طرابلس باتت «مخطوفة».. والمجموعات المسلحة تستبيحها

أمين عام دار الفتوى: فئة صغيرة متوترة محركها مجهول تثير رعب الأهالي

TT

أكدت مصادر موثوقة وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن المجموعات المسلحة التي روعت الآمنين في طرابلس مساء أول من أمس، واشتبكت مع الجيش اللبناني في عدد من شوارع المدينة الرئيسية، وحولتها إلى ساحات قتال وقطعت الطرق، لم يتعد عددها الثلاثين شخصا.وقال أمين عام دار الفتوى في طرابلس الشيخ محمد إمام لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعرف من يطلب من هؤلاء الظهور أو إطلاق الرصاص. إنها فئة صغيرة منفلتة ومتوترة، لا ندري ما هي أهدافها، وما الذي تريده، ولماذا تهدأ يوما أو ثلاثة»، معتبرا أن «هناك أمرا امتد إلى طرابلس يشبه ما كان يحدث في باب التبانة. والخلاصة أن المدينة باتت مخطوفة وعلى الجميع أن يتنبه».

وكانت طرابلس قد عاشت ليلة استثنائية، بعد إلقاء القبض على المدعو غالي حدارة، القريب من الشيخ أحمد الأسير، والذي ظهر في شريط فيديو مع المغني المعتزل فضل شاكر وهو يتحدث عن قتل «فطيستين». ثم ظهر في مؤتمر صحافي قبل أيام ليوضح أن من قصدهما شاكر ليسا عسكريين من الجيش اللبناني، وإنما هم قتيلان من حزب الله. إثر هذا الاعتقال، اجتاحت مجموعات مسلحة بعد ظهر أول من أمس مدينة طرابلس، لتقطع مداخلها الأساسية بالإطارات المشتعلة، وتطلق الرصاص والقذائف بشكل عشوائي، وتحاول إقامة اعتصام في ساحة عبد الحميد كرامي عند المدخل الجنوبي للمدينة. ويقول محام، رفض الكشف عن اسمه، احتجز في مكتبه في إحدى المباني القريبة من الساحة أثناء المعارك، إن «عدد المسلحين كان قليلا، لكنهم وصلوا بشكل مفاجئ على دراجات نارية، على كل منها شخصان مزودان بـأجهزة لا سلكية ومعهم رشاشات والقليل من قذائف الـ(بي 7)، وكانوا يتجولون بسرعة على دراجاتهم ويطلقون النار باتجاه سراي طرابلس، ثم يعودون للساحة ليطلقوا النار في الهواء، من دون أن يجدوا من يشتبكون معه. ثم حاولوا تشتيت جهود الجيش الذي وصل بعد دقائق ليفرقهم، وتمكن من إخلاء الساحة بسرعة ليفروا باتجاه الشوارع المحيطة، وهنا بدأت المعارك في مناطق متفرقة، بينما كان الجيش يتعقبهم، حتى بدا أن المعارك تدور في كل مكان من طرابلس».

وأصدرت قيادة الجيش صباح أمس بيانا قالت فيه إن «مديرية المخابرات تابعت تحقيقاتها مع الموقوفين في حادث عبرا بإشراف القضاء المختص، وبنتيجة هذه التحقيقات أوقفت دورية تابعة لها بعد ظهر يوم الجمعة الفائت المدعو غالي حدارة في أحد المنتجعات السياحية على ساحل كسروان، حيث ضبطت في حوزته أدوات لتصنيع العبوات، وهي عبارة عن صواعق كهربائية وفتيل تفجير».

من جانبه، نفى أمين عام دار الفتوى الشيخ محمد إمام أن تكون هيئات إسلامية قد عقدت اجتماعا في دار الفتوى أمس، وقال: «إنما هي مجرد زيارة من الشيخ سالم الرافعي، رئيس هيئة علماء المسلمين، والشيخ مصطفى علوش عن الجماعة الإسلامية، حيث تدارسنا الأوضاع، ولم نصدر بيانا مشتركا، وإنما كل تحدث بعد هذه الزيارة عن رأيه».

وأشار الشيخ الرافعي بعد الزيارة: «المشروع الإيراني يريد جر الشباب السني إلى معركة مع الجيش اللبناني، وهناك عناصر من الجيش يأخذون أوامرهم من إيران ويقتلون بعض الشباب»، مضيفا: «علي غصن (وزير الدفاع) وسليمان (الرئيس اللبناني) كشف ما يجري في وزارة الدفاع من قتل وتعذيب، وإن كان شركاؤنا المسيحيون يغضون الطرف عما يحصل بالسنة، فغدا سيأتي الدور عليكم». وعلق الشيخ إمام على هذا التصريح بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا معلومات ميدانية لدينا حول ما قاله الشيخ الرافعي، لكننا اطلعنا على ما قدمه علماء صيدا من مآخذ ونحن لنا ثقة بهم»، مؤكدا على أن «خيار دار الفتوى هي الدولة والجيش اللبناني والمؤسسات الجامعة». واعتبر أن «ثمة تقصيرا من كل المسؤولين، من سياسيين وعلماء وفعاليات، وعليهم أن يتخذوا موقفا موحدا لا لبس فيه لدرء الفوضى عن المواطنين».

وكان النائب السابق مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» قد اعتبر في حديث إذاعي، أنه «بات من الواضح أن ضرب الجيش مع التجمعات السنية بات أمرا واقعا، وما بدأ في صيدا بات له فصول في طرابلس، وحسبما يبدو أن الفوضى القائمة لا اسم لها». ورأى علوش أن «القضية مفتوحة على المجهول، وهذا المجهول هو مجموعات صغيرة من الفوضويين والمدفوعين من قبل أجهزة استخبارات معينة»، مشددا على أن «المهم أن يستمر الضغط وعلى السلطات الشرعية المحافظة على الحد الأدنى من الأمن وعدم ترك الشارع إلى الفوضى».

ولفت إلى أنه «لا يوجد حزب اسمه حزب الجيش، وهناك مواطن يتمسك بالشرعية، وهناك فضائح خطيرة في المؤسسة العسكرية أدت إلى علامات استفهام، ولكن استهداف المؤسسة شيء والحديث عن إصلاحها شيء آخر».