نص خطاب الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد أدائه اليمين القانونية

TT

«بسم الله الرحمن الرحيم تلقيت ببالغ الاعتزاز والتقدير والتوقير والإجلال أمر تكليفي بتولي رئاسة الجمهورية خلال الفترة الانتقالية القادمة ممن يملك إصداره، وهو شعب مصر العظيم، السيد والقائد ومصدر جميع السلطات بعد أن قام في الثلاثين من يونيو (حزيران) بتصحيح مسار ثورته المجيدة التي تمت في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) سنة 2011.

إن أعظم ما تم في الثلاثين من يونيو أنه جمع الشعب كله بغير تفرقة ولا تمييز، وكان للشباب فضل المبادرة والمبادأة، والريادة والقيادة، وأنبل ما في هذا الحدث العظيم أنه جاء تعبيرا عن ضمير الأمة وتجسيدا لطموحاتها وأمانيها، ولم يكن دعوة إلى تحقيق مطالب خاصة أو مصالح شخصية.

إن ضمان استمرار روح الثورة يحمل لنا بشائر الأمل وأطياف الرجاء في التمسك بمبادئ هذه الثورة وقيمها الجديدة وفي مقدمتها أن تنتهي إلى غير رجعة عبادة الحاكم التي تخلق منه نصف إله، وأن تسقط كل أنواع القدسية والحماية والحصانة التي يضفيها الضعفاء على الحكام والرؤساء، وأن نتوقف عن إنتاجنا في صناعة الطغاة فلا نعود نعبد من دون الله - جل جلاله - صنما ولا وثنا ولا رئيسا.

إنني أرجو ألا يرحل الثوار عن الميدان، يظل المصريون هناك يتناقلون الراية جيلا بعد جيل يسطرون لهذه الثورة آيات الخلود والرفعة، ولا أقصد بالميدان حدود المكان ولا الوجود الجسدي فيه، وإنما أن تتجدد روح الميدان في نفوس المصريين جميعا متوثبة يقظة تحمي الثورة وتحرسها في مستقبل الأيام والسنين.

إننا نتطلع إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بإرادة شعبية حقيقية غير مزيفة، ذلك هو المدخل الآمن الوحيد من أجل غد أكثر إشراقا، وأرحب حرية، وأوفى ديمقراطية، وأوفر عدلا، وأكثر وعيا، وأطهر سلوكا، تتحقق فيه رفعة الوطن وعزة الشعب.

تحية للشعب المصري الثائر الصابر الصامد الذي أثبت للدنيا كلها أنه لا يلين ولا ينحني ولا ينكسر.

تحية للشباب المصري الجسور الرائع الذي كان طليعة الشعب، ودليلا له في ارتياد طريق الانتصار حتى بلوغ نهايته.

تحية للقوات المسلحة الباسلة التي كانت دوما - وكعهدها أبدا - ضمير أمتها، وحصن أمنه وحمايته، والتي لم تتردد لحظة في تلبية نداء الوطن والاستجابة لإرادة الشعب.

تحية للقضاء المصري الشامخ العادل الحر المستقل الشجاع الذي تحمل - بصبر لا ينفد - كل محاولات العدوان على استقلاله، والنيل من قضاته، فارتدت سهام المعتدين إلى نحورهم، ووقف إلى جانب شعبه مدافعا عن قضاياه حتى أذن الله بالنصر.

تحية لرجال الشرطة الذين أدركوا بيقين أن مكانهم الحقيقي إلى جوار الجماهير وبين صفوفها حراسة لها وتأمينا لمطالبها ومصالحها تحت راية القانون.

تحية للإعلام المصري الذي كان مشعلا أضاء الطريق أمام الشعب وكشف الغطاء عن سوءات النظام السابق.

تحية لكل القوى السياسية، وجموع الشعب على اختلاف أفكارهم ومعتقداتهم رجالا ونساء وشيوخا وشبابا الذين شاركوا في صنع هذا اليوم المجيد يوم الثلاثين من يونيو والذين سيشاركون معا بإذن الله في صياغة مستقبل هذا الوطن.

أسأل الله أن يحفظ مصر وشعبها ويقيها شر الفتن والانقسامات، إنه نعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».