المالكي يبدأ من موسكو إعادة تأهيل العراق لمرحلة ما بعد الفصل السابع

رئيس الوزراء العراقي يعلن نهاية حقبة «السياسات الحمقاء»

TT

بينما يستعد رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، لزيارة موسكو هذا الأسبوع، وهي أول زيارة له إلى الخارج بعد خروج العراق من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أعلنت الحكومة الروسية أنها تعتزم تجهيز العراق بعشر طائرات هليكوبتر هجومية من طراز «نايت هنتر».

وقال نائب المدير العام لشركة تصدير الأسلحة الروسية، ألكسندر ميخييف، في حديث لوكالة «ريا نوفستي» الروسية، إن «روسيا ستجهز العراق وفقا لصفقة الأسلحة الموقعة بين الجانبين بعشر طائرات هليكوبتر هجومية طراز (نايت هنتر) بكامل أسلحتها ومعداتها». وأضاف ميخييف أن «صفقة عقد طائرات الهليكوبتر تتضمن أيضا تدريب الطيارين، بالإضافة إلى التدريبات الفنية للأفراد مع تجهيز منظومات الأسلحة الأساسية»، لافتا إلى أن «هذا العقد هو الأول مع العراق الذي سيتم تنفيذه ضمن الاتفاقية الموقعة بين البلدين».

ويأتي تصريح المسؤول الروسي بعد أيام من إعلان السفير الأميركي لدى العراق، ستيفن بيكروفت، أن واشنطن لن تسلم بغداد طائرات «إف 16» قبل سبتمبر (أيلول) من عام 2014. وبينما بين بيكروفت أن عملية التسليم ستأتي بعد إكمال تصنيع هذه الطائرات وتدريب الطيارين والكادر العراقي على استخدامها وصيانتها، فإنه لفت إلى أن بلاده ستسلم العراق طائرات من نوع «أباتشي» بـ«أسرع وقت ممكن» للدفاع عن نفسه.

من جهته، أكد المالكي في كلمة له أمس خلال احتفالية أقيمت في بغداد بمناسبة قرار مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي إخراج العراق من طائلة الفصل السابع، أن حكومته ستتجه «بقوة» أمنيا وسياسيا من أجل رفع سنوات «الحيف والظلم ومحو آثار الظلم الذي وقع عليه (البعث) في خيمة صفوان» وبناء علاقات قوية خارجيا، مشددا على أن «هذا القرار لم يأت صدفة أو اعتباطا، بل جاء نتيجة عمل دؤوب وسياسات تتسم بالوضوح والحكمة، استطاعت في نهاية المطاف أن تنقل العراق من دولة تشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين في ظل حكم المغامرين إلى دولة مساهمة في صناعة الأمن والسلم الدوليين». واعتبر المالكي قدرة الشعب العراقي على التخلص من هذا الإرث الثقيل الذي خلفته سياسات النظام الديكتاتوري دليلا على أنه «عازم على تقديم النموذج لكافة دول العالم»، مبينا أن «هذا النموذج يستند إلى سياسة متينة تعتمد التوجه نحو الداخل في عملية تأصيل للديمقراطية والنظام الاتحادي».

وحذر المالكي من أن «أخطر ما يواجهنا عودة الشحن والاستقطاب الطائفي والتوتر السياسي الذي يلف المنطقة ويضربها بعاصفة من القتل والفتاوى والتكفير والتحشيد من جديد». وأضاف: «لم يكن العراق ولا دول المنطقة بمنأى من هذه العاصفة»، داعيا العراقيين إلى الوقوف «صفا واحدا في مواجهة العاصفة لتخفيف آثارها على بلدنا (...) في وجه الخطاب التكفيري وفتاوى القتل والتحريض التي تصدر هنا وهناك، في عملية واضحة لتمزيق نسيج مجتمعاتنا وزرع الفتنة والفوضى فيها وبين أهلها». وقال إن «الموقف الوطني يدعونا إلى رفض الاتجاهات والسياسات التي تضعف بلدنا لصالح هذا الطرف الإقليمي أو ذاك». وتوجه المالكي إلى السياسيين قائلا: «أيها الإخوة والأخوات المسؤولون عن بناء العراق، مستقبلنا مرهون بتصرفاتنا، ولا خيار لنا إلا أن نعيش إخوة متحابين (...) وإلا نتحول إلى جماعات وطوائف وقوميات متحاربة متصارعة». وأضاف: «لنرفض خطاب الطائفية والطائفيين، لنحم بلدنا وشعبنا من شرها ودمارها». كما ناشد التيارات السياسية في البلاد الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض لتحقيق المصالحة الوطنية من أجل خدمة مسيرة العمل السياسي في البلاد.

من جهتها، أكدت مريم الريس، المستشارة السياسية في مكتب المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «السياسة التي سوف ينتهجها العراق خلال المرحلة المقبلة بعد خروجه من طائلة الفصل السابع ستكون سياسة دولة لم تعد تهدد السلم والأمن الدوليين، ولا تنهج سياسات حمقاء يمكن أن تجر الويل على أبناء شعبها وعموم المنطقة». وأضافت أن «طائلة العقوبات الدولية بسب البند السابع كانت قد قيدت الكثير مما يمكن للعراق أن يعمله في محيطه العربي والإسلامي والدولي، وهو ما انعكس حتى على سياسته الداخلية»، مشيرة إلى أن «العراق سيفتح آفاقا جديدة من العمل السياسي مع كافة دول العالم، وأن الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء إلى روسيا إنما تأتي في إطار سلسلة زيارات إلى عدد من دول العالم لبدء مرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون». وردا على سؤال بشأن إقدام روسيا على تجهيز العراق بأسلحة هجومية بعد يومين من خروجه من طائلة البند السابع، قالت مريم الريس إن «البند السابع شكل قيدا حتى على صعيد بعض حلقات التسليح، وإن العراق يحتاج إلى أسلحة دفاعية وهجومية مثل أي دولة ذات سيادة، وهو ما سيناقشه العراق مع المسؤولين الروس خلال هذه الزيارة، لأن العراق يريد أن تتعدد مصادر تسليحه وهو من حقوقه السيادية أيضا». وبشأن الصفقة الروسية للأسلحة التي أثير حولها جدل سياسي كبير في العراق، قالت إن «الأمر لم يكن بتلك الضخامة التي تم عرضها لأسباب معروفة، ولكن خلال هذه الزيارة فإن كل شيء سيناقش بوضوح، بما في ذلك موضوع صفقة الأسلحة الروسية».