أوباما يدعو الجيش المصري للإسراع في نقل السلطة لحكومة منتخبة ويبدي قلقه من القبض على مرسي

أعضاء الكونغرس: كان عقبة في تحقيق الديمقراطية الدستورية وأهدر فرصة تاريخية للعمل مع المعارضة

TT

أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما قلقه العميق من الخطوات التي قام بها الجيش المصري لعزل الرئيس المصري محمد مرسي وتعطيل الدستور، لكنه لم يطلق عبارة «انقلاب عسكري» على تلك الخطوات، ودعا الجيش إلى الإسراع في نقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطية، ولم يدع إلى عودة الرئيس المصري محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا. فيما أبدى عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي ترحيبهم بعزل مرسي لسوء إدارته للبلاد.

وقال أوباما في بيان عقب إعلان عزل الرئيس مرسي: «كما قلت منذ بداية الثورة المصرية إن الولايات المتحدة تدعم مجموعة من المبادئ الأساسية تشمل نبذ العنف وحماية حقوق الإنسان والإصلاح الذي يلبي التطلعات المشروعة للشعب. والولايات المتحدة لا تدعم أفرادا معينين، أو أحزابا سياسية، لكننا ملتزمون بالعملية الديمقراطية واحترام سيادة القانون. ومنذ بدء الاضطرابات الحالية في مصر دعونا جميع الأطراف للعمل معا للاستجابة للمطالب المشروعة للشعب المصري وفق عملية ديمقراطية، ودون اللجوء إلى العنف أو استخدام القوة».

وأبدى أوباما قلقه «العميق» قائلا: «نحن نعتقد أن مستقبل مصر يقرره المصريون وحدهم، لكننا نشعر بقلق عميق من قرار القوات المسلحة المصرية لعزل الرئيس مرسي وتعليق الدستور. والآن أطالب الجيش للتحرك بسرعة وبمسؤولية لإعادة السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا في أقرب وقت ممكن من خلال عملية شاملة وشفافة، وإلى تجنب أي اعتقالات تعسفية للرئيس مرسي ومؤيديه».. مطالبا الإدارات والوكالات المعنية باستعراض الآثار المترتبة على التطورات على المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر. وحث الرئيس الأميركي الجيش المصري على ضمان حقوق المصريين من المؤيدين والمعارضين لمرسي، وتجنب العنف. وقال: «تعتقد الولايات المتحدة اعتقادا راسخا أن أفضل أساس لتحقيق الاستقرار الدائم في مصر هو نظام سياسي ديمقراطي بمشاركة جميع الأطراف السياسية وجميع الأحزاب العلمانية والدينية والعسكرية والمدنية والعسكرية».

وأوضح مصدر مسؤول بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس أوباما حرص في بيانه ألا يستخدم كلمة «انقلاب عسكري»، ودعا الجيش إلى نقل السلطة لحكومة مدنية منتخبة ديمقراطية؛ وليس لحكومة الرئيس مرسي. وأشار المسؤول إلى أن الإدارة الأميركية لم تشأ أن تظهر بمظهر أنها تدعم بشكل صريح عزل مرسي من السلطة، لذا لم تؤيد صراحة تلك الخطوة. وأوضح أن رسالة الرئيس الأميركي التي نقلها للجانب المصري هو أن الإدارة تقبل بما حدث حتى تتحول مصر إلى الأفضل.

وأشار المسؤول إلى أن عدم استخدام كلمة انقلاب عسكري في وصف التطورات في مصر يشير إلى موقف إيجابي من الإدارة الأميركية، موضحا أن هناك آثارا سلبية على وصف عزل مرسي بالانقلاب العسكري بموجب قانون الولايات المتحدة على المساعدات المقدمة لمصر. وحول تحذير الرئيس أوباما من المحاكمات التعسفية للرئيس مرسي ومؤيديه، أوضح المسؤول أن نية الإدارة الأميركية هي ضمان الحقوق والسير في الاتجاه الصحيح.

من الجانب الآخر، خرجت عدة تصريحات من بعض أعضاء مجلس النواب والكونغرس الأميركي مشيدين بأداء الجيش المصري ووضع مصلحة الشعب المصري في المرتبة الأولى. وكانت أولها لزعيم الأغلبية في مجلس النواب الأميركي أريك كانتور، الذي قال في بيان إنه «في الأيام الصعبة المقبلة سيكون من المهم أن تقوم السلطات المصرية بحماية حقوق ومصالح وأمن جميع المواطنين في مصر، وعلى الجانب الآخر يجب على الرئيس مرسي وضع مصلحة سكان مصر بانتماءاتهم المختلفة فوق مصلحته ومصلحة جماعة الإخوان المسلمين».

وأضاف: «لقد قال الشعب المصري كلمة واضحة أن حكومة الرئيس مرسي الإخوانية هددت التعددية الديمقراطية التي طالب بها المصريون منذ عامين، والديمقراطية هي أكثر من مجرد انتخابات. ومن المهم أن يستمع قادة مصر إلى شعوبهم وإلى كافة الدعوات للقيام بعملية ديمقراطية شفافة وتعددية».

