مبادرة أميركية من ثلاثة بنود لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين

«يوم الراحة المطلقة» يجبر كيري على تمديد فترة بقائه في الأردن يوما إضافيا

TT

أثار إلغاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري لزيارة كانت مقررة أمس للإمارات العربية المتحدة تكهنات حول حدوث انفراج في مسار مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المتوقفة منذ نحو 3 سنوات. وعلى الرغم من أن اليهود يتوقفون عن العمل ويعتبرون السبت يوم راحة مطلقة، فإن كيري أصر على مواصلة النقاشات، فالتقى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس أول من أمس في «عشاء سبتي»، ملغيا التقاط الصورة التذكارية مع بيريس احتراما لـ«قدسية السبت»، ومن ثم التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أمس، بعد انقضاء عطلة السبت.

وتبدي السلطة الفلسطينية مرونة في التعامل مع جولات كيري المكوكية، حتى لا يتهم الفلسطينيون بنسف جهوده وتخريب السلام. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة أمس إن الإدارة الأميركية قدمت مبادرة من 3 بنود لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل تشمل ضمانات للفلسطينيين. وأضافت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن البند الأول يتعلق بإجراء مفاوضات على أساس حدود عام 1967، وليس وفق حدود الأمر الواقع التي فرضتها إسرائيل على الأرض حاليا. أما الثاني فيتمحور حول ضرورة تجميد الاستيطان في المستوطنات الإسرائيلية، على أن يكون التجميد مرتبطا ببدء عملية المفاوضات، ويتم تمديد قرار التجميد في كل جولة تفاوضية حسب مدة استئنافها. وأخيرا، البند الثالث، إطلاق سراح أسرى فلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وعددهم 120 أسيرا.

وكان من المفترض لكيري أن يغادر العاصمة الأردنية عمان أمس، بعد زيارة استغرقت 3 أيام، لكنه قرر البقاء في الأردن ليوم رابع لمواصلة رحلاته المكوكية بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين؛ واستقل كيري مروحية من القدس إلى عمان حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجددا، ثم عاد عصرا إلى القدس ليتابع محادثاته مع القادة الإسرائيليين.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف إن كيري «اتصل بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد (آل نهيان) ليقدم له اعتذاره ويأمل في العودة لزيارة البلد في مستقبل قريب». وأوضحت المتحدثة أن وزير الخارجية الأميركي سيتوجه كما هو مقرر إلى بروناي للمشاركة في منتدى رابطة جنوب شرقي آسيا (آسيان) اعتبارا من الاثنين، لكنه ألغى زيارته لأبوظبي لأن «الاجتماعات حول عملية السلام ما زالت مستمرة».

يشار إلى أن المسؤولين الأميركيين قرروا التزام الصمت حول كل المناقشات التي تجري في الجلسات المغلقة في إطار دبلوماسية مرنة، وذلك في مسعى لخفض سقف التوقعات بحدوث اختراق وشيك، مؤكدين أنهم يأملون في تحقيق تقدم تدريجي قبل الوصول إلى مفاوضات جوهرية بين إسرائيل والفلسطينيين. وعقد آخر اجتماع بين طرفي النزاع في سبتمبر (أيلول) 2010 وتوقفت المفاوضات خلاله بسرعة بعدما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن إسرائيل لم تكن جادة. وتطالب السلطة الفلسطينية إسرائيل بتجميد البناء الاستيطاني في المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة والقبول بالتفاوض على أساس مبدأ الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في 1967. من جهته، يرفض نتنياهو أي «شروط مسبقة» للتفاوض ويؤكد استعداده للمحادثات.

وبعد لقائه الثاني مع نتنياهو، تناول كيري العشاء أول من أمس مع بيريس الذي يشغل حاليا منصبا فخريا لكنه تابع عملية السلام عندما كان رئيسا للوزراء. وقال بيريس عند استقباله كيري في مقره الرسمي إنه «أمر صعب وهناك مشكلات كثيرة» لتحقيق تقدم. مضيفا أن هناك «أكثرية واضحة بين السكان تؤيد عملية السلام وحل الدولتين». وأضاف «هناك آمال كبيرة بأنكم ستنجزون ذلك وبما تستطيعون فعله». وكان كيري سيعقد مؤتمرا صحافيا أمس يعلن فيه عقد مؤتمر قمة رباعية تشارك فيها الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، لإطلاق عملية السلام مجددا، حسب ما أكد مسؤولون إسرائيليون قبل أن يعلنوا لاحقا إلغاء كيري للمؤتمر، وعزمه رؤية نتنياهو بعد انقضاء عطلة السبت. وتشير جهود كيري المكثفة وعودته إلى إسرائيل إلى اختراق ما في المواقف بين الطرفين.

وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن كيري ليس معنيا بتسريب أي من التفاصيل حول اللقاءات التي تجري بينه وبين الطرفين غير أنه قريب من إحداث اختراق. وقالت مصادر أميركية إن الحوارات التي يجريها كيري ذات مغزى وبناءة جدا. وعلق رئيس كتلة حزب العمل المعارض، يتسحاق هرتصوغ، على إلغاء المؤتمر الصحافي المقرر لوزير الخارجية الأميركي في عمان قائلا إن الأمر لا يدل على فشل مساعيه لاستئناف المفاوضات، مضيفا أن «الحاجة تقتضي المزيد من الوقت والجهود قبل بلورة صيغة المفاوضات المباشرة». وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «هآرتس»، إنه يوجد احتمالات كبيرة لعقد قمة رباعية نهاية الأسبوع الجاري في عمان، تضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس محمود عباس والعاهل الأردني عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأميركي جون كيري. ولم تعقب إسرائيل والسلطة فورا على ذلك.

في غضون ذلك، قالت مصادر أردنية مطلعة إن المملكة الهاشمية رفضت اقتراحا إسرائيليا قدمه كيري يقضي بأن تفاوض القيادة الأردنية حول مستقبل المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة كالمسجد الأقصى والقدس دون حضور الجانب الفلسطيني. وأضافت المصادر أن الجانب الإسرائيلي قدم عبر الراعي الأميركي اقتراحا بأن تكون سيطرة الفلسطينيين على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية فوق الأرض، على أن يسمح لإسرائيل بالحفر تحت الأرض، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني وطالب بسيادة كاملة على الأرض، سطحها وباطنها.

وإشارات المصادر إلى أن عمان وافقت على حضور المفاوضات التي ستبحث مصير مدينة القدس والمقدسات الإسلامية، على أن يكون الجانب الفلسطيني طرفا رئيسا في المفاوضات، مؤكدة أن «غياب الطرف صاحب العلاقة يجعل المفاوضات بلا معنى».