سنودن يرفض شروط روسيا ويتراجع عن طلب اللجوء إليها

الأميركي العالق في موسكو قدم طلبات إلى 21 بلدا.. وبوتين يرفض تسلميه إلى أميركا

TT

تراجع الشاب الأميركي إدوارد سنودن، العالق في مطار موسكو والملاحق من قبل حكومة بلاده بتهمة التجسس، عن طلب اللجوء السياسي إلى روسيا، لكنه لم يتلق حتى ظهر أمس أي طلب إيجابي من 20 دولة أخرى.

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن «سنودن وبعد أن اطلع على الشروط التي طرحها الرئيس فلاديمير بوتين لمنح حق اللجوء السياسي تراجع عن طلبه، وأعلن أنه لا يريد البقاء في روسيا». وكان بوتين ربط منح اللجوء إلى المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية، بالتزامه الكف عن نشاطه المناوئ للمصالح الأميركية والتي تلحق الضرر بالولايات المتحدة التي وصفها بأنها شريكة لروسيا الاتحادية، وهو ما قال بوتين إنه قد يبدو غريبا أن تصدر عنه مثل هذه الكلمات. وأضاف المتحدث أنه يتعين على سنودن الآن أن يختار البلد الذي يريد الإقامة فيه، وهو ما قال إنه وللأسف لا يعرفه. وكشف المتحدث باسم الكرملين عن أن سنودن تقدم بطلب اللجوء السياسي إلى 21 دولة، فيما أكد أن روسيا لن تقوم بتسليمه إلى الولايات المتحدة، وهي الدولة التي يجرى فيها تطبيق حكم الإعدام. وأضاف أن «سنودن سواء حسب معتقداته الشخصية أو لأسباب أخرى يعتبر نفسه مدافعا عن حقوق الإنسان ومناضلا في سبيل مثل الحرية والديمقراطية وحريات الإنسان وهو ما يعترف به أيضا المدافعون الروس عن حقوق الإنسان وزملاؤهم في الخارج وكذلك المنظمات الروسية لحقوق الإنسان. ولذا فإنه يكون من المستحيل تسليم سنودن إلى دول مثل الولايات المتحدة يجري فيها تطبيق أحكام الإعدام».

وقال بيسكوف إن روسيا لم ولن تسلم أي أحد، مؤكدا أن الحالات التي سجلت تسليم روسيا لمواطنين لم تكن تتعلق بتسليمهم بل باستبدالهم مقابل آخرين وهو ما يقصد به الحالات التي سبق وارتبطت بتبادل الجواسيس أم المحكوم عليهم في قضايا جنائية أخرى. وكان نيكولاي باتروشيف رئيس مجلس الأمن القومي الروسي كشف في وقت سابق أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما اتفقا على تكليف مديري جهاز الأمن والمخابرات الروسية الفيدرالي الكسندر بورتنيكوف ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي روبرت مولر بحث الإجراءات المناسبة لتسوية قضية سنودن. وأضاف باتروشيف أن «مهمتهما صعبة إلى حد كبير، لأنهما يجب أن يجدا حلا في إطار القانون الدولي. وحتى الآن لا يمكن القول إن هناك وصفة جاهزة».

وفي واشنطن، أشاد مصدر في الخارجية الأميركية بتصريحات الرئيس بوتين التي اعتبر فيها أن نشاط سنودن قد يؤذي شركاءنا، وأضاف المصدر أنه يتعين على بوتين الآن اتخاذ «الخطوة المنطقية التالية وهي تسليمنا سنودن». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، قبل إعلان أن سنودن طلب اللجوء السياسي في روسيا: «قال بوتين نفسه إنه تردد قبل إعلانه أن التسريبات (تؤذي شركاءنا)». لكن، ما كان يجب أن يتردد. ولم يقل إلا الحقيقة. طبعا، يعرف بوتين الاتصالات بين البلدين مؤخرا، ويعرف قلقنا الكبير على أمننا القومي بسبب تسريبات سنودن. وأشار المصدر إلى تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية باتريك فينتريل، ظهر الاثنين بأن الخارجية الأميركية مستعدة لمنح سنودن وثيقة سفر ليعود إلى الولايات المتحدة.

