قلق غربي من تطورات الأزمة المصرية وأوباما يحث مرسي والمعارضة على الحوار

البنتاغون وضع خططا احترازية.. وعائلات دبلوماسيين تغادر القاهرة

TT

في وقت دعا فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما، نظيره المصري محمد مرسي وأحزاب المعارضة إلى نبذ العنف وبدء حوار بناء، أعربت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة أمس عن بالغ القلق من تداعيات الموقف السياسي في البلاد ووصول الخلاف بين الفرقاء المصريين إلى نقطة يمكن أن تؤدي إلى انزلاق الدولة إلى موجة من العنف لا تعرف عواقبها، مشيرة إلى بدء مغادرة عائلات لدبلوماسيين للعاصمة قبل ساعات من مظاهرات يتوقع اقترانها بموجة عنف اليوم (الأحد).

ويرفع طرفا الصراع السياسي في مصر شعارات معادية للغرب. ويتهم أنصار الرئيس مرسي دولا غربية على رأسها الولايات المتحدة بدعم المعارضة التي تسعى لإسقاط نظام «الحكم الإسلامي». وفي المقابل يتهم معارضو الرئيس مرسي، إدارة الرئيس أوباما بدعم حكم جماعة الإخوان المسلمين. ويرفع آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير منذ يوم أول من أمس الجمعة لافتات عليها صور أوباما وكلمات تقول إنه «راعي الإرهاب»، في إشارة إلى مزاعم عن دعمه للإخوان، كما ظهرت صور أخرى للسفيرة الأميركية تدعو لطردها من مصر.

وسقط طالب أميركي و6 مصريين قتلى في اشتباكات وقعت بين أنصار الرئيس والمعارضة في مدينة الإسكندرية الساحلية وفي الدلتا خلال اليومين الماضيين. ومع انسداد أي حل سياسي حتى الآن يزداد التوتر في مصر قبل ساعات من المظاهرات التي تطالب برحيل مرسي. وفي مشاهد تظهر خطورة الأوضاع في مصر عثرت الشرطة على شاحنات صغيرة وحافلات محملة بأسلحة وأدوات قتال على مشارف القاهرة خلال اليومين الماضيين. كما انفجرت عبوة ناسفة وسط حشد من المتظاهرين المعارضين للرئيس مرسي في مدينة بورسعيد الواقعة على المجرى الملاحي الدولي بقناة السويس، وأدت لمقتل رجل وإصابة نحو 10 آخرين. وفي أعقاب مظاهرات ضخمة في مدن القناة مناوئة لمرسي واقترنت بالعنف وسقوط قتلى، مطلع العام الحالي، لجأ الرئيس لفرض حالة الطوارئ، وقام الجيش بتأمين قناة السويس.

وظهرت على شاشات التلفزة أمس حشود من الإسلاميين وهم يؤدون تمارين بدنية على القتال في منطقة رابعة العدوية القريبة من القصر الرئاسي بشرق القاهرة. وظهرت طوابير منهم تركض في حلقات دائرية وتحمل العصي والخوذات والمصدات الحديدية. وهدد عدد من القادة الإسلاميين الداعمين لمرسي المعارضين قائلين إن «من يرش الرئيس بالماء سنرشه بالدم»، وإن المساس بشرعية الرئيس المنتخب «خط أحمر».

وفي تصريحات تعكس الموقف المتأزم في مصر، حث الرئيس أوباما أمس نظيره مرسي وأحزاب المعارضة على نبذ العنف وبدء حوار بناء، وذلك في مؤتمر صحافي له في جنوب أفريقيا. وعلق أوباما على اشتباكات الجمعة، قائلا: «بالطبع كلنا نتابع الوضع بقلق». ودعا الأطراف المعنية إلى نبذ العنف، وأشار إلى أن زعزعة الاستقرار في مصر يمكن أن يمتد إلى الدول المجاورة، موضحا أن الحكومة الأميركية اتخذت إجراءات لضمان أمن سفارتها وقنصلياتها وموظفيها الدبلوماسيين في مصر.

وبالتزامن مع تصريحات أوباما، جرى وضع قوة قوامها 200 جندي من مشاه البحرية الأميركية المتمركزة في جنوب أوروبا، على أهبة الاستعداد للذهاب إلى مصر كإجراء احترازي لمواجهة المظاهرات والاضطرابات المحتملة في مصر، ولحماية السفارة الأميركية في القاهرة. وقال مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية لشبكة «سي إن إن» الأميركية إنه يمكن نقل قوات المارينز من كل من إيطاليا وإسبانيا خلال ساعة واحدة من تلقيهم أوامر للتحرك باستخدام طائرات من طراز v-22 قادرة على حمل قوات وأسلحة لتوفير الحماية للسفارة الأميركية وموظفيها والمواطنين الأميركيين في حال اندلاع أعمال عنف قد تستهدفهم. ومن جانبها أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا للمواطنين الأميركيين المسافرين إلى مصر أو الذين يعيشون فيها لإرجاء السفر غير الضروري إلى مصر في هذا الوقت نظرا لاحتمال استمرار الاضطرابات السياسية والاجتماعية. وذكرت السفارة الأميركية في القاهرة في رسالة لرعاياها أمس إن الخارجية الأميركية أذنت كذلك أمس برحيل عدد محدود من موظفيها من مصر ممن لا يرتبط عملهم بحالات الطوارئ وكذا أفراد أسرهم بسبب الاضطرابات السياسية والاجتماعية بمصر. وقالت مصادر في مطار القاهرة الدولي وتقارير محلية إن الألوف من الأسر الأجنبية والعربية بدأت عمليات خروج من البلاد طوال الأسبوع الماضي، وحتى يوم أمس، هربا من الأحوال الأمنية السيئة التي تمر بها البلاد في ظل الاستقطاب السياسي وما يقترن به من أعمال عنف في الشارع، خاصة مع توقعات بتدهور الأحوال في البلاد قبل ساعات من المظاهرات المناوئة لحكم الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين المقرر لها اليوم الأحد. ونقلت تقارير محلية عن مصادر في مطار القاهرة الدولي أن نحو 50 أسرة أميركية من العاملين بسفارتها غادرت مصر أمس في طريقها إلى أوروبا.

على صعيد متصل نظم آلاف المصريين الأميركيين مسيرات سلمية أمام البيت الأبيض والكونغرس في واشنطن وأخرى في نيويورك أمام مبنى الأمم المتحدة إضافة إلى وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية في واشنطن والقنصليات التابعة لها في لوس أنجليس ونيويورك وبوسطن وشيكاغو. ورفع المتظاهرون صورا للرئيس المصري محمد مرسي وعليها شعارات ارحل ولافتات تطالب الرئيس أوباما بوقف مساندة الولايات المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين، وطالبت الهتافات بدعم نضال الشعب المصري ضد ما سمته «الفاشية الإخوانية».