«تمرد».. من «هواة» يجمعون التوقيعات إلى «إقالة نظام»

خرجت من «حارة ضيقة» في القاهرة لتبهر العالم

TT

مجموعة من صغار الناشطين تحركت من حارة ضيقة في وسط القاهرة، في أبريل (نيسان) الماضي. وبعد أسابيع بدأت تلفت انتباه المصريين. وقبل أن يحل يوم 30 يونيو (حزيران) الماضي كانت قد جمعت أكثر من 20 مليون توقيع على أوراق تطالب بإقالة الرئيس الذي جرى عزله يوم أول من أمس، محمد مرسي، بعد أن خرج ملايين المصريين في الشوارع لتأييد هذا المطلب.

وفي منطقة «وسط البلد» بالعاصمة المصرية كان عدد من هؤلاء الناشطين الشباب لا يجد الأموال الكافية لتصوير مئات الأوراق المعنونة باسم حركة «تمرد»، لجمع التوقيعات عليها من المصريين.

لكن بعد أسابيع أصبحت الحركة قادرة ليس على تصوير ملايين الأوراق فقط، بل التحرك عبر السيارات والحافلات في عموم مصر لحشد الناس على فكرة واحدة هي التخلص من نظام جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس. وشعر التيار الإسلامي من خطر هذه الحركة. وأسس في المقابل حركة أطلق عليها اسم «تجرد»، وانهال قادة هذا التيار بالاتهامات على شبان «تمرد»، ومن بينهم محمود بدر، وهو شاب قادم من صفوف الإعلاميين المصريين المغمورين، وزملاء له ناشطون في المجال الحقوقي والأهلي. ومن التهم التي أشيعت ضدهم محاربة الإسلام والموالاة للغرب والعداء للدين. كما توالت البلاغات ضدهم أمام النائب العام السابق الذي يتهمه البعض بالموالاة لجماعة الإخوان.

لكن من هي الجهات التي كانت تحمي هؤلاء الشباب وتقوم بتوجيههم وإحاطة تنقلاتهم وأماكن مبيتهم في الفنادق بالسرية التامة. هذا سر لم يكشف عنه بعد، على الرغم من وجود مؤشرات عن أنه، وبداية من النصف الثاني من شهر مايو (أيار)، أصبحت حركة «تمرد» حركة قوية لا يمكن أن يسيرها مجموعة من الهواة.

لكن محمود بدر مؤسس هذه الحركة يقول إن الشعب هو الذي كان يحمي حركة «تمرد» ويسير وراءها ويحمي مؤسسيها والمشاركين فيها، لأنه، أي الشعب، هو الذي وقع على أوراقها ولديه رغبة في تجسيد فكرة الإطاحة بنظام الإخوان على أرض الواقع، خاصة بعد أن التف حولها العديد من الأحزاب السياسية المعارضة والحركات الثورية الأخرى.

وبدأت «تمرد» كحملة معارضة مصرية تدعو لسحب الثقة من مرسي. وانطلقت يوم الجمعة 26 أبريل (نيسان) 2013 من ميدان التحرير بالعاصمة. وأعلنت في أول أسبوع لها عن جمع نحو ربع مليون توقيع. وفي منتصف مايو (أيار) وصل عدد الموقعين على مطالبها إلى نحو 2.5 مليون مصري من مختلف الاتجاهات، ويستثنى من ذلك أنصار التيار الإسلامي، الذين كانوا يعلنون من جانبهم عن ملايين الموقعين على حملة «تجرد» المناصرة للرئيس، ويقودها القيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد.

وبمرور الوقت بدا أن عدد المتمردين أكبر بكثير من عدد المتجردين، وفقا لما عكسته الحشود في الشوارع والميادين التي انطلقت بالفعل، وبالملايين، على الأرض بداية من يوم الجمعة الماضي.

ويقول حسن شاهين، المتحدث باسم «تمرد» لـ«الشرق الأوسط» إنه بحلول يوم 29 الماضي تمكنت الحركة من جمع أكثر من 22 مليون توقيع لسحب الثقة من محمد مرسي. وفي هذا اليوم أعلنت الحركة بشكل واضح أن لديها خططها بشأن المستقبل، ومن يخلف مرسي والطريقة التي ستتم بها إدارة البلاد. وبدا أن خطتها هذه تتوافق مع خطط أعلن عنها بعض السياسيين الكبار المعارضين، ووردت أيضا في بعض التسريبات التي خرجت من مصادر أمنية، خاصة بعد أن أعلن الجيش عن مهلة للفرقاء السياسيين للتوصل إلى اتفاق قبل أن يتدخل بنفسه. وقال الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري إن الشباب سيشاركون في رسم مستقبل البلاد. وشارك عدد من قادة تمرد في الاجتماع الذي عقده الجيش مع القادة السياسيين وشيخ الأزهر وبابا الأقباط، وهو الاجتماع الذي نتج عنه عزل مرسي، وإعلان خارطة طريق لإنقاذ البلاد.