أوروبا تناقش «التجسس» الأميركي.. وأوباما يتصل بميركل لإنقاذ الموقف

تسوية أبقت على موعد مفاوضات التجارة .. واجتماع لخبراء أمنيين من الجانبين الأسبوع المقبل

برلمانيون أوروبيون خلال مشاركتهم في تصويت حول قضية التجسس الأميركي في ستراسبورغ أمس (رويترز)
TT

طلب البرلمان الأوروبي، أمس، من واشنطن «توضيحات فورية» حول ادعاءات تجسس الولايات المتحدة على مؤسسات ومواطنين أوروبيين، وكلف إحدى لجانه بالتحقيق في هذه الممارسات. وفي قرار تم تبنيه بتأييد 483 نائبا ومعارضة 93، دان البرلمان «بشدة التجسس على ممثليات تابعة للاتحاد الأوروبي»، وحذر النواب الأوروبيون من أنه في حال تأكدت هذه المعلومات فإنها «ستؤثر على العلاقات عبر الأطلسي».

وفشل اليسار واليسار المتطرف في تبني تعديلات تطالب بـ«تأجيل أو تعليق أو تجميد» المفاوضات التجارية عبر الأطلسي التي تبدأ الاثنين المقبل. وفي موازاة التصويت على هذا القرار قرر رؤساء الكتل السياسية السبع في البرلمان أمس بالإجماع تكليف لجنة الحريات المدنية والقضاء والشؤون الداخلية بفتح «تحقيق معمق» في هذه القضية ورفع تقريرها بحلول نهاية السنة الحالية.

وجاء هذا فيما باشر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا في بروكسل أمس للاتفاق حول موقف مشترك إزاء قضية التجسس المفترضة. وكادت هذه المعلومات التي كشفها المستشار السابق للاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن أن تؤدي إلى تعليق المحادثات المنتظرة منذ زمن بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول اتفاق للتبادل الحر من شأنه تعزيز اقتصاد الجانبين بمليارات الدولارات.

ويأتي الاجتماع غداة خلاف بين برلين وباريس حول طريقة التعاطي مع محادثات اتفاق التبادل الحر، إذ حاولت فرنسا الدفع باتجاه إرجاء المفاوضات، بينما فضلت ألمانيا أن تنطلق في الموعد المحدد لها الاثنين. وفي النهاية، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو التوصل إلى تسوية «فالمحادثات ستنطلق في موعدها لكن في الوقت نفسه ستقوم مجموعات عمل بتقييم حجم التجسس الأميركي».

وفي محاولة للحد من حجم الفضيحة تحادث الرئيس الأميركي باراك أوباما مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هاتفيا أول من أمس حول المخاوف الأوروبية. وجاء في نص الاتصال الذي نشرته واشنطن أن أوباما «أكد للمستشارة أن بلاده تأخذ قلق حلفائها الأوروبيين على محمل الجد». وأضاف البيت الأبيض أنه تم الاتفاق على عقد «اجتماع على مستوى عال» بين مسؤولين أمنيين من الولايات المتحدة وألمانيا في الأيام المقبلة للتباحث في القضايا الأمنية، وأن الحوار بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول عمليات التجسس سيبدأ في موعد أقصاه الثامن من يوليو (تموز) الحالي. وأعلن المتحدث باسم ميركل أنها ترحب بإعلان أوباما أن الولايات المتحدة ستزود بمعلومات حول نشاطات التجسس التي تقوم بها وكررت التزام واشنطن وبرلين بخوض محادثات التبادل الحر.

وفي إطار المساعي الهادفة لتسوية الخلاف، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن مصادر أن خبراء أوروبيين متخصصين في الاستخبارات سيجتمعون الاثنين في واشنطن مع نظرائهم الأميركيين في أول اجتماع لمجموعة عمل حول البرامج الأميركية لجمع المعلومات. وسيعقد الاجتماع بموازاة أول اجتماع للتوصل إلى اتفاق تبادل حر عبر الأطلسي طبقا لاتفاق تم التوصل إليه الأربعاء بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة الاتحاد الأوروبي. وكانت تشكيلة المجموعة الأوروبية ومستوى تمثيلها وتفويضها موضع بحث أمس من قبل السفراء الأوروبيين في بروكسل.

ومجموعة الخبراء التي تجتمع الاثنين في واشنطن ستبحث مراقبة أجهزة الاستخبارات وأنشطتها. كما ستتوصل إلى اتفاق حول حماية المعلومات والحياة الخاصة. وتتفاوض المفوضة الأوروبية المكلفة بشؤون العدل فيفيان ريدينغ، منذ أكثر من عامين، مع الأميركيين بشأن سبل حماية الحياة الخاصة وحقوق المواطنين الأوروبيين من الانتهاكات أو سوء استخدام معلوماتهم الشخصية في الولايات المتحدة. وهي تطالب بأن تكون للأوروبيين الحقوق نفسها التي يتمتع بها المواطنون الأميركيون في مجال حماية الحياة الخاصة، وأن يتمكنوا من اللجوء إلى المحاكم الأميركية.

وتوترت العلاقات بين واشنطن وبروكسل منذ كشف سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركي، معلومات بأن الولايات المتحدة تجمع كما هائلات من المعلومات عبر التجسس على الاتصالات الهاتفية والإلكترونية في العالم.