وزير مغربي ينتقد شروط الجزائر لإعادة فتح الحدود ويعلن أن بلاده ليست ملزمة بتلقي دروس من أحد

العمراني اعتبرها مقاربة خطيرة تذكر بثقافة الحرب الباردة

وزير الخارجية الروسي لافروف ونظيره المغربي العثماني يتصافحان أثناء مؤتمر صحافي في موسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

انتقد يوسف العمراني، الوزير في وزارة الخارجية المغربية، الشروط الثلاثة التي وضعتها الجزائر من أجل إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ عام 1994، واعتبرها «مقاربة خطيرة» تذكر بثقافة الحرب الباردة.

وأوضح العمراني أن «حسن الجوار والتعاون قيم كونية ودولية لا يمكن رهنها بحالات نفسية وتقلبات مزاجية»، على حد تعبيره. جاء ذلك ردا على تصريحات سابقة لمسؤول جزائري أكد فيها أن لدى الجزائر ثلاثة شروط من أجل إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين، وهي «الوقف الفوري لحملة تشويه إعلامي يقوم بها المغرب ضدها، والتعاون الكامل والعملي والفعّال لوقف تهريب المخدرات نحو الجزائر، إضافة إلى اعتراف المغرب نهائيا، بأن الجزائر لديها موقف ثابت ولا رجعة فيه بشأن مسألة الصحراء المغربية».

وكانت الخارجية المغربية قد انتقدت بشدة تلك الشروط واعتبرتها تنكرا لالتزامات سابقة للجزائر تقضي بفصل نزاع الصحراء عن العلاقات الثنائية بين البلدين. جدير بالذكر أن موضوع الحدود يطرح بإلحاح في كل الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الجزائريين والمغاربة. وكان دحو ولد قابلية، وزير الداخلية الجزائري قد زار الرباط للمشاركة في اجتماع وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي الذي عقد في 22 أبريل (نيسان) الماضي، وقال إن الحدود لا شك ستفتح بيد أنه لا بد قبل ذلك من حل عدد من القضايا العالقة. ودأبت الرباط على تفادي الرد على التصريحات التي تصدر عن المسؤولين الجزائريين بهذا الشأن، آملا في تحسن العلاقات بين البلدين، حتى إن الإعلام المحلي انتقد «استجداء» المغرب للجزائر من أجل فتح الحدود. لكن يبدو أن لغة الخطاب تغيرت بسبب تعنت الجار الجزائري.

وفي هذا السياق، قال العمراني في تصريحات أدلى بها للقناة التلفزيونية المغربية الثانية الليلة قبل الماضية، إنه «لا يحق لأحد رهن مصير منطقة وشعبين شقيقين».

وتعليقا على الشروط الجزائرية الثلاثة، قال العمراني: بالنسبة للشرط الأول الذي تضعه الجزائر، أي حملة التشويه المزعومة التي تشنها وسائل الإعلام المغربية، فإنه خلافا لذلك، فإن المغرب كلما دعا يوما لبناء علاقة قوية مع الجزائر، إلا وكان موضع هجمات عمياء وغير مبررة من قبل الصحافة الجزائرية.

وقال الوزير المغربي إنه لا يكاد يمر يوم دون أن يعبر المغرب عن انخراطه من أجل تعزيز المغرب الكبير وانبعاث نظام مغاربي جديد، كما يقترح ذلك الملك محمد السادس.

وبخصوص الشرط الثاني أي ادعاءات تتعلق بتجارة المخدرات والتهريب، ذكر العمراني أن المغرب وشبابه هم بالأحرى ضحايا انتشار الأقراص المهلوسة والمخدرات الصلبة التي تدخل بشكل غير قانوني من التراب الجزائري. وتساءل قائلا «لماذا لا تثير الجزائر هذه القضايا أثناء الاتصالات بين مسؤولي البلدين، لماذا لم تجب الجزائر بعد عن المقترح المغربي الرسمي بشأن إرساء لجنة مشتركة لمعالجة مجموع هذه القضايا، ومنذ متى تتم محاربة التهريب عبر إغلاق الحدود ووقف التعاون الجمركي والأمني؟». وشدد المسؤول المغربي على أن بلاده «ليست ملزمة بتلقي دروس من أحد»، مبرزا أن عمل المملكة اليوم ضد الاتجار في المخدرات مشهود له سواء على الصعيد الثنائي أو على مستوى المجتمع الدولي.

وأضاف «أحيل جميع أولئك الذين ينكرون جهود المغرب للاطلاع على تقارير كتابة الدولة الأميركية والمؤسسات الأممية المختصة مثل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة والهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، التي أشادت كلها بعمل المغرب في هذا المجال»، مشيرا إلى أنه متى توفرت الثقة والإرادة السياسية، لا يمكن للتعاون الثنائي إلا أن يكون ناجحا ومثمرا في هذا المجال. وأبرز أن هذا الأمر ينطبق على «تعاوننا مع إسبانيا والبلدان الأفريقية الصديقة». وأشار المسؤول المغربي إلى أن محاربة التهريب بجميع أشكاله مسؤولية مشتركة، مضيفا أنه على الجزائر الانخراط كليا في إطار مقاربة متوافق بشأنها لمواجهة هذه الآفات. وبخصوص الشرط الثالث الذي يربط بين نزاع الصحراء ومسار التطبيع بين البلدين، أشار الوزير إلى أن «الجزائر تضع دعمها لأعداء وحدتنا الترابية فوق أي اعتبار، سواء العلاقة الثنائية أو البناء المغاربي أو حتى بناء فضاء للسلم والازدهار المشترك في المتوسط»، في إشارة إلى جبهة البوليساريو الانفصالية، وأضاف «نلاحظ اليوم أن الجزائر تخلف، بصفة أحادية، التزاما تم الاتفاق عليه على أعلى مستوى وتجدد التأكيد عليه مرات عدة، بشأن فصل تدبير ملف الصحراء المغربية عن تطور العلاقات الثنائية».

وقال العمراني «أعتبر أن الجزائر تتناقض مع نفسها. الأمر يتعلق بخطاب جديد أو بالأحرى بموقف جديد»، مضيفا أن الجزائر مدعوة لتوضيح موقفها.

وتابع «إذا كانت الجزائر تعتبر نفسها طرفا في هذا النزاع الإقليمي، فعليها الانخراط بحسن نية وضمن روح التوافق في البحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه، وفق المحددات التي وضعها مجلس الأمن»، مذكرا بأن القرار الأخير للمجلس دعا الجزائر للوفاء بالتزاماتها الدولية إزاء سكان مخيمات تندوف عبر السماح بإحصائهم وحماية حرية التنقل.

وعد العمراني هذا القرار بأنه عزز الموقف المغربي وتوج جهود وعمل الملك محمد السادس. وأضاف أنه إذا كانت الجزائر لا تعتبر نفسها طرفا في هذا النزاع الإقليمي، فمن المشروع التساؤل عن هذا الشرط. وقال العمراني إن المغرب، في جميع الأحوال، سيواصل العمل، كما في الماضي، تحت قيادة الملك محمد السادس، وبحسن نية من أجل انبعاث علاقة قوية مع الجزائر أساسها حسن الجوار والاحترام المتبادل باعتبارهما موجهين أساسيين للسياسة الخارجية المغربية.