الائتلاف السوري ينتخب رئيسه ويحدد الموقف من «جنيف 2» اليوم

الأسد يرى ألا شيء يقوض نظامه سوى التدخل الخارجي وهو «احتمال بعيد»

أحد شوارع حمص المدمرة جراء القصف الممنهج (رويترز)
TT

قال الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، إن الدول الغربية تدعم وصول مقاتلين «إرهابيين» إلى سوريا للتخلص منهم، معتبرا أن ما يجري في بلاده «إرهاب» وليس «ثورة»، في يوم بدأت فيه المعارضة السورية اجتماعا في مدينة اسطنبول التركية لاختيار رئيس جديد لها وللبت في شأن مشاركتها في مؤتمر السلام الخاص بسوريا المزمع عقده في مدينة جنيف السويسرية.

ويختتم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اليوم، اجتماعاته لاختيار رئيس له ولكي يثبت للحكومات الغربية والعربية التي تدعمه أنه موضع ثقة ويمكنه أن يتسلم أسلحة متطورة للتصدي للهجوم المنسق الذي تقوم به قوات الأسد، بعد أن أحجمت دول غربية عن إرسال أسلحة لمقاتلي المعارضة السورية المنقسمة على نفسها حتى بعد أن امتلكت قوات الأسد زمام المبادرة خلال الأشهر القليلة الماضية وتعهدت واشنطن وحلفاؤها بمساعدة أعدائه.

من جانبه، قال الأسد في حديث إلى صحيفة «الثورة» الحكومية، نشر أمس، إن دولا غربية «تدعم الإرهاب في سوريا» لاعتقادها أن «هذه المجموعات الإرهابية التكفيرية التي شكلت لها هاجسا أمنيا على مدى عقود ستأتي إلى سوريا وتُقتل، وبالتالي يتخلصون منها وينقلون المعركة من دولهم ومناطق نفوذهم إلى سوريا، فيتخلصون منها دفعة واحدة». وأضاف أن الغربيين يعتقدون أنهم من خلال هذا الدعم «يضعفون سوريا الدولة أيضا»، وأن «ما يحصل الآن هو تحويل سوريا إلى أرض للإرهاب».

وفي مدينة اسطنبول التركية، بدأ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعا ينتهي اليوم لانتخاب خلف لرئيسه المستقيل أحمد معاذ الخطيب، وسط تباينات بين مكوناته المتنوعة. وأفاد مصدر في الائتلاف بأن 5 شخصيات قدمت ترشيحها رسميا لمنصب الرئيس، هي جورج صبرا الذي يتولى حاليا رئاسة الائتلاف بالإنابة، والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري برهان غليون، وأحمد عاصم جربا الذي يمثل مجموعة المعارض البارز ميشال كيلو، والأمين العام الحالي للائتلاف مصطفى الصباغ، ولؤي صافي أحد المتحدثين باسم الائتلاف. وأشارت المصادر إلى أن الأسماء الأبرز هي غليون وصبرا، غير مستبعدة، في الوقت ذاته، حصول مفاجآت.

وكان اختيار رئيس جديد مقررا في أواخر مايو (أيار)، لكنه أرجئ لعدم التوصل إلى اتفاق بعد 8 أيام من الاجتماعات المتواصلة، وانته الأمر بتوسيع قاعدة الائتلاف بعد ضغوط من الدول الداعمة للمعارضة. وإلى جانب اختيار رئيس جديد، يناقش أعضاء الائتلاف البالغ عددهم 114 شخصا، مصير الحكومة الانتقالية التي كلف بتشكيلها غسان هيتو، ومؤتمر «جنيف 2» الذي تقترح الولايات المتحدة وروسيا عقده بمشاركة ممثلين لطرفي النزاع.

وبينما أبدى نظام الأسد استعداده «المبدئي» للمشاركة في المؤتمر الذي لا يرجح عقده قبل أغسطس (آب) المقبل، يرفض الائتلاف الحضور ما لم يتوقف دعم إيران وحزب الله اللبناني للنظام. ويأتي الاجتماع بعد تحقيق القوات النظامية تقدما ميدانيا في الأسابيع الماضية، خصوصا استعادة منطقة القصير الاستراتيجية وتلكلخ في ريف حمص، بدعم من حزب الله.

