هولاند: تونس ستظهر من جديد قدرتها على تجاوز كل العراقيل

مصادر من حركة النهضة تؤكد أن الرئيس الفرنسي لم يرفض مقابلة الغنوشي

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أثناء إلقاء خطابه أمام المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي أمس (أ.ف.ب)
TT

اعترف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمام المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) بحجم التحديات التي تعوق الانتقال الديمقراطي في تونس، وقال في كلمة ألقاها أمس تحت قبة المجلس إن تونس تستعد لإنجاز دستور جديد ينظم السلطات وإن فرنسا وبقية دول العالم في انتظار تكريس دولة القانون والسماح لجميع التونسيين بالمشاركة في الحياة العامة في إشارة إلى قانون تحصين الثورة (قانون العزل السياسي) واتهام رابطات الثورة بتعطيل مشاركة المعارضين للحكومة في الحياة السياسية.

وإلى جانب الدستور، قال هولاند إن تونس بصدد الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة وعبر عن ثقته في عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، قائلا: إنه متأكد على الرغم من كل المصاعب من أن تونس ستبين من جديد قدرتها على تجاوز كل العراقيل، وأضاف أنها كانت رائدة ولها تقاليد دستورية منذ القرن 19 في إشارة إلى دستور عهد الأمان الصادر سنة 1864.

وقال إن تونس لقنت درسا للعالم من خلال الثورة التي أنجزتها وأظهرت لكل الناس أنه لا يمكن التقدم دون حرية، وحيا بالمناسبة روح محمد البوعزيزي مؤجج ثورات الربيع العربي. وفي تقييمه للثورات العربية، قال هولاند إن الثورة قد تعرف صعوبات على غرار ما يحصل الآن في ليبيا وقد تفضي إلى مواجهات أهلية كما يحصل حاليا في سوريا وقد تذهب نحو الاستقرار وتجاوز العراقيل والمصاعب مثلما تعرفه تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس.

وفي مجال العمل السياسي المستقبلي، قال هولاند إن فرنسا على استعداد للعمل مع كل ممثلي الشعب التونسي المنتخبين بصفة ديمقراطية. وأضاف أن فرنسا تعرف أن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا وأن الهوية التونسية تتغذى من مصادر عدة.

وبشأن الصعوبات التي تعترض المسار الديمقراطي في تونس، قال هولاند إن حجم التحديات كبير للغاية وأشار إلى أن فرنسا تعرف جيدا معنى الثورة وتدرك صعوبة تكريس كل الانتظارات وعلى بينة من أن الثورة مطالبة بالارتقاء إلى مستوى الطموحات. وأضاف أن فرنسا تتفهم المطالب المختلفة في تونس وتعلم جيدا ما خلفه النظام السابق من إرث معقد زادته الأزمة الاقتصادية في أوروبا المزيد من التعقيد، هذا بالإضافة إلى انعدام الأمن في كامل منطقة المغرب العربي ووجود تهديدات إرهابية متنوعة فضلا عن انتشار العنف الداخلي الذي يمارسه «من لا يقبل بالثورة التونسية». واستشهد هولاند في باب العنف الداخلي بحادثة اغتيال شكري بلعيد الرجل الذي قال عنه إنه «اغتيل بسبب أفكاره»، وتمنى أن تسلط السلطات التونسية المزيد من الضوء على عملية اغتياله وأن تقبض على قتلته وتقدمهم إلى المحاكمة القضائية.

ولم ينف هولاند وجود «جروح وسوء تفاهم» بين تونس وفرنسا وأعلن أمام أعضاء المجلس التأسيسي التونسي التزام فرنسا بفتح كل الأرشيف الفرنسي دون استثناء أمام عائلة الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد التي تتهم منظمة «اليد الحمراء» الموالية للاستعمار الفرنسي باغتياله يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) من سنة 1952.

وفي مجال التعاون الاقتصادي، قال هولاند إن تونس وفرنسا في حاجة لبعضهما البعض وإن فرنسا على استعداد لدعم الاقتصاد التونسي في جميع المجالات وهي ستواصل حسب تعبيره «حشد كل أعضاء الاتحاد الأوروبي لدعم التجربة الديمقراطية في تونس والحصول على مرتبة الشريك المميز خدمة للروابط المشتركة بين الضفتين».

وبشأن الإطاحة بنظام مرسي في مصر، دعا فرنسوا هولاند إلى عودة الديمقراطية إلى البلاد ونعت عملية الانتقال الديمقراطي هناك بـ«العملية الهشة» وهو ما جعلها على حد قوله تؤول إلى الإخفاق.

وتعد فرنسا أول شريك اقتصادي لتونس وقدر حجم المبادلات التجارية سنة 2012 بحوالي 13,4 مليار دينار تونسي (نحو 7 ملايين يورو) وتمثل فرنسا أول مزود للسوق التونسية وأهم مستورد للبضائع التونسية. وتنشط في تونس قرابة 1200 شركة فرنسية.

وأمضت فرنسا خلال زيارة الرئيس فرنسوا هولاند لتونس 18 اتفاقية ثنائية شملت ميادين الفلاحة والسياحة والتعليم العالي والصناعات الغذائية والإدارة، كما تطرقت إلى تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعمها بقروض صغرى والنقل البحري والنقل الحديدي والصناعات الميكانيكية إلى جانب مشاريع الماء الصالح للشرب والطاقات المتجددة. وقال هولاند في ندوة صحافية مشتركة مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إن فرنسا ستخصص مبلغ 500 مليون يورو (نحو ألف مليون دينار تونسي) لمساعدة تونس في مشاريع اقتصادية وتنموية وذلك خلال سنتي 2013 و2014، هذا بالإضافة إلى منح تونس قرض بمبلغ 60 مليون يورو لدعم السياسات التنموية في المناطق الفقيرة.

من ناحية أخرى، نفى زبير الشهودي مدير مكتب الشيخ راشد الغنوشي، خبر رفض الرئيس الفرنسي لقاء رئيس حركة النهضة. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات حركة النهضة لم تطلب لقاء خاصا مع الرئيس الفرنسي باعتباره في ضيافة الرئيس المرزوقي، كما أن الجانب الفرنسي لم يطلب ترتيب لقاء بين الرجلين. وأشار الشهودي إلى عدم برمجة لقاء بين الرجلين ضمن زيارة هولاند إلى تونس، وقال إن الغنوشي حضر مأدبة العشاء التي أقيمت بقصر قرطاج على شرف الرئيس الفرنسي بحضور رؤساء الأحزاب ومن بينهم راشد الغنوشي.

وكان عدد من وسائل الإعلام في تونس قد تداول خبر رفض فرنسوا هولاند مقابلة رئيس حركة النهضة، وهو ما تم نفيه بصفة قطعية.