تركيا تتهم «الشتات اليهودي» بتدبير احتجاجات ميدان «تقسيم» بإسطنبول

المعارضة تحيي ذكرى «مجزرة صفاص».. وأردوغان يؤكد على «علمانية الدولة»

TT

أحيا معارضون أتراك أمس الذكرى السنوية الـ20 لمقتل عدد من الناشطين العلويين المعارضين لحزب العدالة والتنمية، بطريقة توحي باتهام مناصري الحزب الحاكم بتدبير العملية التي قتل فيها نحو 35 علمانيا في حريق شب خلال مظاهرة مناهضة خارج فندق أقاموا فيه مؤتمرا لهم، في حين أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس أن بلاده «دولة ديمقراطية علمانية تحفظ حقوق جميع المواطنين، ولا تميز بين أتباع المذاهب والديانات بأي شكل من الأشكال».

في الوقت نفسه كانت تصريحات نائب رئيس الحكومة عن تورط «اللوبي اليهودي» في تفجير الاحتجاجات التي عصفت بالبلاد الشهر الماضي، تؤشر إلى تصعيد في العلاقة مع إسرائيل التي وجه إليها المسؤولون الأتراك التهمة بشكل غير مباشر، وحملوها مع وسائل إعلام أميركية مسؤولية «تغذية الاضطرابات».

ورفض مصدر في الخارجية التركية الرد على هذه المعلومات التي أوردها نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتالاي، معتبرا في الوقت نفسه أن «التورط الخارجي» في أحداث تركيا الأخيرة «ثابت وموثق». ورفض المصدر في اتصال مع «الشرق الأوسط» التعليق على هذه المعلومة، مشيرا إلى أن «جماعات ضغط داعمة لوسائل إعلام أميركية كبرى تقف وراء هذه الاضطرابات»، كما أشار إلى أن محطة «سي إن إن» الأميركية كانت قد طلبت من إحدى شركات الإنتاج استئجار آليات للنقل المباشر قبل أسبوع من هذه الأحداث.

واتهم نائب رئيس الوزراء التركي «الشتات اليهودي» بالمشاركة في تنظيم المظاهرات، ونقلت عنه صحيفة «حرييت» قوله إن «الحوادث في حديقة جيزي (في إسطنبول) دبرها الشتات اليهودي الناشط في هذا المجال». واتهم أيضا أتالاي الصحافة الدولية و«قوى أجنبية» لم يحددها بالمشاركة «في زعزعة استقرار» تركيا خلال موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع. وأكد أن «تركيا لم تعد كما كانت عليه سابقا»، مشيرا إلى أن «كل الناس على علم بما يحصل».

وفي الذكرى الـ20 لمذبحة صفاص توافد إلى المدينة الآلاف من مختلف أنحاء تركيا ومن خارج البلاد، وتجمع المتظاهرون صباحا في وسط المدينة حول متنزه «أدهم بيه»، وبدأت المسيرة التي شارك بها نحو 10 آلاف متظاهر من الميدان باتجاه فندق «مدامان» الذي قتل فيه الضحايا عام 1993.

وكانت قوات الأمن قد أغلقت الطرق المؤدية إلى الفندق، وبعد مشاورات مع المنظمين سمحت قوات الأمن للمسيرة بالاستمرار، وكان في مقدمة المسيرة أقارب الضحايا الذين حملت صورهم في المقدمة. وفي المسيرة أطلقت الهتافات المعادية للحكومة، كما طالب المتظاهرون بتحويل الفندق الذي كان مسرحا للحريق إلى متحف. شارك في المسيرة حزب الشعب الجمهوري الذي تمثل بـ7 نواب، بالإضافة إلى نائبين عن حزب السلام والديمقراطية. وقد حمَّلت الكلمات التي ألقيت الحكومات السابقة وحكومة أردوغان مسؤولية عدم محاسبة أو القبض على الفاعلين الحقيقيين لهذه المذبحة.

وكان أردوغان أكد أمس أن تركيا لا تتكون من لغة واحدة أو دين واحد، وأنها تفتخر بوجود تعددية دينية وعرقية في ربوعها، مباركا الجميع بحلول شهر رمضان المبارك، وآملا أن يعم فيه الخير على الجميع.

وقال في كلمة ألقاها أمام كتلة حزب العدالة والتنمية البرلمانية، إن تركيا هي دولة ديمقراطية علمانية تحفظ حقوق جميع المواطنين، ولا تميز بين أتباع المذاهب والديانات بأي شكل من الأشكال، وإنها ستحمي قيمها الوطنية ومبادئها بكل بطولة وإباء، ولن تتوانى في يوم من الأيام عن بذل الغالي والنفيس من أجل حماية الوطن وقيمه، مؤكدا على وحدة الشعب والعلم والوطن والدولة في العقيدة السياسية التركية.

ودعا أردوغان أقطاب المعارضة إلى العمل والسعي من أجل خدمة المواطن، والتلاحم مع الشعب من أجل نيل ما ناله حزب العدالة والتنمية من دعم شعبي تجلى من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع، موجها انتقادات لاذعة لسياسات حزب الشعب الجمهوري المعارض، معتبرا إياه عنوان إعاقة المشاريع الخدمية في تركيا، وأن الدعوى التي تقدم بها الشعب الجمهوري إلى المحكمة الإدارية العليا من أجل إيقاف مشروع بناء مطار دولي ثالث في إسطنبول، تكشف عن وجهه الحقيقي.

وقال أردوغان: «كنت أنتظر من دعاة الإنسانية في حزب الشعب الجمهوري أن يعبروا عن موقفهم حيال الاعتداءات التي جرت على المحجبات أثناء المظاهرات التي حدثت في ميدان تقسيم، لكنني لم أسمع ذلك منهم، بل صدر ما هو عكس ذلك».

كما جدد رئيس الوزراء التركي التزامه مواصلة عملية السلام التي بدأتها حكومته لحل النزاع الكردي حتى النهاية رغم الحوادث التي شهدها جنوب شرقي البلاد الجمعة الماضي.

وقال: «لا شيء سيثنينا عن مسعانا (...) عملية السلام ستستمر». وأضاف: «هذه المشكلة ليست وليدة الأمس، وتحتاج إلى كثير من العمل والصبر»، داعيا «جميع الأطراف إلى الهدوء والصبر». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، نسب أردوغان في كلمته المواجهات في جنوب شرقي تركيا إلى سعي المتمردين الأكراد في حزب العمال الكردستاني إلى الاحتفاظ بسيطرتهم على تهريب المخدرات لتمويل أنشطتهم. وصرح رئيس الحكومة التركي: «ينبغي البحث عن دوافع أخرى لهذه الأحداث؛ فهي ليست للمطالبة بمزيد من الحقوق». وتابع: «الحقيقة خلف أحداث ليجه تكمن في حشيشة الكيف». وتؤكد السلطات المحلية إنتاج نحو 500 طن من الحشيشة عام 2012 في جنوب شرقي تركيا في تجارة خاضعة بالكامل لحزب العمال الكردستاني.