تنازع على السلطة في منطقة كردية يودي بحياة ستة مدنيين

«بي واي دي» يقول إن «مرتزقة» قتلوا أحد عناصره.. وناشطون ينفون

TT

فرضت اللجان الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «بي واي دي» حظرا للتجول أمس في مدينة عامودا بمحافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا)، غداة قتل مسلحين من الحزب لـ6 متظاهرين، بينهم طفلة تبلغ من العمر 12 سنة وطفل عمره 15 عاما.

وقال الناشط الميداني سالار الكردي لـ«الشرق الأوسط» إن «أحداث اليوميين الأخيرين هما نتيجة تراكم تجاوزات قام بها (بي واي دي) منذ نحو أسبوع، بدأت باعتقال نشطاء الثورة في المدينة وانتهت بتسليمهم إلى فرع الأمن العسكري في القامشلي التابع لنظام (الرئيس بشار) الأسد قبل يومين».

ويؤكد الناشط أن «بي واي دي» اعتقلت نشطاء مدينة عامودا، واقتادتهم إلى جهة غير معلومة، ما دفع زملاءهم في الثورة إلى الإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام ونصب خيام أمام مقرات الحزب للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. «وتحت ضغط الشارع»، يضيف الكردي «أطلق (بي واي دي) سراح النشطاء ففك المعتصمون خيامهم وعلقوا الإضراب عن الطعام، لكننا تفاجأنا أن عناصر الحزب عادوا لاعتقال نشطاء المدينة، ليسلموهم هذه المرة لعناصر الأمن العسكري في القامشلي». وأدى ذلك إلى خروج مظاهرة مسائية أول من أمس تنديدا بتسليم النشطاء لنظام الرئيس بشار الأسد فأطلق الحزب الرصاص الكثيف على المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص بينهم الطفلة شيخة عليكا (12 عاما) والطفل سعد عبد الباقي سيدا (15 عاما).

من جانبه، أعلن «بي واي دي»، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، أن مسلحين «من المرتزقة» قتلوا أول من أمس أحد عناصره في المدينة الواقعة على الحدود التركية وعلى مسافة 700 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من دمشق. وعلى الفور هاجمت قوات تابعة لهذا الحزب مقرات عدد من الأحزاب الكردية، وأحرقت مقرات حزب اليكيتي والديمقراطي الكردي السوري «البارتي» وحزب آزادي الكردي، وهي أحزاب كردية انشقت عن المجلس الوطني الكردي وشكلت تحالفا سياسيا هدفه بسط نفوذها بدعم من حزب بارزاني داخل المناطق الكردية السورية.

وأكد شيرزاد اليزيدي الناطق الرسمي باسم «مجلس شعب كردستان» التابع لـ«بي واي دي» في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «المهاجمين حاولوا الاندساس بين متظاهري عامودا الذين خرجوا للتنديد بالقتال الكردي الكردي، ولاحقتهم قوة تابعة لحزب الاتحاد، وأدى تبادل إطلاق النار هناك إلى مقتل عدد من المتظاهرين وجرح أعداد أخرى». ووصف اليزيدي ما يجري بعامودا بـ«مخطط إقليمي هدفه ضرب أمن واستقرار المناطق الكردية بعد أن تولت قوات الحماية الشعبية هناك الملف الأمني، وحافظت طوال السنوات الأخيرة على الوضع الأمني، وكذلك بعد تبلور المؤسسات الشرعية الممثلة بالهيئة الكردية العليا».

ويطلق بعض الأكراد اسم «المرتزقة» على التنسيقيات الناشطة على الأرض مع المعارضة السورية متهمين إياها بالرغبة بإدخال الجيش الحر إلى المناطق الكردية، الأمر الذي تنفيه التنسيقيات.

من جانبه، أصدر الائتلاف الوطني السوري بيانا ندد فيه بالسلوكيات القامعة للحريات العامة، خاصة فيما يتعلق بحريات التجمع والتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي. وأضاف البيان أن الائتلاف يتوجه إلى كافة الأطراف في مدينة عامودا، مطالبا بضرورة ضبط النفس، وتحكيم العقل والتعاطي مع الأحداث بمسؤولية تراعي الأوضاع الراهنة، وعدم السماح لأي ظروف أو حوادث أو تدخلات بجر أبناء البلد إلى حيث يريد النظام بالضبط من تفرق وتنازع.

في غضون ذلك، أطلق مراد قريلان رئيس اللجنة القيادية لحزب العمال الكردستاني الذي يعتقد أن حزب «بي واي دي» هو جناحه السوري، مبادرة لحل الخلافات القائمة بين أحزاب المجلسين الوطني الكردي وشعب غربي كردستان، والعودة إلى إطار الهيئة الكردية العليا. وقال قريلان في تصريحات نقلتها وكالة «فرات نيوز» المقربة من حزبه إن «ما يجري في كردستان سوريا أمر غير مقبول، فكما نرفض سلطة الحزب الواحد هناك، فإن سلطة الحزبين أيضا غير مقبولة، ويفترض أن تدار السلطة من قبل الجميع، وهناك إطار يحقق ذلك وهو الهيئة العليا الكردية التي تمثل الشعب، ولا نريد أن ينفرد حزب أو اثنان باحتكار السلطة هناك، لأنها ستتحول إلى سلطة حزبية، في حين يفترض أن تكون السلطة بيد الشعب، وأن تكون هناك إدارة قومية يتمثل فيها جميع الأحزاب والقوى السياسية».