مجلس الأمن يفشل في التوصل إلى بيان بشأن حمص

روسيا أرادت إدراج بلدتي نبل والزهراء

TT

رغم النداءات المتكررة من قبل بقية أجهزة الأمم المتحدة حيال «الوضع الكارثي» الذي تعيشه سوريا بالعموم ومدينة حمص (وسط) على وجه الخصوص، فشل مجلس الأمن مرة جديدة في إصدار بيان يدعو فيه نظام الرئيس بشار الأسد إلى تسهيل عبور المساعدات «بشكل فوري» لـ2500 مدني عالقين في أحياء حمص القديمة، المحاصرين منذ أكثر من سنة.

ولم يطرأ جديد على الاصطفاف في المؤسسة الدولية، إذ ما زالت روسيا، والصين بدرجة أقل، تدعم نظام الأسد وتوفر له الغطاء في المحافل الدولية، بينما تسعى الدول الغربية إلى مواصلة دعمها «المعنوي» للمعارضة السورية.

وكانت النمسا ولوكسمبورغ، العضوان غير الدائمين، وزعتا مطلع الأسبوع الماضي مشروع بيان صحافي يعرف عن «القلق البالغ» إزاء محنة المدنيين المحاصرين في حمص، وتطالب نظام الأسد بـ«السماح الفوري للأمم المتحدة وعمال الإغاثة الإنسانية في بقية المؤسسات بالوصول إلى هناك دون أي عوائق حتى يتمكنوا من مساعدة المدنيين، وخاصة تلك التي تتطلب علاجا طبيا».

وقال دبلوماسيون إن الوقت المحدد لتقديم الاعتراضات كان يفترض أن ينتهي يوم الأربعاء الماضي عند الساعة 4 بتوقيت غرينتش، إلا أن روسيا طلبت تمديد فترة الاعتراضات إلى الساعة 2 من ظهيرة الخميس الماضي بتوقيت غرينتش لإجراء المزيد من المشاورات، لترفض في نهاية المطاف الموافقة على البيان الصحافي. لكن البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة قالت إنها ستتقدم بمشروع بيان بديل يتضمن، إلى جانب «الوصول الفوري» إلى حمص، تسهيل العبور نحو بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، اللتين يفاوضهما الجيش السوري الحر على الاستسلام.

وفي هذا السياق، قال دبلوماسيون في نيويورك إن البيان الأول يركز على حمص، المدينة الاستراتيجية الواقعة على الطريق ما بين العاصمة السياسية دمشق ومعقل مناصري الأسد من الطائفة العلوية على الساحل السوري، وهو، لو تم إقراره، فسيتحدث عن مدينة لا يقل عدد سكانها عن مليون نسمة، رافضين مقارنة حجم الهجوم هناك بالقتال في بلدات صغيرة كنبل أو الزهراء، والذي تشير إليه الصيغة الثانية المقترحة.

من جانبهم، رفض دبلوماسيون روس ما وصفوه بـ«لغة المساومة»، معللين سبب البيان بوصول المساعدات إلى المدنيين أينما كانوا، متهمين القائمين على المسودة الأولى باتباع سياسة «المعايير المزدوجة»، خصوصا أن «التعداد السكاني لبلدتي نبل والزهراء يتجاوز الـ40 ألف نسمة». كما أشاروا إلى تصريحات وزير الخارجية السوري فاروق المعلم، الذي قال إن الحكومة السورية طلبت من الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري «إرسال قوافل إنسانية إلى المحاصرين في المدينة القديمة في حمص التي يسيطر عليها الإرهابيون».

ويعتبر مجلس الأمن أحد أهم أجهزة الأمم المتحدة والمسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما يتمتع بسلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء؛ لذلك تعتبر قراراته ملزمة للدول الأعضاء وفقا للمادة الرابعة من الميثاق، لكن حق النقض «الفيتو» الذي تتمتع به الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين دون اتخاذ قرارات هامة فيما يتعلق بسوريا. أما بقية أجهزة الأمم المتحدة فتحذر من «خطورة» الأزمة السورية وتدعو لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الوضع المتأزم هناك؛ إذ حذر تقرير مشترك بين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي (وافب)، أول من أمس، من التدهور الشديد في أمن سوريا الغذائي على مدى العام الماضي، منبها إلى أن الإنتاج الزراعي السوري سوف يتفاقم أكثر فأكثر على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة في حالة استمرار الصراع الجاري.

وقالت وكالتا الأمم المتحدة المختصتان بالغذاء، إن «هناك فرصة محدودة فقط لضمان ألا تفقد الأسر المتضررة بالأزمة، مواردها الحيوية من الغذاء والدخل».

ويعلل الروس استخدام الفيتو بأن مجلس الأمن لا ينبغي أن يكون «مطية» لشن الحروب الاستباقية و«لانتهاك» مبدأ سيادة الدول، وتعتبر موسكو «الحالة الليبية» أكبر الأدلة على تجاوز المجلس لصلاحياته والقيود التي يفرضها عليه ميثاق الأمم المتحدة.

ويعتبر عام 1990 أحد أكثر الأعوام التي شهدت نشاطا على صعيد أروقة الأمم المتحدة؛ إذ صدر في شهر أغسطس (آب) من ذاك العام قرارات بفرض 20 قضية، ووضعت بعثات حفظ سلام في مناطق الحروب 19 مرة. وكان مثل هذه التحركات «سابقة» في تاريخ المجلس، وأدت إلى تجفيف موارد تنظيم القاعدة، وخنق الميليشيات المتقاتلة في القارة الأفريقية، والحد من انتشار الأسلحة النووية وحماية المدنيين من الذبح. لكن التاريخ يكتب أيضا أن المجلس استعمل كأداة سياسية في عام 1994 حين صدر القرار 940 القاضي باستعمال القوة الجماعية لإسقاط المجلس العسكري في هايتي، لكنه فشل في التصرف بطريقة سريعة وقوية إزاء مجازر الإبادة الجماعية في رواندا.