الخلافات الروسية ـ الأميركية تضع «جنيف 2» في مهب الريح

إخفاق الدبلوماسية يضغط على واشنطن لإرسال أسلحة «نوعية» للمعارضة السورية

باراك أوباما وفلاديمير بوتين خلال قمة الثماني في آيرلندا الشمالية (رويترز)
TT

تكشف صورة التقطت للرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال قمة مجموعة الثماني في آيرلندا الشمالية، الأسبوع الماضي، مدى عمق الانقسامات بين البلدين حول سوريا؛ ففي حين عض الأول على شفتيه، أطرق الثاني رأسه إلى الأرض. وتبرز الصورة التي حفلت بها مواقع الإنترنت حجم التوتر المتنامي في العلاقات بين الخصمين السابقين، إبان الحرب الباردة، إذ يجدان صعوبة في الاتفاق على كثير من القضايا، أهمها الأزمة السورية.

ومنذ مايو (أيار) الماضي، تسعى واشنطن وموسكو للإعداد لمؤتمر سلام دولي لإنهاء العنف في سوريا، لكن سرعان ما تضاءلت الآمال في أن يُعقد عما قريب، أو أن يعقد من الأساس. في البداية، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ونظيره الروسي سيرجي لافروف، أنهما سيسعيان لعقد المؤتمر الرامي لإجلاس المعارضة وممثلين الرئيس بشار الأسد على طاولة المفاوضات، بحلول نهاية مايو (أيار) الماضي. لكن الموعد تأجل أكثر من مرة. إذ أرجئ في البداية إلى يونيو (حزيران) ثم يوليو (تموز). وفي بداية الأسبوع الماضي، استبعد الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا عقد المؤتمر قبل أغسطس (آب)، بعدما أجرى محادثات مع مسؤولين كبار من روسيا والولايات المتحدة في مدينة جنيف السويسرية.

وكان هدف المؤتمر إحياء الخطة التي جرى تبنيها في جنيف، العام الماضي، حين اتفقت واشنطن وموسكو على ضرورة تشكيل حكومة مؤقتة في سوريا، دون تحديد إذا كان الأسد سيشارك في العملية. ويعرقل انعقاد مؤتمر ما يطلق عليه دبلوماسيو الأمم المتحدة «جنيف 2» المناقشات الخاصة باختيار ممثلي نظام الأسد والمعارضة السورية، إذ لم يتم الاتفاق بعد على أسماء المفاوضين المحتملين. وأيضا قضية مشاركة إيران، الحليف الرئيس للأسد، حسب رغبة روسيا، إلا أن الحكومات الغربية لا تحبذ ذلك.

ووفقا لدبلوماسيين غربيين، فلا نظام الأسد ولا القوى المعارضة له ترغب اليوم في تقديم تنازلات أو بذل مساعٍ دبلوماسية في جنيف، ويرجع ذلك لاعتقاد الأسد أنه قادر على حسم المعركة عسكريا في حين لا تريد المعارضة دخول المفاوضات، وهي في موقف ضعيف، بينما تنتظر المزيد من الأسلحة.

ويزيد من عدم رغبة كلا الطرفين في حضور «جنيف 2» التغييرات على أرض الميدان، إذ حققت قوات الأسد عددا من الانتصارات العسكرية واستعادت السيطرة على القصير وتلكلخ في محافظة حمص قرب الحدود اللبنانية. وصرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، أن السلطات مستعدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات قاعدة تمثيل موسعة، لكنه أوضح أنها لا تنوي التخلي عن الحكم.

وقال المعلم: «إننا نتوجه إلى المؤتمر ليس من أجل تسليم السلطة للطرف الآخر، ومن لديه وهم في الطرف الآخر أنصحه بأن لا يأتي إلى (جنيف)».

ويقول بعض الدبلوماسيين إن تضاؤل الآمال في مؤتمر سلام جاد يبرز عجز الأمم المتحدة والإبراهيمي الذي يهدد منذ أشهر بالتخلي عن مهمته، مثل سلفه كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة. ونفض عنان يديه من المهمة العام الماضي، نتيجة ما أصابه من إحباط لعجز مجلس الأمن عن التحرك على صعيد الأزمة السورية، بسبب الخلاف بين روسيا مورد السلاح الرئيس للأسد والولايات المتحدة الداعمة للمعارضة.

ويتوقع ريتشارد جوان من جامعة نيويورك أن يضاعف انهيار خطة كيري لعقد مؤتمر السلام من الضغوط على أوباما، لإرسال أسلحة أثقل وبكميات أكبر للمعارضة السورية، مضيفا: «إذا فشل مقترح (جنيف) فسيكون ثمة ضغوط على الولايات المتحدة للذهاب أبعد من عرضها الحالي بتقديم أسلحة خفيفة للمعارضة، لا سيما إذا حقق الأسد مزيدا من الانتصارات». وتابع جوان قائلا: «مراهنة كيري على (جنيف) قد تأتي بنتائج عكسية، إذ تظهر إخفاق الدبلوماسية، لكن ربما لا ينزعج كيري، لذلك سبق له أن أيد شن غارات جوية».