مستشار الرئيس السابق: الجيش أمهل مرسي «فرصة أخيرة» لتنفيذ مطالب الشعب بنفسه.. لا أتوقع أن ينتهزها

جاد الله لـ «الشرق الأوسط»: خروج «التيار الإسلامي» مكسورا ليس من مصلحة الوطن

د. محمد فؤاد جاد الله
TT

قال الدكتور محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني السابق للرئيس محمد مرسي، إن بيان الجيش المصري الصادر أمس أمهل رئيس الجمهورية «فرصة ضئيلة» لتنفيذ مطالب الشعب بنفسه قبل أن يتدخل هو (الجيش)، لكنه توقع ألا ينتهزها الرئيس مصرا على عناده. وبينما دعا جاد الله، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة البحث عن حل توافقي يرضي جميع الأطراف ويلبي طموح الشعب المصري، محذرا في الوقت نفسه من خروج التيار الإسلامي من المعادلة «مكسورا»، قائلا إنه «ليس من مصلحة الوطن».

ويأتي هذا بعدما أصدرت القيادة العليا للقوات المسلحة بيانا أمهلت فيه القوى السياسية المختلفة ثمانيا وأربعين ساعة كي تتوافق على حل للخروج من الأزمة، محذرة من تدخلها لرسم خارطة للمستقبل بنفسها. وأوضح جاد الله أن «الجميع كان يعلم أن الجيش لن يترك الأمور تسير على هذا النحو، وأنه سوف يتدخل في وقت ما لفض الاشتباك»، واصفا البيان بـ«الواضح والموجه والقوي في الشكل والمضمون». وقدم جاد الله استقالته من منصبه في 23 أبريل (نيسان) الماضي بسبب اعتراضه على أسلوب إدارة الدولة، بعد 9 أشهر و18 يوما فقط قضاها داخل مؤسسة الرئاسة، ليعود إلى منصبه كنائب رئيس مجلس الدولة.

وشدد المستشار السابق على أن «البيان الموجه إلى الرئيس مرسي وكل من في يده سلطة اتخاذ القرار منح الرئيس فرصا ضئيلة قبل الإطاحة به، وهي أن يتوجه إلى الشعب بمجموعة من الحلول والقرارات، منها إعلان موعد انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة وحدة للإنقاذ الوطني، إذا قبلها الشارع أنهى الأزمة». وأضاف أن «الرهان على الشعب وتهدئة الميادين وليس القوى السياسية حاليا، وهذا ما دعا الجيش للتدخل، بعدما رأى هذه الأعداد تملأ الشوارع، فإذا نجح الرئيس مرسي في إرضاء الشعب بحزمة القرارات هذه واستطاع أن يخلي الميادين فإنه سينجح حينئذ في كسب مزيد من الوقت». وتابع «أتمنى أن يلتزم الرئيس بإرادة الشعب وأن يستغل هذه الفرصة، لكني لا أتوقع مثل هذه الإجراءات».

وأكد جاد الله أن نزول الشعب خلال مظاهرات 30 يونيو (حزيران) بعث للجميع بعدة رسائل، منها أن مصر وطن لن يموت وشعب لن ينكسر، وأن الثورة ما زالت مستمرة وقادرة على أن تحافظ على نفسها وأن تصحح مسارها في أي وقت، بالإضافة إلى أنها أوضحت أن القطاع العريض من الشعب المصري فقد الثقة في النظام الحاكم والمعارضة أيضا ولم يعد يثق إلا في نفسه (الشعب)، وأنه عليه أن يحرر نفسه بنفسه، خاصة المبادرات المختلفة التي تحقق مصالح خاصة.

وأشار المستشار السابق إلى أن الأعداد التي نزلت يوم الأحد الماضي في جميع المحافظات المصرية أحدثت تغييرا خطيرا وجوهريا في موازين القوى، بسبب كثافتها وتمايز الطبقات الاجتماعية التي بها، والتوزيع الجغرافي الذي شملته كل القرى والنجوع والمدن. ووضع جاد الله حلا للأزمة يقوم على فكرة تلاشي الدماء التي قد تسيل في الشوارع، ومن بنوده أن يلتزم الرئيس بإعلان استفتاء شعبي على بقائه أو انتخابات رئاسية مبكرة بعد انتخاب مجلس للنواب، يعلن إجراءها بعد عيد الفطر مباشرة، إضافة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، أو الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور، أو الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق، تكون لها صلاحيات واسعة، ومنها تشكيل لجنة لدراسة الدستور الحالي لتعديله أو كتابة دستور جديد، مع اختيار نائب عام جديد من مجلس القضاء الأعلى، وتغيير أسلوب إدارة الدولة ومراجعة كل التعيينات الأخيرة.

واعتبر جاد الله مبادرة إسقاط الرئيس فورا وتولي رئيس المحكمة الدستورية إدارة شؤون البلاد بها إشكاليات كبيرة جدا، منها أنها ستؤدي إلى انقسام في الشارع، وفراغ دستوري كبير لأنها ستقوم على سقوط الدستور الحالي فورا. وشدد جاد الله على أنه «يجب أن يعلم الرئيس مرسي أن هناك فرقا بين الشرعية والمشروعية، فمرسي لديه مشروعية وهي تعني أنه عين بطريقة قانونية، مثله مثل الرئيس السابق حسني مبارك، لكنه كان يمتلك الشرعية فقط قبل يوم 30 يونيو (حزيران)، حيث أصبح بعده هناك خلاف حاد على الشرعية، وأصبح لا أحد يستطيع أن يتحدث على الشرعية الآن»، موضحا أن «من ظاهر الأمور يبدو أن الرئيس مرسي فقد الشرعية، وتأييد غالبية الشعب له، لكن لا يمكن الفصل فيها بهذا الشكل لأننا نتحدث على 50 مليون ناخب، وبالتالي لا بد في هذه الحالة الاحتكام إلى الشعب، صاحب الحق نفسه، عن الطريق الاستفتاء الشعبي».

وأكد جاد الله أن «المشهد في مظاهرات اليوم (الثلاثاء) سيرغم الرئيس على الاستجابة إلى مطالب الشعب وسيحدد الصورة بشكل كبير»، محذرا من أي عنف من قبل جميع الأطراف أو محاولة جماعة الإخوان المسلمين مواجهة الجماهير الغاضبة، وقال «ليس من مصلحة الإخوان أو الرئيس مواجهة الشعب الذي نزل بهذه الأعداد الكبيرة.. وأي طرف سيتعنت سيدفع البلاد لحرب أهلية».

وحول وجود دعم خارجي للرئيس مرسي من عدمه، قال جاد الله إن «الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي مشتتان أصلا، وليس لديهما أي تصور أو رؤية عن الموقف، بل على العكس لديهما نقص شديد في المعلومات والتصورات، وسيضطران إلى مسايرة الحراك الشعبي».