النظام يقاتل في ثماني جبهات بحمص.. ويسعى للسيطرة على مسجد خالد بن الوليد

ثوار يعلنون استعدادهم لفك الحصار عنها.. والمعارضة تطلب المزيد من السلاح

طفلة تقف على أنقاض منزلها المدمر بفعل قصف الجيش النظامي لحي الحميدية بحمص (عدسة: شاب حمص)
TT

بينما استطاع الجيش الحر التقدم في درعا (جنوب) وأعلن سيطرته على منطقة استراتيجية «يعتقد أنها تساعد على إيصال السلاح والإمدادات العسكرية إلى ريف دمشق»، شنت قوات الرئيس بشار الأسد هجوما كبيرا أمس على مقاتلي المعارضة المسلحة في حمص (وسط) في أحدث هجوم لها لتأمين محور يربط العاصمة دمشق بالساحل السوري.

وقال عضو الائتلاف والمجلس الوطني السوري محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» إن حمص «تشهد أعنف المعارك وأكثرها شراسة»، إذ «بدأت تتعرض لقصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ منذ الصباح الباكر»، مشيرا إلى أن «القوات الحكومية، مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني، تحاول اقتحام أحياء حمص المحاصرة في الخالدية والقرابيض وجورة الشياح وباب هود وحي القصور».

وأوضح سرميني أن القوات النظامية «فتحت 8 جبهات في حمص دفعة واحدة، بموازاة قتالها في منطقة قلعة الحصن في ريف حمص، لإغلاق المنافذ الحدودية، بعد استعادتها القصير وتلكلخ»، مشيرا إلى أنها «تحشد لفتح 14 جبهة إضافية في حمص، لإحكام قبضتها على أحيائها والسيطرة عليها». وأكد سرميني أن الجيش الحر، أمس، «استطاع صد الهجوم النظامي، ومنعه من اقتحام حي الخالدية، وتمكن من قتل مقاتلين لحزب الله». ولفت إلى اتصالات على أعلى المستويات نفذتها المعارضة مع كتائب مقاتلة في حماه وشمال سوريا «لإرسال تعزيزات عسكرية إلى حمص في محاولة للدفاع عنها ومنع سقوطها وصد هجوم القوات النظامية التي تحاول اجتياح المنطقة»، مشيرا إلى أن قيادة الأركان، فضلا عن قيادة المعارضة السياسية، يتابعون مع الكتائب المقاتلة في الشمال لنجدة المدينة. وقال إن تلك الكتائب «أعلنت عن استعدادها لمؤازرة الجيش الحر في حمص، ولفك الحصار عن أحيائها».

واعتبر سرميني أن ما يجري في حمص «تهديد خطير لنفوذ المعارضة وانتشارها»، مشيرا إلى أن القوات الحكومية «تتمدد في الأحياء التي سيطرت عليها قوات المعارضة، فيما (يتفرج) المجتمع الدولي». ورأى أن «المجتمع الدولي تخاذل عن نصرتنا، بفشله في فرض حظر جوي»، مطالبا الجامعة العربية «بإصدار قرار حاسم لتقديم المزيد من السلاح للمعارضة بغية نصرة مناطقنا».

ووفقا لنشطاء الثورة، قصف قوات النظام بالطائرات وقذائف الهاون مناطق تسيطر عليها المعارضة في المدينة التي تحاصرها قوات الأسد منذ عام وخاض الجنود معارك مع مقاتلي المعارضة في عدة أحياء. وقال ناشط يستخدم اسم أبو محمد أن «القوات الحكومية تحاول اقتحام حمص من كل الجبهات».

ولم ترد على الفور تفاصيل عن قتلى أو مصابين لكن لقطات فيديو قام ناشطون ببثها على الإنترنت أظهرت انفجارات قوية وسحبا من الدخان الأبيض تتصاعد مما قالوا إنها أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة. وأمكن سماع أصوات لإطلاقات نار مدوية وكثيفة. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن الجيش «يحرز تقدما كبيرا» في حي الخالدية.

وفيما أعلن سرميني أن قوات حزب الله «تحاول اقتحام جامع خالد بن وليد في الخالدية بموازاة اشتباكات عنيفة، وسط قصف شديد لمحاولة تدمير الجامع التاريخي»، أفاد المرصد السوري بأن القصف يتركز على أحياء الخالدية وباب هود والحميدية وبستان الديوان، الواقعة جميعها وسط حمص.

