المجلس التأسيسي التونسي يبدأ مناقشة الدستور الجديد اليوم

قضايا عالقة ما زالت موضع خلاف ضمنها النظام السياسي المزمع اعتماده

TT

يعقد المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي اليوم أولى الجلسات المخصصة لمناقشة المسودة الرابعة من الدستور التونسي المكونة من 146 فصلا قانونيا. ولا تزال مجموعة من النقاط محل خلاف بين الأطراف السياسية، ضمنها النظام السياسي المزمع اعتماده في تونس، والصلاحيات الممنوحة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، إلى جانب مخاوف من الأحزاب اليسارية المعارضة بتهديد مدنية الدولة التونسية والتحضير لبناء دولة دينية.

وقبل يومين من بداية تلك الجلسات، قضت المحكمة الإدارية برفض الطعن في مسودة الدستور، وهو ما شكل ضوءا أخضر للمرور من مرحلة الصياغة إلى مرحلة النقاش، الذي سيفضي إلى المصادقة على الدستور في قراءة أولى أو ثانية، وإلى فرضية اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي في صورة تواصل الخلاف السياسي بين الائتلاف الثلاثي الحاكم وأحزاب المعارضة.

وامتدح مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) المكلف إعداد الدستور المسودة الرابعة التي تجري مناقشتها بداية من اليوم. وقال بن جعفر أمس في افتتاح المجلس الوطني لحزب التكتل الذي يتزعمه: «إن مشروع الدستور نص جيد، وهو نتيجة عمل جاد، وإن كان يتطلب تحسينا أو تعديلا ففي إطار سيادة المجلس واحترام نظامه الداخلي».

وجهزت أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم نفسها لخوض إحدى «المعارك الحاسمة»، على حد تعبير بعض القيادات السياسية، بعقد مجالسها الوطنية بالنسبة لحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، في حين التأم مجلس شورى حركة النهضة خلال الفترة نفسها. وشكلت مناقشة الدستور ومواقف تلك الأحزاب من النقاط الخلافية أحد أهم المحاور المطروحة على قيادات الأحزاب الثلاثة التي شكلت ائتلافا سياسيا بعد فوزها في انتخابات سنة 2011.

وعشية انطلاق جلسات الحوار التي ينتظر أن تكون ساخنة، حمل المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية، أعضاء المجلس التأسيسي مسؤولية التأخير في الانتهاء من صياغة الدستور التونسي الجديد.

وقال المرزوقي، في حوار تلفزيوني بثته القناة التونسية الأولى (قطاع عمومي) الليلة قبل الماضية، إن لديه ثلاثة مطالب أساسية فيما يشبه خارطة الطريق، وأضاف أنه ينتظر أن يشملها الدستور الجديد، تشمل التنصيص على ضمان الدولة للحريات والحقوق، وتفادي وضع حد لها مهما كانت التجاوزات، والتوصل إلى نظام سياسي متوازن يمنع عودة النظام الاستبدادي والمحافظة على الهوية التونسية، وضرورة استيعابها لمختلف الأبعاد العربية والإسلامية، وبعدها الأفريقي والمتوسطي، والعالمي كذلك.

ووجه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، خلال خطبة الجمعة، تحذيرا مباشرا إلى من سماهم «المتآمرين على الثورة التونسية من عواقب ما يفعلونه»، وقال في لهجة حازمة: «لن نسمح لهؤلاء بتحويل الثورة إلى جنازة، وأن يصوروا كل ما جرى فيها على أنه كارثة على الشعب لدفعه إلى الندم على إزاحته للرئيس الأسبق».

وحول مسودة الدستور وما ستطرحه من نقاشات حادة، توقع جلول عزونة الأمين العام للحزب الشعبي للحرية والتقدم، أحد الأحزاب المنضمة لتحالف الجبهة الشعبية، أن تكون الجلسات مفتوحة على نقاشات حادة على خلفية تمسك كل طرف بمجموعة من النقاط التي يعتبرها مفصلية في صياغة الدستور الجديد.

وقال عزونة لـ«الشرق الأوسط» إن نقائص عديدة لا تزال موجودة في نص الدستور الجديد، من بينها باب الحقوق والحريات والدعوة إلى تفادي تقييدها، وباب السلطات الثلاث، والمطالبة بضمان الفصل الحقيقي بينها، مع تأكيد التوازن بينها حتى لا «تتغول» سلطة على حساب الأخرى.

وأشار عزونة كذلك إلى ضرورة ضمان مدنية الدولة.

وحول مصاعب التوافق حول هذه النقاط الخلافية، أكد عزونة على إمكانية وجود أرضية مشتركة بين مختلف الأطياف السياسية شريطة تقديم كل طرف للمصلحة الوطنية وعدم التمسك بـ«إطلاقية» وجهة نظره، على حد تعبيره.