تيار المستقبل يتهم حزب الله بالسعي إلى القضاء على «الاعتدال السني»

التوتر يعود إلى طرابلس باقتتال بين محلتي باب التبانة وجبل محسن

فؤاد السنيورة يلتقي بوفد من الجماعة الإسلامية في بيروت (تصوير دالاتي ونهرا)
TT

لا تزال آثار اشتباكات صيدا ترخي بظلالها على الواقع السياسي والأمني في لبنان؛ ففي حين شن حزب الله حملة على تيار المستقبل، محملا إياه مسؤولية ما حصل في منطقة عبرا الأسبوع الماضي وتبنيه ما وصفه بـ«مشروع الفتنة»، عاد التوتر إلى مدينة طرابلس بين محلتي باب التبانة وجبل محسن.

وأفادت مصادر أمنية بمقتل شخص وإصابة اثنين في منطقة «البقار»، ذات الغالبية السنية، إثر انفجار عبوة ناسفة كان يحاول إعدادها، بينما قتل آخر وأصيب ثلاثة أشخاص، نتيجة تجدد رصاص القنص بين البقار وجبل محسن قبل أن يتدخل الجيش اللبناني الذي عمل على الرد على مصادر النيران. وأدى تجدد القنص إلى عودة التوتر إلى باقي محاور الاشتباكات التقليدية في المدينة حيث خفت حركة السير في المناطق التي تعتبر خطوط تماس.

وفي صيدا، حيث لا تزال المنطقة تنفض عنها آثار المعارك، سلم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر المباني الأربعة في داخل المجمع الأمني للشيخ أحمد الأسير إلى أصحابها، كما سلم مسجد بلال بن رباح إلى دار الفتوى، بعدما انتهت الأدلة الجنائية من رفع البصمات وإنهاء التحقيقات الميدانية.

وشن قياديو ونواب حزب الله حملة مركزة على تيار المستقبل أمس، على خلفية أحداث صيدا، وصلت إلى حد تحميله مسؤولية «كل قطرة دم سقطت في صيدا بسبب خطابه التحريضي»، على حد تعبير نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق. لكن النائب في كتلة المستقبل أحمد فتفت، وضع حملة حزب الله في إطار «القضاء على الاعتدال السني المتمثل بتيار المستقبل»، معتبرا أن «السلاح غير الشرعي هو سبب الفتنة وأساسها».

وقال فتفت لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هذا الحزب وممارساته التي لا تعد ولا تحصى يمثلان قمة الخطاب المذهبي. ولا يأتي تصعيده اليوم (أمس) إلا بعدما انفضح دوره في معركة صيدا، وبات واضحا أنه هو من تسبب بإلحاق الخسائر في صفوف الجيش اللبناني، إضافة إلى محاصرة منزل النائب بهية الحريري في مجدليون وإطلاق الرصاص عليه».

وجدد فتفت التأكيد على «أننا لا نزال نشدد على ضرورة إجراء تحقيق واضح وشفاف للوصول إلى حقيقة ما جرى»، محملا حزب الله مسؤولية ما قال إنه «كمين للأسير والجيش اللبناني، بهدف تحييد الأنظار عما يحصل في سوريا حيث زج لبنان في صراعها من خلال مشاركته في المعارك إلى جانب النظام».

وأشار فتفت إلى أن «ممارسات حزب الله وأدبياته المرتبطة بولاية الفقيه، والتي يهدف من خلالها إلى الفتنة، بدأت منذ حصره المقاومة بالطائفة الشيعية، ومن ثم وضع اليد تدريجيا على الدولة من خلال أحداث مايو (أيار) 2008 ومن بعدها إسقاط الحكومة وإبعاد النائب سعد الحريري، إلى السيطرة على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والهيمنة على مؤسسات الدولة، وما يرافق ذلك من حماية المتهمين باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، الذي يمثل بحد ذاته مشروع فتنة».

وكان حزب الله، أمس، على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، قد اتهم «تيار المستقبل» بدعم الأسير، وقال: «لولا تيار المستقبل وبعض الذين ينتعشون من حالة الفتنة في مواجهة الوطنية والاستقامة لما وصل التمادي إلى حدود ضرب السلم الأهلي والاستقرار»، معتبرا أنهم «حتى اللحظة الأخيرة كانوا منحازين، وحتى بعد سقوط الرمز بالنسبة إليهم هو محاولة للانتقال إلى موقع جديد من أجل أن يبحثوا عن مادة جديدة للهجوم علينا والاعتداء على الوطنيين الشرفاء».

واعتبر قاسم أن «التحريض ضد الجيش والمقاومة والتشجيع على الفتنة هو الذي أوصل الأمور إلى الانفجار في صيدا»، مخاطبا الطرف الآخر بالقول: «جربتم حظكم بالفتنة وكانت أليمة بنتائجها وكنا نتمنى ألا تكون، وقد أثبتت الأحداث أن التحريض يجر إلى المزيد من الويلات ويضر بالمحرضين أكثر من غيرهم، وصيدا بالنسبة إلينا مدينة الشهداء وبوابة المقاومة وسندها وعضدها، أما أنتم فقد سلكتم درب الفتنة».

بدوره، طالب نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق، تيار المستقبل بـ«الكف عن الرهان على الفتنة وعن دعم وتمويل الخطاب التحريضي المذهبي». وسأل، خلال احتفال تأبيني: «ما معنى أن يقدم (المستقبل) سيناريو أن الذي حصل هو فخ نصبه حزب الله؟ ألا يعني هذا تبرئة المتورطين في قتل ضباط وجنود الجيش اللبناني؟!»، داعيا إلى «الكف عن التزوير والتضليل».

وأشار قاووق إلى أنهم «أرادوا في صيدا استدراج لبنان إلى فتنة كبرى بين السنة والشيعة ولكن حزب الله فوت الفرصة على مشروع هذه الفتنة، والحزب كشف عن أعلى مستويات التحمل لسيل الاستفزازات والشتائم والإهانات والفتن المتنقلة وصبر من موقع القوة والحرص، وهو أثبت للبنانيين ولأهل صيدا أنه الأحرص على الاستقرار والوحدة الوطنية والسلم الأهلي وحماية المؤسسة العسكرية، لأننا كنا نسب ونشتم ويعتدى على أهلنا وإخواننا ونصبر».

وفي السياق عينه، قال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن، إن «ما حصل خلال الأسبوعين الماضيين يذكرنا بما شاهدناه من البعض متحدثين عن الدولة والعبور إليها، وهؤلاء يهاجمون الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش اللبناني عندما لا تكون المؤسسة طيعة في أيديهم». واعتبر أن «ما حصل هو حملة افتراءات مستندة إلى أضاليل واختراع صور ومشاهد وأصوات وتحريض بكل أنواعه على الجيش وفئة من اللبنانيين».