جوبا والخرطوم.. النفط يعود للتدفق دون إعلان مباشر

نائب رئيس الجنوب يغادر إلى بلاده بعد أن رفع حرج الخرطوم

TT

غادر الخرطوم أمس نائب رئيس دولة جنوب السودان رياك مشار متوجها إلى بلاده، بعد أن أجرى مباحثات مع وصيفه السوداني علي عثمان محمد طه، متعلقة بالأزمة التي نشبت بين البلدين، إثر قرار الرئيس السوداني عمر البشير، بوقف تصدير نفط الجنوب عبر المنشآت السودانية، وتعليق إنفاذ اتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

واتفق الطرفان بعد مفاوضات استمرت يومين، على إحالة شكاواهما للآليات الثنائية المتفق عليها، وجددا قبولهما بمقترحات آلية الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى بشأن الأزمة، وطلبا من الاتحاد الأفريقي ورئيس الإيقاد رئيس الوزراء الإثيوبي تنفيذ مقترحات الآلية الأفريقية رفيعة المستوى فورا.

وعلى الرغم من أن البيان المشترك الصادر عن مباحثات الرجلين لم يقل صراحة إنهما اتفقا على مواصلة تصدير النفط الجنوبي، إلا أن التقديرات كلها تقول إن البلدين تجاوزا «عقبة وقف تصدير النفط».

وتعهد نائبا الرئيسين، في بيان صحافي ليل الاثنين، بالوصول لحل للنزاع بين بلديهما، دون أن يقدما «تصورا معلنا» لكيفية معالجة الأزمة، خلا التأكيد على التزامهما بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بينهما في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

ونشبت الأزمة بين البلدين في يونيو (حزيران) الماضي بإعلان الرئيس عمر البشير عن وقف تدفق صادرات نفط جنوب السودان - 350 ألف برميل يوميا - عبر الأنابيب السودانية إلى ميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، على خلفية اتهامه لجوبا بدعم حركات التمرد التي تقاتل حكومة الخرطوم في ثلاث مناطق، وتقول إنها تعمل على إسقاطها عبر العمل المسلح.

وقال الرجلان عقب المفاوضات التي تم تمديدها ليوم ثان، إنهما يريدان تنفيذ الاتفاقات السابقة بما يسمح بمرور النفط، ووقف تحركات المتمردين على جانبي الحدود بين البلدين، وهي اتفاقات مدرجة فيما يعرف باتفاقية التعاون التي وقعها رئيسا البلدين في أديس أبابا في سبتمبر 2012.

وقال النائب الأول للبشير عقب نهاية المفاوضات، إن «حكومته تملك الإرادة السياسية لتطبيع العلاقات مع جنوب السودان، وللالتزام بالاتفاقات المبرمة معه، وإنها سعيدة بما توصلت إليه مباحثاته، وأنهم سيحلون أي مشكلة دون وسيط».

ولم يتحدث الرجلان في البيان المقتضب الذي أدليا به، ما إذا كانا قد توصلا لاتفاق بشأن استمرار أو وقف تدفق النفط، وهو القضية الرئيسة بين البلدين، إذ إن اقتصاداتهما تعتمدان بشكل كبير على حصيلة العائدات النفطية، واكتفيا بالقول إنهما لن يدعما المتمردين كل في أراضي الآخر، وخلت إفادتيهما من أي تهديدات أو تطمينات بشأن الملف.

ورأى محللون سياسيون أن مباحثات الرجلين أزالت «الجفوة» بين البلدين، واستطاعت تليين المواقف «المفتعلة» بينهما، وتكهنوا باستمرار تدفق النفط بعد نهاية المهلة التي حددتها الخرطوم - 60 يوما - سيما وأن هناك ضغوطا أفريقية ودولية، فضلا عن تأثر اقتصاديهما اللذين يواجهان وضعا كارثيا؛ بشدة حال توقف تصدير النفط.

وقال المحلل السياسي، رئيس حزب البعث السوداني، محمد على جادين لـ«الشرق الأوسط»، إن «قضية تصدير النفط حلت، لأن البلدين مجبران اقتصاديا وسياسيا وإقليميا ودوليا على تسوية الأزمة، وتنبأ أن تشهد العلاقة بين البلدين مرحلة جديدة تتسم بالتعاون وحسن الجوار».

ووصف مباحثات طه - رياك بأنها «حفظت ماء وجه الخرطوم بسبب قرارها المتعجل بوقف النفط، وتعليق اتفاقيات التعاون، الذي تجاهلت فيه الضغوط الإقليمية، وخصوصا رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي، إضافة إلى ضغوط القرار 2046 الصادر من مجلس الأمن الدولي بشأن العلاقة بين البلدين».

وأضاف جادين أن الأوضاع في مصر، واحتمالات انهيار تجربة الإسلاميين المصريين، ستدفع حكومة الخرطوم الإسلامية باتجاه جوبا، وستعيد ترتيب الأوضاع في المنطقة كلها لصالح الشعوب.