تنامي التوتر في إقليم شينغيانغ المسلم بالصين

عرض عسكري مفاجئ غداة اشتباكات خلفت 35 قتيلا بين الأويغور والأمن

جنود مسلحون قرب منطقة تسوق في أورومتشي عاصمة إقليم شينغيانغ ذي الغالبية المسلمة في الصين أمس (رويترز)
TT

نظم عرض عسكري صيني كبير أمس في أورومتشي عاصمة منطقة شينغيانغ ذات الغالبية المسلمة في شمال غربي الصين، التي شهدت اضطرابات خلال الأيام الماضية. وجاء هذا العرض الذي شاركت فيه دبابات وآليات مدرعة بشكل مفاجئ، وترك السكان يتساءلون عن دواعيه، إلا أن كثيرين ربطوه بذكرى الاضطرابات العرقية التي وقعت في الخامس من يوليو (تموز) 2009 بين المتحدرين من أصول صينية والأويغور المسلمين، وخلفت نحو مائتي قتيل. وقال أحد سكان المدينة التي تبعد نحو ثلاثة آلاف كلم عن بكين وتقع في غرب الصين «لم أر شيئا كهذا من قبل».

وجاء هذا العرض أيضا غداة تجدد أعمال العنف الجمعة لثاني مرة خلال أقل من أسبوع، بين سكان من الأويغور وقوات الأمن الصينية، في منطقة هوتان بجنوب الإقليم.

يذكر أن السكان الأويغور يتحدثون التركية ولديهم قواسم مشتركة كثيرة مع شعوب شرق آسيا ويتبع أكثرهم الإسلام المعتدل. وسبب استياء الكثير منهم هو تزايد عدد الهان الصينيين الذي جاءوا إلى الإقليم للعمل في الزراعة وإنتاج الطاقة والتعدين. ومن المرجح أن يثير تجدد الاضطرابات قلق وتوتر الحكومة الصينية؛ حيث تأتي بعد يومين فقط من مواجهة في منطقة توربان التي تقع في نطاق إقليم شينغيانغ وأسفرت عن مقتل 35 شخصا على الأقل بحسب وكالة الأنباء الرسمية «شينخوا». وذكرت الوكالة أنه في تلك الواقعة هاجم حشد من الناس مركزا للشرطة ومكاتب حكومية يوم الأربعاء، وأطلقت قوات الشرطة النار على المتورطين. وأوردت الوكالة نبأ قتل مثيري الشغب لـ24 شخصا وقتل ضباط الشرطة لـ11 من مثيري الشغب. وقال عليم سيتوف، رئيس «الرابطة الأميركية للأويغور»، ومقرها واشنطن: «نشهد الآن أعمال عنف تتكرر كثيرا مع الأسف». وتدعو الرابطة إلى وطن مستقل للأويغور تحت اسم «تركستان الشرقية». وأضاف سيتوف: «توضح لنا أعمال العنف قسوة نظام الحكم الصيني القمعي في الإقليم».

ويأتي تجدد الاشتباكات هذه قبل أيام من الذكرى الرابعة للمشهد الدموي في عاصمة الإقليم أورومتشي. فقد قتل 197 شخصا على الأقل في الخامس من يوليو 2009 بعد محاولة الشرطة تفريق احتجاجات للأويغور. ونظم المحتجون الصينيون من الهان لاحقا مسيرة في أحياء الأويغور وهاجم بعضهم المنازل بالحجارة والسواطير. ولم تذكر الشرطة على وجه التحديد عدد القتلى أو المصابين في تلك الأعمال الانتقامية.

وقال يانغ تشو، الأستاذ الصيني الذي يدرس الاضطرابات في إقليم شينغيانغ، إن أعمال العنف الأخيرة توضح شعور الأويغور بالظلم من غياب العدل والمساواة في المجتمع والعزلة الناتجة عن التحديث الاقتصادي وتنامي نفوذ التيارات الإسلامية المسلحة وتدهور العلاقات بين المجموعات العرقية منذ عام 2009.

حقق الاقتصاد في إقليم تشينغيانغ تزايدا في النمو بنسبة 12 في المائة عام 2012 مقارنة بعام 2011، لكن الكثير من الأويغور يشكون إقصاءهم من الوظائف ذات الأجور المرتفعة والأراضي وفرص التجارة. ويمثل الأويغور أقل من نصف سكان الإقليم البالغ عددهم 22 مليونا، في حين يمثل الهان 40 في المائة من إجمالي السكان بحسب بيانات الحكومة. ويسكن في منطقة هوتان نحو مليوني، 97 في المائة منهم تقريبا أويغور، بحسب التعداد السكاني عام 2010.

وأصبحت قيود الحكومة على المساجد وممارسات بعض المسلمين مصدر توتر متنام خاصة مع تنامي ظواهر تشدد ديني في المنطقة. وتأتي أعمال العنف الأخيرة قبل رمضان بأقل من أسبوعين. وسعت بعض الحكومات المحلية في الإقليم إلى إثناء الأويغور عن صيام الشهر الكريم. ويتشارك الإقليم حدودا مع دول شرق آسيا وكذا مع باكستان وأفغانستان.

* خدمة «نيويورك تايمز»