حزب الأغلبية بالجزائر يدخل في دوامة بسبب عجزه عن إيجاد قائد منذ 6 شهور

مشادات بين قياديي «جبهة التحرير» وضعف في التعاطي مع «مرحلة ما بعد بوتفليقة»

TT

نشبت حرب كلامية حادة بين قياديين في حزب الأغلبية الجزائري «جبهة التحرير الوطني»، بسبب تراجع نشاط الحزب في ظروف سياسية حساسة، وذلك منذ تنحية الأمين العام عبد العزيز بلخادم نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي.

واتهم أحمد بومهدي وهو أحد أبرز القياديين، منسق «المكتب السياسي»، وزير التجهيز الأسبق عبد الرحمن بلعياط، بـ«اغتصاب قيادة الحزب وانتحال صفة الأمين العام للحزب تحت اسم منسق». ونشر بومهدي على صفحات إشهارية بصحيفة محلية، أمس، بيانا طويلا انتقد فيه بشد القيادة المؤقتة للحزب، وعلى رأسها بلعياط الذي قال عنه: «لقد أصبح يمارس الصلاحيات المخولة أصلا للأمين العام، ومنها الحديث باسم الحزب بإصدار القرارات والإشراف على المهرجانات واللقاءات.. وأصبح يتصرف في القضايا المالية والميزانية للحزب لتغطية مصاريف نشاطات غير قانونية، كالمهمات داخل وخارج البلاد».

واتهم صاحب الرسالة بلعياط بـ«عرقلة استئناف دورة اللجنة المركزية حتى لا يتم انتخاب أمين عام جديد، فهو يسوق أشياء مزيفة للتخويف من تداعيات اجتماع إطارات اللجنة المركزية»، في إشارة إلى تصريحات سابقة لبلعياط، جاء فيها أنه لن يستدعي اجتماعا «للجنة المركزية» (أعلى هيئة ما بين مؤتمرين تضم أكثر من 250 عضوا قياديا)، لأن التوافق بين فرقاء الأزمة التي يعيشها الحزب، مستحيل حسبه، وأن التوجه إلى الاجتماع سيزيد من عمق الأزمة.

وحمّل بومهدي بلعياط «مسؤولية الشلل الذي أصاب الهياكل النظامية للحزب وتدهور الحالة النفسية لكثير من أعضاء القيادة بسبب الخوف المشروع مما قد يؤول إليه مصير الحزب، بالإضافة إلى بروز نوايا غير بريئة جسدتها تصرفات بعض أعضاء المكتب السياسي المحل قانونا، الذي لم يعد له وجود على اعتبار أنه مرتبط وجودا وعدما بشخص الأمين العام، إذ يبقى ببقائه ويزول بزواله».

ويقصد بومهدي بذلك أن المكتب السياسي بأعضائه الـ15 كان ينبغي أن يحل بعد أن خسر قائدهم بلخادم معركة الثقة بالاحتكام إلى صندوق الانتخاب، في آخر اجتماع، مما دفعه إلى الاستقالة.

ويتزعم بومهدي آخر اجتماع لـ«اللجنة المركزية»، ومن هذا المنطلق دعا أنصاره إلى التعجيل بعقد اجتماع لانتخاب خليفة لبلخادم، حتى ينطلق الحزب في التحضير لانتخابات الرئاسة المرتقبة في ربيع العام المقبل. وينحدر غالبية رؤساء البلاد من حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي خاض معركة التحرير من الاستعمار في خمسينات القرن الماضي.

وقال عبد الرحمن بلعياط، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إنه مستعد للدعوة إلى اجتماع في أقرب وقت لانتخاب أمين عام جديد «ولكن عليهم (معارضيه) أن يعطوني مؤشرا واحدا على أن انقسامنا لن يزداد حدة لو اجتمعنا في هذه الظروف». وأضاف: «لا أريد أن أتحمل مسؤولية إخفاق جديد، ولو حدث سيستمر انكسار الحزب سنوات طويلة».

وتراجع تعاطي الحزب مع القضايا السياسية المطروحة، منذ تنحية بلخادم الذي وضع «جبهة التحرير» طيلة 10 سنوات الماضية، في واجهة الأحداث، بفضل تفاعله المستمر معها. ويحتل الساحة السياسية حاليا، أحزاب التيار الإسلامي التي تتعاطى بقوة مع أكثر الملفات أهمية منذ شهرين على الأقل، وهي مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (هو في الوقت نفسه رئيس جبهة التحرير)، ومدى قدرته على مواصلة الحكم ودعوة الإسلاميين الملحة إلى تفعيل مادة دستورية تتحدث عن شغور منصب رئيس الجمهورية، بسبب المانع الصحي. وكان تصدي «الجبهة» لهذه الدعوة محتشمة، لم تتعد بعض التصريحات المعارضة الصادرة عن بلعياط. ويعود هذا الضعف إلى عجز الحزب عن إيجاد قائد في حجم الأغلبية التي يملكها في البرلمان.