ومن جانبه كشف موقع «ويكيليكس» أن سنودن تقدم بطلب اللجوء السياسي إلى ما يزيد عن عشرين دولة أشار منها إلى روسيا والصين والنمسا وبولندا ونيكاراغوا وآيسلندا وفنزويلا والبرازيل وبوليفيا والهند وألمانيا وفرنسا. وإذا كانت النرويج أكدت تلقيها الطلب مساء الاثنين، قالت الخارجية الفرنسية صباح أمس إنها لم تتلق هذا الطلب بعد. من جهتها قالت بولندا إنها لن تقبل طلب الشاب الأميركي لأنه «لا يلبي الشروط الرسمية لطلب اللجوء. وحتى لو كان الطلب يلبي الشروط، فلن أصدر فيه توصية إيجابية». كما أعلنت الهند رفضها طلب سنودن. وقال ناطق باسم الخارجية الهندية إن «سفارتنا في موسكو تسلمت رسالة من إدوارد سنودن، وقد درسناه جيدا، وخلصنا إلى أنه ليس هناك أي سبب يدعو إلى قبوله». كما أعلنت الحكومة الإسبانية أمس أنها لم تدرس طلب اللجوء الذي قدمه سنودن لأنه ليس له أي أساس قانوني كونه لم يقدم من قبل شخص موجود على الأراضي الإسبانية. وبدوره، أعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليس أن بلاده مستعدة لدرس طلب لجوء سياسي يقدمه سنودن. وأعلن موراليس لقناة «روسيا اليوم» في تصريحات: «بالطبع إذا قدم طلبا فإننا مستعدون لدرسه وأخذ هذه الفكرة في الاعتبار».

وفي تصريح نشر على موقع «ويكيليكس»، الأول له منذ مغادرته هونغ كونغ قبل ثمانية أيام، اتهم سنودن الرئيس الأميركي باراك أوباما «بالضغط على قادة» الدول التي يطلب حمايتها. وفي بيانه الذي نشر من منطقة الترانزيت في مطار موسكو - شيريميتييفو حيث هو عالق منذ 23 يونيو (حزيران)، أكد المستشار الأميركي السابق للاستخبارات أن أوباما يمارس «الخداع» ويريد تطبيق «العقوبة غير المشروعة» عليه وهي المنفى.

وفي باريس، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف مشترك حول المعلومات المتعلقة بقيام واشنطن بالتجسس على حلفائها. وقال هولاند أثناء لقائه نظيرته الليتوانية داليا غريبوسكايت التي تتولى بلادها حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد: «يجب أن تتخذ أوروبا موقفا مشتركا ومنسقا حول التفسيرات التي يجب أن نطلبها».

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن مساء الاثنين أنه «أخذ علما» بالتزام الرئيس الأميركي باراك أوباما تقديم كل المعلومات المطلوبة حول تجسس الأميركيين على المؤسسات الأوروبية، مكررا التعبير عن «قلقه الكبير». وقال المتحدثون باسم رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي في بيان أن رئيس المجلس الأوروبي «قلق للغاية للمعلومات الصحافية التي تضمنت مزاعم عن مراقبة أميركية لمقار الاتحاد الأوروبي في بروكسل والخارج». وأضاف البيان أن «الاتحاد الأوروبي، وخصوصا عبر دائرته الخارجية، يناقش هذه المزاعم وهو على اتصال بالسلطات الأميركية». وتابع أن «الاتحاد الأوروبي طلب وينتظر توضيحا كاملا وملحا من جانب الولايات المتحدة في شأن هذه المزاعم». وخلص البيان إلى أن «رئيس المجلس الأوروبي أخذ علما بتصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم والتزامه بضمان إرسال كل المعلومات التي يطلبها حلفاء الولايات المتحدة وما هي تحديدا (طبيعة) هذه المزاعم».