الكوريتان تتفاوضان حول إعادة فتح مجمع صناعي على حدودهما

123 شركة متأثرة بإغلاق «كايسونغ» الحدودي تطالب بالليونة في المفاوضات

رئيس الوفد الكوري الجنوبي سوه هو (الثاني يمينا) أثناء وصوله للمفاوضات في منطقة بانمونجوم الحدودية أمس (رويترز)
TT

بدأت الكوريتان أمس محادثات حول إعادة فتح مجمع «كايسونغ» الصناعي المشترك الذي يعد رمزا للمصالحة بين البلدين وأغلق في أبريل (نيسان) في أوج التوتر بينهما. وجاءت هذه المحادثات في ظل تعرض الحكومة الكورية الجنوبية لضغوط من أصحاب 123 شركة صغيرة تدير مصانع في منطقة كايسونغ الصناعية الواقعة على بعد دقائق من الحدود لإيجاد حل وسط لإعادة تشغيل المنطقة. وقال رئيس الوفد الكوري الجنوبي سوه هو أنه يأمل في التوصل إلى حل للأزمة. وقال: «منطقة كايسونغ الصناعية أغلقت، ولذلك أشعر بحزن بالغ وبقلق. أتمنى أن نحل المشكلات عن طريق التعاون المشترك والثقة المتبادلة مع رئيس الوفد (الكوري الشمالي) المعروف لدي. يمكننا بحث عدة قضايا لكن الضرر الذي يمكن أن يحدث خلال موسم الأمطار هو أكثرها إلحاحا. دعونا نحقق نتائج جيدة في المحادثات».

وتأتي هذه المحادثات التي تجري في قرية بانمونجوم على الحدود، بعد أشهر من التوتر والتهديد بالحرب من قبل بيونغ يانغ على أثر تجربتها النووية التي جرت في فبراير (شباط) الماضي. ونتيجة هذا التوتر، أغلق كايسونغ الذي فتح في 2004 في إطار سياسة تقارب بين الكوريتين.

وتؤكد كل من الكوريتين أنها تريد إعادة فتح هذه المنطقة الصناعية التي تمولها سيول على الجانب الكوري الشمالي من الحدود لكنهما تتبادلان الاتهامات بإغلاقه. وقال رئيس الوفد الكوري الشمالي باك شول - سو إن «هناك عددا كبيرا من القضايا التي يجب أن تناقش لكن مسألة منع حدوث أضرار في المنشآت بسبب الأمطار الموسمية يجب أن تحتل الأولوية». وصرح نظيره الكوري الجنوبي سوه هو المسؤول في وزارة التوحيد: «جئنا ونحن نشعر بحزن لإغلاق منطقة كايسونغ الصناعية».

يذكر أن مجمع كايسونغ الصناعي الذي كان يعمل فيه نحو 53 ألف كوري شمالي في 123 مصنعا كوريا جنوبيا، يشكل أحد آخر الرموز المتبقية للمصالحة بين الكوريتين ومصدرا مهما للعملات الصعبة لكوريا الشمالية. لكنه أغلق في خضم التوتر الشديد الذي شهدته شبه الجزيرة الكورية إثر إجراء بيونغ يانغ تجربتها النووية وتشديد الأمم المتحدة العقوبات عليها وإجراء الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريبات عسكرية.

وتأخر افتتاح المحادثات لساعتين أمس بسبب مشكلات تقنية. وقالت وزارة التوحيد الكورية الجنوبية إن «إصلاح خط هاتفي باتجاه الجنوب استغرق حوالي ساعتين. نأمل في حل هذه المشكلة بالثقة المتبادلة والتعاون». وخلال المفاوضات، تعتزم سيول المطالبة بضمانات مكتوبة لمنع إغلاق الموقع من جانب واحد من جديد. لكن هذا الطلب لن تتم تلبيته على الأرجح لأنه يعني أن تتحمل بيونغ يانغ المسؤولية الكاملة عن إغلاقه. وقال الناطق باسم وزارة التوحيد كيم هينغ - سوك «أوضحنا موقفنا مرات عدة حول تطوير كايسونغ كموقع تنطبق عليه المعايير الدولية وتغليب المنطق». وأضاف أن وفد الجنوب حمل الشمال السبت مسؤولية قرار إغلاق كايسونغ. وأوضح أن سيول تطلب من كوريا الشمالية الاعتراف بمسؤوليتها عن الخسائر التي منيت بها الشركات الكورية الجنوبية بسبب إغلاق المجمع حوالي ثلاثة أشهر.

وكانت الشركات الكورية الجنوبية الموجودة في كايسونغ توقفت عن العمل في الثامن من أبريل من دون إنذار مسبق بعدما سحبت كوريا الشمالية كل موظفيها. وستتناول المحادثات فحص المنشآت الصناعية ومعداتها ونقل السلع المنتجة والمواد الأولية المتبقية في كايسونغ، إلى الجنوب وإعادة فتح المجمع.

وفي طريقه إلى كايسونغ برا، التقى سوه مجموعة من رجال الأعمال الذين يملكون شركات في كايسونغ. وقد رفعوا لافتات تعكس أملهم في نجاح المفاوضات. وكتب على واحدة من هذه اللافتات: «نريد استئناف العمل. نريد أن نبدأ من جديد في كايسونغ».

وجاء هذا الاجتماع بعد قرار مفاجئ من كوريا الشمالية الأربعاء باستئناف العمل بالخط الهاتفي المباشر مع كوريا الجنوبية. كما أعلنت أنها ستسمح لرجال أعمال كوريين جنوبيين بزيارة مجمع كايسونغ، لتفقد منشآتهم. وكان ممثلو الشركات المتمركزة في كايسونغ طالبوا مرارا الجانبين ببدء محادثات لأحياء هذه المنطقة الصناعية. وتريد سيول أن يتاح لصناعييها نقل السلع التي ينتجونها ومواد أولية إلى كوريا الشمالية. وهددت بعض الشركات الكورية الجنوبية بالانسحاب من كايسونغ معتبرة أنها ضحية خلاف سياسي بين البلدين. ودعت الأحزاب السياسية الكورية الجنوبية المفاوض الكوري الجنوبي إلى الليونة في المفاوضات. وكان هذا المجمع ولد في إطار «دبلوماسية شعاع الشمس» التي قادتها كوريا الجنوبية من 1998 إلى 2008 لتشجيع الاتصالات بين البلدين اللذين ما زالا نظريا في حالة حرب لأن النزاع بينهما انتهى في 1953 بتوقيع هدنة.