بصيص أمل لسنودن بعد عرضي فنزويلا ونيكاراغوا منحه اللجوء

إلغاء جوازه ومنع طائرة الرئيس البوليفي بسببه أكبر عقبتين أمام حل معضلته

أورتيغا يلقي كلمته بمناسبة ذكرى الثورة وتبدو إلى جانبه زوجته روساريو موريلو في ماناغوا مساء الجمعة. (رويترز)
TT

أثار تأكيد فنزويلا ونيكاراغوا استعدادهما منح اللجوء، أملا لدى المستشار السابق للاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن الملاحق في بلاده بتهمة التجسس بعدما سرب معلومات سرية للغاية عن برنامج أميركي سري لمراقبة الاتصالات العالمية. إلا أن الطريقة التي يمكن لسنودن أن يغادر فيها روسيا، التي يوجد فيها حاليا، إلى بلد آخر غير واضحة، إذ إن الولايات المتحدة ألغت جواز سفره.

وامتنع البيت الأبيض عن التعليق بشكل فوري على العرضين الفنزويلي والنيكاراغوي بمنح سنودن اللجوء، وأحال الأسئلة المتعلقة بهذه المسألة إلى وزارة العدل الأميركية. وبدورها، علقت مصادر إخبارية أميركية على الأمر بقولها إنه حتى في حال منحت دولة ما اللجوء إلى سنودن، فإن سفره إليها لن يكون سهلا، لأن الدول الأوروبية ستغلق أجواءها في وجه أي طائرة يحتمل أن تنقله. وكانت عدة دول أوروبية رفضت تحليق الطائرة التي كانت تقل الرئيس البوليفي إيفو مواراليس الثلاثاء الماضي في أجوائها لاعتقادها أن سنودن كان على متن الطائرة.

يذكر أن سنودن لا يزال منذ مغادرته هونغ كونغ قبل أسبوعين عالقا في قاعة الترانزيت في مطار شيريميتييفو في موسكو بانتظار حصوله على حق اللجوء في بلد ما. وكان قد تقدم منذ ستة أيام بطلبات لجوء إلى 27 بلدا. وأعلنت فرنسا وإيطاليا أنهما لن تستقبلاه ومثلهما فعلت ألمانيا والبرازيل والنرويج والهند وبولندا وآيسلندا والنمسا وفنلندا وهولندا وإسبانيا.

وعرض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أول من أمس منحه «حق اللجوء الإنساني»، بينما قال رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا إنه مستعد لمنح سنودن حق اللجوء «إذا كانت الظروف تسمح بذلك». وقال مادورو خلال حفل بمناسبة عيد الاستقلال «بصفتي رئيسا للدولة ولحكومة جمهورية فنزويلا البوليفارية، قررت أن أعرض حق اللجوء الإنساني على الشاب سنودن لحمايته من اضطهاد أقوى إمبراطورية في العالم». وأضاف «أعلن للحكومات الصديقة في العالم أننا قررنا عرض اللجوء الإنساني الدولي لحماية هذا الشاب». إلا أن وزير الخارجية الفنزويلي قال إن الحكومة بانتظار تسلم طلب للجوء.

أما رئيس نيكاراغوا، فقال في خطاب خلال حفل أقيم بمناسبة الذكرى الـ34 للثورة شارك فيه المئات من أنصار الحركة الساندينية، إن حكومته تلقت طلبا للجوء عبر سفارتها في موسكو. وأضاف أورتيغا «نحن منفتحون ونحترم حق اللجوء، ومن الواضح أنه إذا كانت الظروف تسمح بذلك فسنستقبل سنودن بفرح كبير وسنمنحه اللجوء هنا في نيكاراغوا. لدينا رسالة أرسلها سنودن إلى السفارة (النيكاراغوية) في موسكو يطلب فيها حق اللجوء في نيكاراغوا».

وأثار عرضا فنزويلا ونيكاراغوا ارتياح السلطات الروسية أيضا التي تواجه وضعا يزداد إرباكا ولا تريد أن تؤثر هذه القضية على علاقاتها المتوترة أصلا مع واشنطن. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي (الدوما) ألكسي بوشكوف على حسابه على «تويتر» إن «منح سنودن اللجوء إلى فنزويلا سيكون الحل الأمثل. هذا البلد على خلاف مع الولايات المتحدة ولن يكون الوضع أسوأ». وأشار إلى أنه لا يمكن لسنودن أن «يبقى في قاعة الترانزيت إلى الأبد». ومن جهتها، قالت ماريا ليبمان من فرع مركز كارنيغي في موسكو إن «روسيا ليست سعيدة بوجوده ولو أرادت منحه اللجوء لفعلت ذلك فورا». وأضافت أن الرئيس فلاديمير بوتين رجل الاستخبارات السابق لا ينظر إلى هذا الفار بتقدير كبير وإن كان يرفض بشكل قاطع تسليمه إلى الولايات المتحدة. وتابعت أن بوتين «لا يرغب في مساعدة شخص يكشف أسرار دولة». أما الخبير في معهد التقييم الاستراتيجي ألكسندر كونوفالوف فقال «لا أهمية له بالنسبة لنا ونأمل في رحيله إلى أي مكان».

وكان موقع «ويكيليكس» الذي ساعد سنودن، نشر الثلاثاء لائحة من 21 بلدا طلب سنودن اللجوء إليها، بينها فنزويلا ونيكاراغوا. وكشف الموقع الجمعة في تغريدات على شبكة «تويتر» أنه تقدم بطلبات أيضا إلى ست دول أخرى «لن تكشف حاليا بسبب محاولات التدخل التي تقوم بها الولايات المتحدة». وفي بداية الأسبوع، كان هذا التقني الشاب الذي كشف عن برنامج أميركي سري لمراقبة الاتصالات العالمية، مصدر إرباك دبلوماسي.

ففي طريق عودته من موسكو الثلاثاء، أجبرت طائرة الرئيس البوليفي إيفو موراليس الذي أعرب بدوره عن استعداده لمنح سنودن حق اللجوء السياسي، على الهبوط في فيينا والتوقف لمدة 15 ساعة بعدما رفضت دول أوروبية كثيرة اشتبهت بأنه يصطحب معه سنودن، السماح له بالمرور في أجوائها. واتهم موراليس الخميس واشنطن بالضغط على فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال لمنع مرور طائرته وهدد بإغلاق سفارة الولايات المتحدة في لاباز. وطالبت بوليفيا التي لقيت دعم حلفائها التقليديين (الإكوادور وسورينام والأرجنتين والأوروغواي وفنزويلا) باعتذارات علنية وبتوضيحات. وقالت هذه البلدان في بيان مشترك في ختام اجتماع لرؤسائها في كوتشابامبا (وسط بوليفيا) «إننا نطالب حكومات فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا بتقديم اعتذارات علنية مناسبة بالنظر إلى الأحداث الخطيرة التي حصلت». وأدانت موسكو موقف فرنسا وإسبانيا والبرتغال معتبرة أنه «لا ينم عن عمل ودي إطلاقا حيال بوليفيا ولا حيال روسيا». وعبرت باريس الأربعاء عن «الأسف» مؤكدة أنها لم تكن على علم بأن الرئيس موراليس على متن الطائرة بينما دعت إسبانيا إلى تهدئة «الأمور والنفوس واستئناف العلاقات» بين البلدين، على حد قول وزير الخارجية خوسيه مانويل غارسيا مارغايو.