«الاستقلال» المغربي متشبث بقرار الانسحاب من الحكومة.. ولجنته المركزية تستعجل تنفيذه

شباط يمنح مهلة لابن كيران للبحث عن غالبية جديدة

TT

في بادرة تشير إلى وصول الأزمة الحكومية في المغرب إلى الطريق المسدود، أعلنت اللجنة المركزية لحزب الاستقلال المغربي عن تشبثها بقرار الانسحاب من حكومة عبد الإله بن كيران، واستعجلت تنفيذ القرار في إطار صيانة الاستقرار السياسي في البلاد.

وقال حميد (شباط)، الأمين العام للحزب، إن هيئته السياسية متشبثة بقرار الانسحاب من الحكومة، وإنها عازمة على المضي في تنفيذ هذا القرار بشكل سلسل يحترم الثوابت في إطار صيانة الاستقرار السياسي والاستمرارية. وأشار شباط، في تصريح للصحافة أدلى به على هامش اجتماع اللجنة المركزية للحزب مساء أول من أمس في الرباط، إلى أن الحزب لا يريد أن يحدث قطيعة أو يتسبب في أي عرقلة بالنسبة لعمل الحكومة، وأنه سيمهل رئيس الحكومة للبحث عن حليف بديل لحزب الاستقلال في تشكيلة الغالبية الحكومية قبل سحب وزرائه من الحكومة.

وأكدت اللجنة المركزية لحزب الاستقلال، خلال دورتها الاستثنائية التي التأمت أول من أمس (السبت) في الرباط، أن قرار انسحاب الحزب من حكومة ابن كيران قرار سيادي للحزب، وأوصت الأمانة العامة للحزب بتسريع تنفيذه. وأشارت اللجنة المركزية للحزب في البيان الختامي الصادر عن اجتماعها إلى أنها تؤكد أنه لم يطرأ حتى الآن، ما من شأنه أن يدعو إلى التفكير في غير الانسحاب من الحكومة، لذلك فإن قرار المجلس الوطني لا يزال قائما ومفعلا، وتدعو قيادة الحزب إلى تسريع وتيرة تنفيذ هذا القرار التاريخي.

وفي غضون ذلك، عزت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» تشبث اللجنة المركزية للحزب بالانسحاب من الحكومة إلى كونها تبين لها أنه لا توجد رغبة لدى القصر الملكي في التحكيم في هذه النازلة، لا سيما وأن الأزمة قائمة بين حزبين حليفين، ولا تهدد المؤسسات الدستورية، وبالتالي فإن التحكيم الملكي يبقى غير ذي موضوع. وكان الملك محمد السادس قد استقبل يوم الأربعاء الماضي في مدينة وجدة، الأمين العام لحزب الاستقلال، وذلك بعد أكثر من شهرين على اندلاع الأزمة السياسية التي تسبب فيها قرار المجلس الوطني للحزب الانسحاب من الحكومة. وسلم الأمين العام لحزب الاستقلال الملك محمد السادس، خلال هذا الاستقبال، المذكرة الموجهة إليه من طرف أجهزة الحزب. وأضاف البيان أن اللجنة المركزية تنتهز الفرصة لتسجل الأهمية البالغة جدا التي يكتسيها قرار المجلس الوطني للحزب القاضي بالانسحاب من الحكومة الحالية، وتثني عليه وتؤكد استعداد جميع أعضائها للمساهمة في تنفيذ وتفعيل هذا القرار التاريخي، وهو القرار الذي مثل فرصة أمام مختلف الفاعلين السياسيين والحقوقيين والإعلاميين والأكاديميين والباحثين لتعميق النقاش حول الدستور المغربي، خصوصا وأن تنزيله بواسطة القوانين عرف تعثرا كبيرا وتأخيرا غير مبرر، ولا تفسير له، كما مثل لحظة سياسية بارزة في تاريخ المغرب الحديث مكنت الفاعلين من إنجاز تمرين سياسي جديد أكد من جديد أن بلادنا تتمتع بما يجب وبما يكفي من شروط الاستقرار.

واعتبرت الأغلبية الساحقة من المتدخلين خلال الدورة الاستثنائية للجنة المركزية لحزب الاستقلال، الذين فاق عددهم 30 متدخلا، أن قرار الانسحاب لا رجعة فيه، وأن مصداقية الحزب تتطلب التعجيل في تنفيذه. وتتكون اللجنة المركزية للحزب من 175 عضوا يمثلون مختلف مناطق المغرب، وهي هيئة قيادية وسطية بين اللجنة التنفيذية للحزب ومجلسه الوطني، الذي يعد بمثابة برلمان الحزب، وأعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر العام للحزب.

وسبق للمجلس الوطني للحزب أن اتخذ في منتصف مايو (أيار) الماضي قرارا بالانسحاب من حكومة ابن كيران، على إثر رفع قيادة الحزب مذكرة إلى قادة الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي تضمنت انتقادات شديدة اللهجة لحزب العدالة والتنمية، وطريقة تدبيره لتحالف الغالبية وقيادة الحكومة.

وطالب حزب الاستقلال في مذكرته بمراجعة ميثاق الغالبية وإجراء تعديل حكومي يعطي لحزب الاستقلال أهمية تعكس وزنه الحقيقي في الانتخابات الأخيرة بالإضافة إلى رفع حصة النساء من الحقائب الوزارية، من واحدة إلى اثنتين، وتعيين وزير ينتمي إلى المحافظات الصحراوية. ويشارك حزب الاستقلال في الحكومة الحالية بستة وزراء، يشغلون وزارات: الاقتصاد والمالية، والتربية الوطنية، والطاقة والمعادن، والصناعة التقليدية، والجالية المغربية في الخارج، إضافة إلى الوزير المنتدب في وزارة الخارجية والتعاون. وتعتبر الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي نتاج الإصلاح الدستوري الذي عرفه المغرب في يوليو (تموز) 2011، في سياق «الربيع العربي»، والذي تلته انتخابات برلمانية سابقة لأوانها أعطت الفوز للإسلاميين. وإلى جانب حزب الاستقلال ستة وزراء، وحزب العدالة والتنمية (12 وزيرا)، يشارك في هذه الحكومة حزب التقدم والاشتراكية بأربعة وزراء، وحزب الحركة الشعبية بأربعة وزراء، بالإضافة إلى خمسة وزراء تكنوقراط يتولون حقائب الوزارة المنتدبة في الداخلية والدفاع الوطني والزراعة والصيد البحري والأمانة العامة للحكومة والأوقاف والشؤون الإسلامية.

وفي سياق متصل، قررت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، خلال اجتماعها العادي النصف شهري أول من أمس في الرباط، الدعوة لعقد المجلس الوطني للحزب من أجل اتخاذ القرار الملائم على ضوء تطورات الأزمة الحكومية، وتشبث حزب الاستقلال بانسحابه من الحكومة، وذلك في غضون 15 يوما. وسيكون على المجلس الوطني للحزب أن يحسم في عدد من الخيارات المطروحة، منها استمرار الحكومة الحالية مع انضمام حليف جديد أو حلفاء جدد يعوضون حزب الاستقلال المنسحب، أو إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، والتي ستنبثق عنها حكومة جديدة.