قلق دولي متزايد.. ومطالبات بالحوار والاستجابة لـ«صوت الشارع المصري»

أوباما: الديمقراطية أكثر من مجرد انتخابات.. ودعوات غربية لتوخي الحذر مما قد يبدو «انقلابا»

TT

استمر القلق الدولي المتصاعد، أمس، حيال الموقف المعلق في مصر، لليوم الثاني على التوالي، وذلك عقب ظهور تعنت في موقف طرفي الأزمة؛ إذ تصر الرئاسة على موقفها من عدم التنازل، تؤازرها أغلب القوى الإسلامية التي أعلنت استعدادها للدفاع عن «شرعية» بقاء الرئيس محمد مرسي في موقعه، وذلك في مواجهة تصاعد مطالب الشارع المصري التي تنادي برحيل مرسي، دون أي بادرة للتفاوض أو تقليص سقف المطالب.. بينما منح الجيش للأطراف جميعا مهلة، أول من أمس، مقدارها 48 ساعة، لحل الموقف، تبقى منها أقل من 24 ساعة.

وبينما أشارت الرئاسة المصرية، في بيان متأخر، فجر أمس، إلى اتصال أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الرئيس المصري، ناقلا إليه دعم الإدارة الأميركية له كقائد للبلاد، أصدر البيت الأبيض والسفارة الأميركية في القاهرة، ملخصا لفحوى المهاتفة، مؤكدا أن الرئيس الأميركي حث نظيره المصري على الالتزام بالعملية الديمقراطية، والاستجابة للمطالب التي أثارها المتظاهرون.

وقال البيت الأبيض في بيانه، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إن أوباما نقل لمرسي قلقه إزاء الاحتجاجات الحاشدة ضد نظامه، وإنه «أبلغ الرئيس مرسي بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالعملية الديمقراطية في مصر، ولا تدعم أي حزب أو جماعة واحدة»، وأضاف أن «الرئيس أوباما شجع الرئيس مرسي على اتخاذ خطوات لتوضيح أنه يستجيب لمطالبهم (المتظاهرين)، وأكد أن الأزمة الحالية يمكن فقط أن تحل عبر عملية سياسية»، مشددا على أن «الديمقراطية أكثر من مجرد انتخابات، بل هي أيضا ضمان أن تكون أصوات جميع المصريين مسموعة وممثلة من قبل حكومتهم، وذلك يتضمن كثيرا من المصريين الذين يتظاهرون في جميع أنحاء البلاد»، كما أكد الرئيس أوباما ما قاله منذ قيام الثورة، وهو أن المصريين بمفردهم يستطيعون أن يقرروا ما الذي يحدد مستقبلهم.

ونوه البيان أيضا بقلق أوباما «العميق إزاء العنف خلال المظاهرات، وخاصة الاعتداءات الجنسية ضد المواطنات». وكرر اعتقاده أنه على جميع المتظاهرين أن يقوموا بالتعبير عن أنفسهم بشكل سلمي، وحث الرئيس مرسي على أن يوضح لأنصاره أن جميع أشكال العنف غير مقبولة. وأضاف البيان: «نوه الرئيس أوباما بالتزامه بسلامة الدبلوماسيين الأميركيين والمواطنين في مصر، وشدد على توقعاته بمواصلة الحكومة المصرية حماية الموظفين والمنشآت الدبلوماسية الأميركية».

وعلى صعيد موازٍ، أشار مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إلى اتصالات قام بها الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، مع نظيره المصري صدقي صبحي، دون تقديم تفاصيل عن تلك المحادثات. وتأتي تلك المحادثات بين المسؤولين العسكريين في أعقاب إعلان الجيش المصري مهلة 48 ساعة لحل الأزمة السياسية أو وضع خارطة طريق. وقال جورج ليتل المتحدث باسم البنتاغون: «نحن لسنا متأكدين تماما مما سيحدث خلال الـ48 ساعة المقبلة، ولذا لن نشارك في أي نوع من التكهنات».

وفي غضون ذلك، أشار موقع «سي إن إن» الإخباري الأميركي، نقلا عن مسؤولين رفيعين بالإدارة الأميركية، إلى أن الولايات المتحدة ناشدت مرسي إيجاد مخرج للأزمة.

لكن المسؤولين حذروا، في الوقت ذاته، من أن القيام بأي «انقلاب عسكري» قد يتسبب في دفع الولايات المتحدة إلى قطع مساعداتها لمصر، التي تقدر بنحو 1.5 مليار دولار سنويا.. وأوضح أحد المسؤولين (لم يذكر الموقع اسمه) أنه على الرغم من احترام الإدارة الأميركية لتوضيح قادة الجيش في مصر من خلال بيانهم أنهم يريدون حماية الدولة المصرية، فإنه ينبغي توخي الحذر في كيفية التعاطي مع الموقف، حيث إن توجيه أطراف الأزمة إلى الجلوس معا والبحث عن حل هو أمر محمود، بينما تجب الحيطة من سلوك أي مسلك قد يبدو أنه «استيلاء عسكري» على الحكم، بحسب قول المسؤول.

وفي سياق متصل، حث وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله على التوصل إلى حل سلمي للأزمة السياسية في مصر. وقال: «ندعو كل القوى السياسية في مصر إلى سلوك طريق الحوار وطريق الحل التوافقي»، مؤكدا على أنه لا ينبغي استخدام العنف أو حتى التلويح به من أي طرف كوسيلة يمكن استخدامها في التنازع السياسي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية، واصفا الأيام الحالية التي تمر بها مصر بأنها «حاسمة بالنسبة للتحول السياسي في بلد مهم داخل العالم الإسلامي».

من جانبها، دعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الرئيس محمد مرسي، أمس، لأن ينصت لمطالب الشعب المصري، وأن ينخرط في «حوار وطني جاد» لنزع فتيل الأزمة السياسية. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أيضا إن دور الجيش المصري حاسم، متابعا: «إننا نتحدث ونحن نأمل في أن تتطور ديمقراطية جديدة في مصر، وبالتالي فإن ما سيفعله الجيش أو ما لن يفعله مسألة حاسمة. يجب أن لا يتخذ أي إجراء يضعف العملية الديمقراطية»، مضيفا لوكالة «رويترز» أن «ديمقراطية مصر هشة للغاية.. بالطبع، ولا أحد يريد أن يراها تنهار على نحو ما».

من جانبه، أعرب مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، عن قلقه «من انجرار المجتمع المصري إلى العنف»، وقال في تصريح لوكالة أنباء الجمهورية الإيرانية (إرنا) إن «انقسام الشعب المصري لا فائدة منه»، مشيرا إلى أن «مرسي أصبح رئيسا للجمهورية بأصوات الشعب المصري»، محذرا في الوقت نفسه «الشعب المصري من المؤامرات الأجنبية التي تحاك ضد هذا البلد».

وأضاف أنه يتوقع «من القوات المسلحة المصرية التي سجلت مواقف مشرفة كبيرة ضد الأعداء أن تلعب دورا في دعم الحوار الوطني والاهتمام بصوت الشعب المصري».