسط عبر تركيا. وقال محمد الزعبي، وهو واحد من بين عشرات المهربين المتمرسين في مدينة الرمثا على الحدود الأردنية، إن الشاحنات العادية المفتوحة من الخلف والحدود المفتوحة عاملان ربما ييسران إمداد الثوار في مدينة درعا جنوبي سوريا بآلاف الصواريخ بمجرد تلقيهم الضوء الأخضر وشحنات الأسلحة. «إذا فتحوا الحدود، ربما تصبح الأردن نقطة دخول أسلحة لسوريا بأكملها» هذا ما قاله الزعبي، 45 سنة، مضيفا أن تهريب الأسلحة إلى سوريا قد «توقف» بسبب إحكام الأمن على طول الحدود.

ونظرا لعدم القدرة على إمداد المقاتلين بالغذاء أو المعدات، بحسب مسؤولين من الثوار، سرعان ما تستولي عليها منهم الميليشيات الإسلامية الممولة جيدا، مثل جبهة النصرة. وقال قائد بالجيش السوري الحر انشق عن جيش الأسد ويعرف نفسه بوصفه معتدلا إن 150 من رجاله قد فروا الشهر الماضي وحاولوا الانضمام لصف إحدى الميلشيات الإسلامية، نظرا لأنهم كانوا قد سئموا من نقص الغذاء والوقود وعدم كفاية الأسلحة.

* خدمة «واشنطن بوست»