البرلمان الأوروبي يرفع الحصانة عن مارين لوبن تمهيدا لمقاضاتها

زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا تواجه المحاكمة لتشبيهها صلوات المسلمين في الشارع بالاحتلال

مارين لوبن تتحدث على الهاتف بينما يجلس إلى جانبها والدها جان ماري لوبن خلال جلسة في البرلمان الأوروبي بستراسبورغ أمس (رويترز)
TT

ستراسبورغ: «الشرق الأوسط» رفع البرلمان الأوروبي، أمس، الحصانة عن مارين لوبن وأصبح بالتالي من الممكن للقضاء الفرنسي أن يلاحق رئيسة «الجبهة الوطنية» اليمينية في فرنسا بعد تصريحاتها التي شبهت فيها إقامة المسلمين «للصلوات في الشارع» بـ«الاحتلال».

وصوت النواب الأوروبيون، الذين اجتمعوا في جلسة عامة في ستراسبورغ، برفع الأيدي لصالح رفع الحصانة عن لوبن النائبة في البرلمان الأوروبي منذ 2004. وتم التصويت بناء على طلب من نيابة منطقة ليون بفرنسا. وكانت لجنة الشؤون القضائية في البرلمان أيدت بغالبية كبرى في 19 يونيو (حزيران) الحالي رفع الحصانة عن لوبن رئيسة «الجبهة الوطنية»، الحزب اليميني المتطرف في فرنسا.

وردت «الجبهة الوطنية»، أمس، في بيان، معتبرة أن رفع الحصانة يعكس «القلق الرهيب إزاء مسؤولة سياسية يثير نجاحها الانتخابي خوف السلطة». واستبقت رئيسة الجبهة الوطنية النائبة في البرلمان الأوروبي منذ 2004 هذا القرار قائلة، أول من أمس (الاثنين)، في تصريح لتلفزيون «إل سي آي»: «نعم، سيحصل هذا الأمر لأنني معارضة، لكنني لا أخشى ذلك على الإطلاق، وأستخف به». واعتبرت أيضا أنهم يريدون ملاحقتها قضائيا بسبب «جنحة رأي»، وأصرت على تصريحاتها التي أدلت بها في ديسمبر (كانون الأول) 2010 وتسببت لها بملاحقات.

وكانت لوبن نددت آنذاك بأداء مسلمين «الصلاة في الشارع» ووصفته بـ«الاحتلال من دون دبابات ولا جنود، إلا أنه مع ذلك يبقى احتلالا». وتعتبر لوبن أن جنحتها الوحيدة هي أنها «تجرأت على قول ما يفكر به كل الفرنسيون، أي أن الصلوات في الشارع، التي أقول لهم إنها مستمرة في الأراضي الفرنسية، هي احتلال». وتابعت لوبن في حديثها التلفزيوني أول من أمس (الاثنين): «أتمسك بكلامي ورفع الحصانة النيابية عني سيصوت عليه خصومي السياسيون من اليمين واليسار، ولا مشكلة عندي في ذلك». واعتبرت أن الهدف من ذلك «محاولة ترهيبي»، مضيفة: «ألفت إلى أن الحصانة تبقى سارية على نواب يختلسون المال»، لكن «حين يتعلق الأمر بتصريحات سياسية تجري محاكمة، وآمل في أن أكسبها»، كما أعربت عن تمسكها «بحريتها للتعبير».

وقبل لوبن حُرم برونو غولينيش، النائب الأوروبي، أيضا من «الجبهة الوطنية»، مرتين من حصانته البرلمانية، بعد تصريحات أدت إلى ملاحقته قضائيا في فرنسا. وفي عام 1998، استهدف جان ماري لوبن والد مارين بالإجراء نفسه، بعدما أعلن أن غرف الغاز التي استخدمها النازيون «ليست سوى تفصيل في تاريخ الحرب العالمية الثانية».

ورفع البرلمان الأوروبي الحصانة عن مارين لوبن قد يؤدي إلى إدانتها بـ«الحض على الكراهية العرقية». وبموجب بروتوكول للاتحاد الأوروبي حول الامتيازات والحصانات، يتمتع نائب أوروبي «بالحصانة بسبب آرائه والتصويت الذي يعبر عنه خلال مهامه البرلمانية، وبالحصانة البرلمانية التي تشمل من حيث المبدأ حماية من الملاحقات القضائية». لكن القضاء الأوروبي رأى في حالات سابقة، وخصوصا في قضية برونو غولنيش، أنه «لكي تشمل الحصانة رأيا ما، يجب أن يكون النائب قد عبر عنه خلال ممارسة مهامه البرلمانية، مما يتطلب وجود رابط بين الآراء التي عبر عنها والوظائف البرلمانية».

وأوضحت محكمة العدل الأوروبية أن هذا الرابط «يجب أن يكون مباشرا وواضحا».

وقال مصدر برلماني إنه في حالة لوبن «لا علاقة مباشرة» بين تصريحاتها ومهامها النيابية. وكان النواب الأوروبيون في لجنة الشؤون القضائية أعلنوا موقفهم من حصانتها، استنادا إلى تقرير أعدته النائبة الليبرالية السويدية سيسيليا ويلكستروم. ولم يشارك النواب الفرنسيون في إعداد التقرير لتجنب اتهامهم بالقيام بتصفية حسابات بين فرنسيين.

وعند تصويت اللجنة على التقرير، كانت لوبن غير العضو في اللجنة في موسكو. وقال مصدر برلماني إنها دُعيت ثلاث مرات للدفاع عن موقفها أمام اللجنة في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) ومايو (أيار)، لكنها لم تلبِّ هذه الدعوة.

يُذكر أن مارين لوبن حصلت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت قبل أكثر من سنة على 17.9 في المائة من الأصوات، بينما أظهرت ثلاثة استطلاعات للرأي أجريت في الآونة الأخيرة أن مستوى شعبية لوبن يصل إلى 21 و22 و23 في المائة، محققة نسبا مماثلة لتلك التي نالها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أو تتجاوزه.