وتتركز الهجمات على حيي باب هود ووادي السايح الذي يقع بين حمص القديمة والخالدية ويحاول النظام الفصل بين هاتين المنطقتين». بينما يكتسب حي باب هود أهمية كونه يقع وسط مدينة حمص وهو يغلق أغلب الطرقات للوصول إلى الشركات الحكومية والمؤسسات، وتحول سيطرة المعارضة عليه من دخول القوات النظامية إلى وسط المدينة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطيران الحربي «نفذ غارتين متتاليتين على مناطق في أحياء حمص، بالتزامن مع تعرض هذه الأحياء لقصف عنيف من القوات النظامية»، لافتا إلى استقدام القوات النظامية لتعزيزات عسكرية إلى محور المناطق المحاصرة خلال الأسبوع الماضي، وفي الريف نفذت الطائرات الحربية غارة على مناطق في بلدة الدارة الكبيرة.

في المقابل، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن «وحدات من قواتنا المسلحة أحرزت تقدما كبيرا في حي الخالدية بحمص بعد أن قضت على أعداد من أفراد المجموعات الإرهابية كانوا يتحصنون في الحي ويعيثون خرابا وتدميرا فيه». وذكر مصدر مسؤول لسانا أن «قواتنا المسلحة تواصل ملاحقتها أفراد المجموعات الإرهابية في الحي للقضاء على من تبقى منهم وإلقاء القبض عليهم وإعادة الأمن والاستقرار إليه».

ويأتي الهجوم على حمص بعدما حققت القوات السورية بدعم من مقاتلي حزب الله انتصارات في قرى وبلدات في محافظة حمص بالقرب من الحدود اللبنانية. وقبل 3 أسابيع استولت القوات السورية بدعم من مقاتلي الجماعة اللبنانية على بلدة القصير الحدودية وهي بلدة استراتيجية كان يستخدمها مقاتلو المعارضة في تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى سوريا. وتمكنت القوات السورية الأسبوع الماضي من السيطرة على بلدة تلكلخ الحدودية أيضا.

وعززت هذه المكاسب العسكرية سيطرة الأسد على ممر يمتد من العاصمة دمشق عبر حمص إلى معقل الطائفة العلوية في الجبال المطلة على البحر المتوسط. وأثارت هذه المكاسب أيضا قلق الداعمين الدوليين لمقاتلي المعارضة مما دفع الولايات المتحدة للإعلان أنها ستكثف دعمها العسكري للمعارضة.

ورغم أن مقاتلي المعارضة فقدوا أراضي حول دمشق وحمص فإنهم أحرزوا انتصارا أول من أمس عندما استولوا على نقطة تفتيش عسكرية كبيرة في درعا، إذ أعلنت المعارضة السورية عن تفجير حاجز البنايات في درعا، بعد يومين من السيطرة عليه، خشية عودة الجيش السوري للسيطرة عليه والتحصن بداخله. وتأمل المعارضة المسلحة في أن تكون السيطرة على حاجز البنايات العسكري تمهيدا للسيطرة على درعا.

وقال معارضون إن السيطرة عليه «تساعد على إمداد الثوار في ريف دمشق بالسلاح والمقاتلين»، فيما أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة أن الجيش الحر تمكن من تحرير سرية الهجانة رقم 37 على الشريط الحدودي مع الأردن. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقصف للقوات النظامية على مناطق في بلدة داعل، كما لفت إلى تعرض مناطق في بلدة الحراك وقرى الريف الغربي لقصف من القوات النظامية.

أما في حلب، أفاد مركز حلب الإعلامي عن شهود عيان أن عدد ضحايا قصف حي القاطرجي بصاروخ أرض - أرض بلغ أكثر من 15 مدنيا معظمهم من الأطفال، وذلك بسبب تزامن سقوط الصاروخ وحضور عدد من الأطفال لأحد الدروس الدينية في مسجد محمد الباقر. كما أشار المركز إلى وقوع «اشتباكات عنيفة بين الثوار وكتائب الأسد جرت صباح اليوم (أمس) في قرية منعايا بمنطقة البوز على طريق معامل الدفاع، تمكن الثوار خلالها من اغتنام دبابة وقتل عدد من قوات النظام».