رام الله وتل أبيب تتعهدان بطرح أي اتفاق سلام لاستفتاء شعبي

تحذيرات في إسرائيل من أن إفشال جهود كيري سيؤدي إلى مقاطعة غربية شاملة

TT

تعهدت السلطة الفلسطينية بعرض أي اتفاق سلام نهائي مع إسرائيل على الشعب الفلسطيني في استفتاء عام لإقراره أو رفضه، في خطوة مماثلة لتعهد إسرائيلي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس.

وفي خطابين موجهين إلى قوى اليمين الرفضي في الحكومة الإسرائيلية، حذر الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، ووزيرة القضاء المسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين تسيبي ليفني، من الأخطار المحدقة بإسرائيل في حال فشلت جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في استئناف المفاوضات. وقال بيريس إن فشلا كهذا سيؤدي إلى سفك دماء غزيرة لدى الطرفين. فيما قالت ليفني إن الفشل سيؤدي إلى توسيع رقعة المقاطعة في الغرب، بحيث لا تقتصر على المستوطنات، بل تشمل كل ما تنتجه إسرائيل.

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن أي اتفاق نهائي سيعرض على الشعب قبل التوقيع عليه. وكان نتنياهو أكد على الموقف نفسه، في خضم مباحثات ماراثونية لوزير الخارجية الأميركي جون كيري لإطلاق مفاوضات بين الطرفين. وأكد عريقات أمس، أن المباحثات التي تجريها القيادة الفلسطينية مع كيري ما زالت تتركز حول المطالب الفلسطينية المعروفة، وهي الاعتراف بحدود عام 1967، ووقف الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى، نافيا بشدة أن يكون كيري حمل معه مبادرات جديدة في آخر لقاء جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أول من أمس.

وكان عريقات يرد على تسريبات إسرائيلية نشرتها صحيفة «هآرتس»، قالت فيها إن كيري طرح على الرئيس الفلسطيني خلال لقائهما الثالث مقترحا جديدا لاستئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي.

وقال موظف إسرائيلي كبير رفض الكشف عن هويته، إن هذا المقترح يتضمن مبادئ وصيغا لاستئناف هذه المفاوضات، بالإضافة إلى سلسلة من بوادر حسن النية التي أعربت إسرائيل عن استعدادها للقيام بها قبل العودة إلى طاولة المفاوضات وبعدها.

وبحسبه، فإن هذا المقترح سيناقش بين وفد كيري الباقي في المنطقة والمسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين.

واعتبر عريقات هذه التسريبات غير الصحيحة طريقة جديدة للتفاوض، ورفض الدخول في تفاصيل. وأقر بوجود تقدم، لكنه نفى كذلك وجود اختراق حقيقي في المواقف. وقال: «هناك نقاش حول كل شيء، وتوجد فجوة بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي؛ الجانب الفلسطيني يعمل الآن مع فريق كيري الذي تركه هنا وهو سيعود إلى المنطقة بعد نحو أسبوع ونصف». واتهم عريقات إسرائيل بعرقلة المفاوضات، «بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للحقوق الفلسطينية».

من جهته، حذر بيريس من مخاطر إفشال جهود كيري قائلا: «على كل وطني إسرائيلي أن يعرف أنه لا يوجد لإسرائيل بديل عن حل الدولتين للشعبين، وكل حل آخر يطرحونه لدينا هو بمثابة «(قصص جدّات خرافية). كل من يحلم بأنه يستطيع حكم دولة لشعبين اثنين يجب أن يستفيق من حلمه الآن، قبل أن نرى هذا الأرض مخضبة بالدماء. فمن يتصور أن مصلحة إسرائيل هي أن نرتاح من التسوية ونواصل الوضع الحالي من الجمود، يكون مخطئا جدا، لأن الجمود سيقود لسفك دماء غزيرة من الشعبين. إن مصلحة إسرائيل ومصلحة الشعب اليهودي تقتضي بأن نعيش بسلام مع الفلسطينيين وننهي الصراع».

ولمح بيريس إلى مخاوف رئيس وزرائه نتنياهو من التطورات في العالم العربي ورد عليه قائلا: «فعلا، لا أحد يعرف كيف تتطور الأمور في العالم العربي. ولكن لهذا السبب بالذات، علينا أن ننزع فتيل الصراع. والاستنتاج المنطقي من هذه المخاوف يجب أن يكون المشي عدوا سريعا نحو تسوية».

أما ليفني، فقد كانت تتكلم أمس أمام مؤتمر مراقبي الحسابات للشركات الكبرى في إسرائيل، وقالت إنها معجبة «بالإنجازات الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية العالية الهائلة في إسرائيل، التي تبشر بمستقبل مزدهر». ولكنها في الوقت نفسه قلقة من أية دولة تحتضن هذه الإنجازات في المستقبل. وقالت: «إن لم نكن دولة تعيش بسلام مع الجيران، فإن كل هذه الإنجازات ستكون في خطر. فاليوم ينظرون إلى إسرائيل في الغرب على أنها دولة استعمارية استيطانية. وهم يقاطعون البضائع التي يتم إنتاجها في المستوطنات. وإذا فشلت جهود كيري وبقينا في حالة جمود، فسيقاطعون إسرائيل كلها وكل ما ينتج فيها من بضائع، وليس فقط المستوطنات».

ووجهت ليفني كلامها إلى «أولئك الذين يطلقون (التصريحات الاحتفالية بفشل كيري) في بلادنا، وبينهم أناس أحترمهم». وقالت: «لا تحتفلوا، لأن كيري لم يفشل. بل حقق إنجازات كبيرة وعلينا أن نشكره على ذلك. وثانيا، لأن فشله سيكون كارثيا علينا نحن وليس فقط على الفلسطينيين.. لأن فشله يعني أن نتدهور إلى دولة واحدة للشعبين تتحول إلى دولة (أبرتهايد) أو دولة ثنائية القومية لا توجد فيها أكثرية يهودية». وأكدت ليفني على أن المفاوضين الأميركيين يواصلان العمل مع طواقم التفاوض الإسرائيلية والفلسطينية على إنهاء الاستعدادات لاستئناف المفاوضات.

وكان نتنياهو قد التقى، صباح أمس، مع نظيره الإيطالي إنريكو ليتا، وقال في مستهل اللقاء: «إننا مستعدون للجلوس (مع الفلسطينيين) في خيمة المفاوضات حتى يخرج دخان أبيض». وأردف: «إننا نريد السلام. أنا أريد السلام. نريد أن نطلق مفاوضات سلمية في أسرع وقت دون أية عوائق. يجب علينا أن ندخل خيمة المفاوضات ونبقى فيها سعيا إلى إنهاء الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. هذا هو هدفنا، وهذا ما تسعى إليه جهود وزير الخارجية الأميركي كيري التي تستحق في رأيي دعما أوروبيا متواصلا وثابتا، وإنني متأكد من أن إيطاليا ستدعم ذلك».