وقال الناطق باسم الائتلاف خالد صالح إن «سقوط حمص سيشكل تهديدا لكل حل سياسي». وأضاف «إذا سقطت حمص فسيكون من الصعب جدا أن نفسر لعائلات عشرات الآلاف من السوريين الذين قتلوا لماذا سنذهب للتفاوض مع نظام يظهر لنا يوما بعد يوم أنه لا يريد ذلك، وأنه لا يريد سوى قتل السوريين».

وحمص هي ثالثة كبرى المدن السورية، وشهدت معركة دامية في حي بابا عمرو الذي شكل محطة رئيسة في تحول النزاع إلى العسكرة بعد سقوطه في أيدي القوات النظامية في فبراير (شباط) 2012. وتعتبر استراتيجية بالنسبة إلى النظام، لأنها تربط بين دمشق والساحل حيث العمق العلوي، وهي الأقلية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد.

وخلال المقابلة الصحافية، أكد الأسد أن نظامه سيتجاوز الحرب لأنها تحمل كل ما يمكن للمعارضة أن تفعله للإطاحة به، وأنه ليس هناك ما يمكن أن يغير هذا سوى التدخل العسكري الأجنبي المباشر وهو احتمال بعيد. وأضاف الأسد في حواره مع «الثورة» أن هدف أعدائه كان ضرب البنية التحتية والاقتصاد وإحداث حالة كاملة من الفوضى في المجتمع حتى تصبح سوريا دولة فاشلة، لكن حتى الآن لم تصل البلاد إلى هذه المرحلة.

وخلال الأزمة، يصر الأسد على اعتبار أن نظامه لا يواجه ثورة شعبية، بل يواجه مخططا غربيا يستهدف سوريا، مستخدما عبارة «المجموعات الإرهابية المسلحة» للإشارة إلى مقاتلي المعارضة، أما سياسيو المعارضة فيقول إنهم «دمى يحركهم الغرب» ولا يمثلون الشعب السوري، مكررا رفضه التنحي عن الرئاسة بالقول إنه سيكمل فترته الرئاسية التي تنتهي مطلع العام المقبل، وربما يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة.

وذكر الأسد أن العامل الوحيد الذي يمكن أن يقوض حكومته هو التدخل الأجنبي المباشر، لكنه قال إن هذا غير مرجح نظرا لوجهات نظر القوى العالمية المتباينة في المعارضة، مضيفا «هم جربوا كل الوسائل» المتاحة، والخيار الوحيد أمامهم هو التدخل الأجنبي المباشر. واستطرد أن هناك ترددا ورفضا للتدخل من جانب معظم الدول، ولذلك إذا تمكنت سوريا من تجاوز هذه المرحلة بالعزم والإدراك فلن يكون هناك ما تخشاه.

وبدأت الانتفاضة السورية المستمرة ضد الأسد منذ أكثر من عامين بمظاهرات سلمية ضد حكم أسرته المستمر منذ أكثر من أربعين عاما، لكنها تحولت إلى صراع مسلح بعد أن قمع الجيش المظاهرات. ورغم اعتراف الأسد بالمعاناة التي يتكبدها السوريون على نطاق واسع فإنه قال إن حكومته وأنصارها بوسعهم تجاوز هذه العاصفة، مؤكدا قدرة بلاده على تفادي أن تصبح «دولة فاشلة»، وأن ذلك يرجع في جزء كبير منه إلى رجال الأعمال السوريين والعمال المستمرين في القيام بعملهم رغم الفوضى. وقال إن الشعب السوري لم ينكسر بكل معاني الكلمة، وإنه حين يحدث انفجار وبعد دقائق معدودة من إزالة آثاره تعود الحياة إلى طبيعتها ويذهب السوريون إلى أعمالهم حتى مع توقعهم حدوث هجمات صاروخية «إرهابية وتفجيرات إرهابية وتفجيرات انتحارية» في أي لحظة.