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الجمهوري إد رويس: «من المؤسف أن مرسي لم يلتفت إلى المطالب الشعبية بإجراء انتخابات مبكرة بعد عام من قيادته السيئة في مصر ومحاولة جماعة الإخوان المسلمين الاستيلاء على السلطة». واستخدم رويس كلمة مرسي دون أن يسبقها كلمة رئيس. وقال: «كان مرسي عقبة أمام تحقيق الديمقراطية الدستورية التي يريدها معظم المصريين، ويحدوني الأمل أن رحيله سوف يعيد فتح الطريق لمستقبل أفضل لمصر. وأنا أشجع جميع الأطراف السياسية إلى التعاون في إنشاء المؤسسات الديمقراطية السلمية، وإجراء انتخابات جديدة تؤدي إلى حماية حقوق الأقليات، لكن لا يجب الوقوع في الخطأ لأن مصر ستواجه أياما صعبة للغاية».

أما السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي، رئيس لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ (التي تشرف على المساعدات الخارجية)، فقال: «كانت حكومة مرسي مخيبة لأمال الشعب المصري، ولجميع الذين كانوا يرغبون أن تنجح مصر في المرحلة الانتقالية، وفي حكومة تمثل الشعب المصري في ظل القانون». وأضاف: «أهدر مرسي فرصة تاريخية، وفضل أن يحكم معتمدا على القدر بدلا من العمل مع الأحزاب السياسية الأخرى، بما يحقق ما هو أفضل لجميع المصريين. وقد قال القادة العسكريون في مصر إنه ليس لديهم النية أو الرغبة في السلطة، وآمل أن يفوا بوعودهم».

وحول المساعدات الأميركية لمصر، قال السيناتور ليهي: «القانون الأميركي واضح أنه يتم قطع المساعدات الأميركية عندما يتم خلع رئيس منتخب ديمقراطيا من خلال انقلاب عسكري»، وأضاف: «ونحن نعمل على الموازنة الجديدة فإن اللجنة التي أشرف عليها سوف تستعرض مستقبل المساعدات للحكومة المصرية وننتظر الحصول على صورة أكثر وضوحا، وكأقدم ديمقراطية في العالم هذا هو الوقت لإعادة تأكيد التزامنا بمبدأ أن نقل السلطة يجب أن يكون عن طريق صناديق الاقتراع وليس بقوة السلاح». وحث السيناتور الجمهوري بوب كروكر، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الإدارة الأميركية على النظر إلى الصورة الإقليمية في ضوء المصالح الأمنية الحيوية الأميركية عند استعراض المساعدات الأميركية. وقال: «لدينا تعاون طويل الأمد مع مصر، وهو أمر ضروري لتحقيق الاستقرار في المنطقة التي يجب أن تظل أولوية لدينا».

وانتقدت النائبة الجمهورية إيلينا روس ليتنين، رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب، أداء إدارة الرئيس أوباما في التعامل مع ثورات الربيع العربي. وقالت في تصريحات تلفزيونية: «لقد راهنا على الناس الخطأ عدة مرات، وقد قال كثير منا في الكونغرس انظروا إلى جماعة الإخوان المسلمين إنها جماعة تسعى للحصول على السلطة، ولن تكون ديمقراطية بالشكل الذي نعتقد». وأضافت: «سارت إدارة أوباما على غير هدى عندما يتعلق الأمر بالسياسة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجاء مرسي المنتمي للإخوان المسلمين للسلطة، وكان ضد المسيحيين وضد المرأة، وأهدرت الإدارة الأميركية ملايين الدولارات لدعم حكومته، بينما خرج الشعب المصري وطالب برحيله». وتساءلت: «لماذا نعطي المال إلى الأنظمة الاستبدادية دعونا نستخدم تلك الأموال بحكمة حتى نتمكن من مساعدة البلدان لتصبح أقوى وأكثر حرية وديمقراطية وهذا كله في مصلحة الأمن القومي».

وأكد عدد من المحللين أن الإدارة الأميركية غير مستعدة لإدانة المؤسسة العسكرية في مصر واتهامها بالقيام بانقلاب عسكري ضد رئيس منتخب ديمقراطيا. وأوضحت ايمي هاوثورن، خبيرة الشؤون المصرية بمجلس الأطلسي بواشنطن، أن القيادة العسكرية المصرية وضعت حساباتها أن إدارة أوباما تحتاج الجيش المصري أكثر مما يحتاج الجيش المصري أوباما. وقالت: «لقد راقبت القيادات العسكرية المصرية رد الفعل الأميركي في عدد من المواقف، ومن الأرجح أنها توصلت إلى استنتاج أن الجيش يستطيع القيام بتلك التحركات دون مخاطرة كبيرة تؤدي إلى قطع العلاقات مع الولايات المتحدة».

وقال ستيفن كوك، الباحث بمجلس العلاقات الخارجية، إن «تحرك القيادة العسكرية ضد مرسي لم يكن مفاجئا، لأن الظروف داخل مصر والمظاهرات الحاشدة أوضحت أن على الجيش أن يتصرف، لأن ما قام به مرسي من تحدٍ للجماهير من ملايين المصريين كان يمكن أن يؤدي إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي والأمن الوطني.. وقد أوضح الجيش أنه إذا وصلت الأمور إلى مرحلة الخطر فإنه سيتدخل».