الأسير يدعو إلى التظاهر.. وأنصاره يلبون

اتهم حزب الله بإدارة معركة عبرا.. والسنيورة يعتبره صنيعة الحزب

مناصرون لأحمد الأسير في مدينة صيدا جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تظاهر عدد من مناصري الشيخ أحمد الأسير، في صيدا (جنوب لبنان) أمس، تلبية لدعوة أطلقها في أول رسالة صوتية منذ اختفائه، عقب سيطرة الجيش اللبناني على مقره في عبرا، قبل 10 أيام، في حين جددت قيادات صيدا رفضها السلاح «غير الشرعي» والتطرف، وهو ما عبّر عنه رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي اعتبر «الأسير صناعة حزب الله».

وخرجت مسيرة من مسجد بلال بن رباح، بعد صلاة الجمعة، اقتصرت على شباب ونساء، رفع خلالها المعتصمون رايات تحمل شعارات إسلامية، وهتفت تضامنا مع الأسير، وتوجهت إلى دوار «مكسر العبد» على مدخل المدينة الشمالي للاعتصام، وهو الموقع الذي كان الأسير دفن فيه قتيلين من مناصريه، قتلا في اشتباكات مع حزب الله في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في صيدا.

وطالب المتظاهرون بإطلاق الموقوفين في حوادث عبرا، مهدين بقطع طرقات المدينة في حال عدم تنفيذ مطالبهم. وقبيل خروج المتظاهرين من المسجد، رفض المصلون خطبة إمام المسجد الجديد الشيخ محمد أبو زيد خلال صلاة الجمعة، لعدم ذكره الأسير، وغادروا المسجد متوجهين إلى دوار مكسر العبد.

وتعرض عدد من الصحافيين للضرب على يد متظاهرين، ومنعوهم من العمل، مما دفع الجيش اللبناني للطلب من وسائل الإعلام مغادرة مدينة صيدا، وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها القوى الأمنية على الطرق الرئيسة والفرعية كافة. وأقيمت صلاة الجمعة في المسجد، أمس، لأول مرة، بعد اشتباكات عبرا، منذ فرار الشيخ الأسير. وقد تسلّم مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان المسجد من الجيش اللبناني مطلع هذا الأسبوع، وأوكل للشيخ أبو زيد إمامته.

وتزامنت مظاهرة صيدا مع مظاهرات أخرى خرجت في طرابلس وطريق الجديدة في بيروت دعما للأسير، الذي اتهم في تسجيله الصوتي «حزب الله» بإدارة معركة عبرا. وقال الأسير: «لا بد أن يعلم الجميع السياق الطبيعي للحادث الذي حصل، بل للمجزرة التي حصلت في عبرا، وهي ليست حادثة منفصلة عن تاريخها وسياقها».

وأضاف أن «يوم الحادث مر على الحاجز سائق تاكسي في سيارته عصا، سأله الحاجز: ما هذه العصا التي معك؟ فقال هذه عصا؛ هل ممنوعة العصا في القانون؟ فقال الحاجز: (عم بتجاوبني كمان؟)، وبدأوا يضربونه هو والأخ الذي معه، وأخذوه إلى الثكنة وأعادوه مكسورا». وأضاف الأسير: «عندها طلبت من الشيخ أحمد الحريري مدير مكتبي أن يذهب إلى الضابط المذكور لسحب الحاجز، فنحن لم نعد نتحمل. نزل الحريري ومعه بعض الإخوة بسلاحهم، تكلم مع الضابط وما شعرنا إلا والرصاص نزل علينا من كل جانب، وأنا كنت أراقب بالكاميرا وأتحداهم أن يعرضوا الفيديو».

وقال الأسير إنه يوضح ما جرى بالتفاصيل، «من أجل إقامة الحجة على الكذابين وكل من أدان الاعتداء على الجيش، مما اضطر الشباب لأن ينسحبوا ويدافعوا عن أنفسهم». وأضاف: «أغلب الظن أن الرصاص الذي تساقط علينا نحن والجيش كان من شقة لهم (حزب الله) في مبنى مطعم (كنتاكي)، والمسؤول عنها يدعى توفيق البابا وهو متشيع وعنصر أساسي في حزب الله». ولم يشر الأسير إلى حادثة قتل ثلاثة عسكريين من الجيش اللبناني، بينهم ضابطان، على حاجز للجيش في عبرا، التي كانت السبب المباشر لقيام الجيش بعمليته والسيطرة على مقره الأمني.

وبظهوره، حسم الجدل حول مصيره، إذ يؤكد التسجيل أن الأسير لا يزال على قيد الحياة، داحضا ما تناقلته مواقع إلكترونية عن أنه، والفنان المعتزل فضل شاكر، قتلا في المعركة.

وفي سياق متصل، واصلت فعاليات سياسية ودينية بذل الجهود لتهدئة التشنّج في صيدا بعد اشتباكات المدينة، حيث جال المطران بولس صياح، موفدا من البطريرك الماروني بشارة الراعي، على عدد من فعاليات مدينة صيدا، معلنا أن البطريرك الراعي يولي الاطمئنان على أهالي صيدا وعبرا «اهتماما خاصا، ويدعو إلى الحوار وحل الأمور بالطريقة الأفضل، التي من شأنها تقريب وجهات النظر».

والتقى صياح رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، الذي أكد أن «السلاح غير الشرعي يجر السلاح غير الشرعي»، معتبرا أن الأسير «هو صناعة حزب الله»، قائلا: «نحن ضد كل نوع من أنواع التطرف، وعبّرنا عن هذا الموقف مرارا، ويجب إنهاء ظاهرة الأسير لأن ذلك في مصلحة الجميع». وشدد السنيورة على «دعم الجيش في تطبيقه الأمن والنظام، ولكن تحت طائلة احترام حقوق الإنسان» مشيرا إلى أنه يتابع ملف عبرا للوصول إلى تحقيق شفاف، معتبرا أن «الحقيقة هي التي تؤمن الاطمئنان وتزيل الغضب».

وكان لقاء تشاوري في صيدا، عقد، صباح أمس، في المدينة، وشاركت فيه النائبة بهية الحريري التي أكدت أنه «لا خوف من فتنة سنية - شيعية في صيدا، لأن الموضوع ليس موضوعا سنيا - شيعيا، وإنما هناك مشاريع مختلفة».

واعتبرت الحريري أن «هناك عملية انقضاض على الدولة عبر التسلط، وأن الناس تريد مفهوم المواطنة التي تأتي من حماية الدولة بمؤسساتها الأمنية والعسكرية لكل مواطن ضمن حرية المعتقد وحرية الرأي والحق في الاختلاف»، لافتة إلى أن «جدية التعاطي مع ملف صيدا تنبع من الحرص على أن لا تنال بقية المناطق ما نالته صيدا».