الحكومة السورية تمنع المسافرين من حمل مواد غذائية إلى خارج البلاد

شح في الحليب المجفف والحبوب.. والمؤسسة الاستهلاكية ستفتح معارض للسلع الغذائية في رمضان

TT

في سابقة تعد الأولى من نوعها، أصدر رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي قرارا بـ«منع المغادرين من كل الأمانات الجمركية من إخراج أي مواد غذائية بصحبة مسافر؛ سواء أكانت هذه المواد سورية المنشأ أم أجنبية سبق استيرادها إلى سوريا تحت طائلة مصادرة المواد المصطحبة والملاحقة بمخالفة التصدير تهريبا»، وذلك وفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا).

وأضحت «سانا» أنه سيتم تطبيق الأحكام القانونية النافذة بشأن ملاحقة ومعاقبة المخالفين لأحكام منع اصطحاب المواد الغذائية، وتكليف مديرية الجمارك العامة بتنفيذ مضمونه والتقيد به.

وأثار هذا القرار استغراب السوريين، الذين دأبوا على حمل وإرسال مواد غذائية سورية، كالحلويات والمربيات وكثير من المأكولات «الشامية»، إلى الخارج كهدايا للمغتربين. وبدا من نص القرار أن المقصود هم مهربو المواد الغذائية، إلا أن السوريين يخشون أن يكون قرار أمس ذريعة جديدة لتقاضي موظفي الجمارك الرشاوى من المغادرين. ويقول أبو فاروق، وهو سائق تاكسي على خط دمشق - بيروت، إن كثيرا من العائلات السورية الميسورة، التي انتقلت للسكن في لبنان جراء الأحداث، يطلبون منه أن يحمل إليهم «لحوم وألبان وأجبان وحلويات من دمشق، وذلك لأن أسعارها أرخص في دمشق من بيروت، وأيضا لأنهم معتادون عليها»، كما لفت أبو فاروق إلى أن «هناك سوريين نازحين فقراء وعمالا يطلبون منه أن يأتيهم بالخبز والجبنة، وبعض الأطعمة والمعلبات السورية والأدوية من الشام، لرخص أسعارها قياسا بلبنان».

وحول رأيه بهذا القرار، قال: «لم نعرف بعد ماذا يعني هذا القرار، غالبا أنه باب جديد للتسليح، وقبض الرشاوى من موظفي الحدود والجنود على الحواجز»، وحول كيفية تعويض ذلك يقول: «حتما سيرتفع أجر السيارة، لقد كان أجر النقل بالتاكسي من دمشق إلى بيروت 5 آلاف ليرة، أما الآن، فهو 15 ألفا بسبب ارتفاع سعر البنزين، ومع قرار كهذا لا نعرف، كما يجيب علينا أن نرفع الأجر حتى لا يكون عملنا خسارة بخسارة».

ويعاني السوريون من شح في كثير من المواد الغذائية، مع ارتفاع متواصل بالأسعار، بما يفوق القدر الشرائية بعدة أضعاف لذوي الدخل المحدود، وقد توقعت مصادر اقتصادية قريبة من الحكومة، أن يكون شهر رمضان المقبل «الأسوأ» الذي يمر على سوريا منذ عقود، وذلك بسب تراجع قيمة الليرة وبطء عملية الاستيراد.

وسجل سعر صرف الدولار يوم أمس ارتفاعا جديدا، حيث بلغ 210 ليرات للدولار الواحد، ومن المتوقع أن يستمر بالارتفاع على الرغم من تدخل المصرف المركزي. وتعزو الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار أسباب التخبط في الأسواق السورية إلى «عدم استقرار، وارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي في السوق المحلية، وزيادة أسعار الشحن الخارجي والداخلي، وارتفاع أسعار النقل بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية والمشتقات النفطية وغيرها»، وذلك في تصريحات نقتلها صحيفة «الوطن» السورية، شبه الرسمية، التي قالت إنه، وبعد قيام اللجنة المكلفة بمهمة رصد الأسواق بإجراء جولات ميدانية على أسواق «دمشق فقط»، البزورية والدقاقين والجابية، ومجموعة من مستوردي المواد الغذائية، أسندت الهيئة نقص العرض في حليب الأطفال المجفف «لخروج أو توقف خطوط التعبئة الرئيسة المزودة للسوق».

وحول توفر المواد الغذائية، أفادت الهيئة بتوفر أغلب المواد الغذائية وبما يغطي السوق حاليا، مع وجود انقطاع بسيط بتزويدها للسوق بين فترة وأخرى، وسببه تأمين نقلها، إما من المرفأ أو مكان إنتاجها في المحافظات، وفقا للظروف والحالة الأمنية على الطرقات. كما يوجد نقص في مواد أخرى لأسباب عدة، منها خروج كثير من المزودين من السوق، وصعوبة تأمين بوالص القطع الأجنبي اللازم للاستيراد، ونقص شديد في المواد الخام اللازمة للتصنيع، وخروج كثير من خطوط الإنتاج خارج الخدمة وغيرها.

كما أوضحت الهيئة أن سبب نقص البرغل والقمح المقشور هو «وجود مشكلة مركزية بتوفر القمح وتوقف الدولة عن البيع للمطاحن، أما العدس والفول اليابس فأسعاره مرتفعة لنقص في تأمين المادة من مكان الإنتاج من المنطقة الشمالية والشرقية، أما ذرة البوشار فتكلفة استيرادها عالية، ويبلغ سعر كيلوغرام الاستيراد 193 ليرة».

وفي السياق ذاته، توقع معاون وزير الاقتصاد والتجارة عبد السلام علي أن تبدأ «مؤسسة التجارة الخارجية» باستيراد السلع الأساسية التي تريد الحكومة استيرادها، وتشمل السكر والأرز والزيوت والسمون والأدوية والورق والأعلاف، خلال الفترة القريبة المقبلة. وفي تصريح له لجريدة «البعث» قال علي إن «قائمة المواد المراد استيرادها من تلك المؤسسات تشمل السكر والأرز والزيوت والسمون والأدوية والورق والأعلاف وغيرها من المواد المطروحة ضمن خطة الاحتياجات العامة للدولة لكل سلعة، وسيتم البيع بمنافذها بالجملة والمفرق وبأسعار تنافسية مع السوق».

ونفى علي أن «خطوة الحكومة احتكار لدور القطاع الخاص»، مؤكدا أن «عمليات الاستيراد ستتم من كثير من الدول، مع التركيز في ذلك على الدول الصديقة، وبما يتوافق مع المواصفات القياسية السورية».

وكان مدير عام «المؤسسة العامة الاستهلاكية» كشف الذيب أن المؤسسة بصدد توقيع مذكرة تفاهم مع شركة إيرانية لاستيراد السلع الغذائية من السكر والأرز والمعلبات وحليب الأطفال وغيرها، بغية الاستفادة من قرض الإيراني الائتماني البالغ مليار ليرة. وتعتزم «المؤسسة العامة الاستهلاكية» إطلاق معرض للتسوق مع بداية شهر رمضان في مجمع الأمويين الاستهلاكي، على مساحة 1200 متر مربع، وسيبيع في النصف الأول من الشهر السلع الغذائية من أرز وسكر وزيوت وسمون ومعلبات وجميع السلع المتعلقة بشهر رمضان المبارك، كالتمور وقمر الدين والحبوب بأنواعها، وسيخصص النصف الثاني بإضافة تشكيلة واسعة من الألبسة بأسعار منافسة والحلويات استعدادا لعيد الفطر.