قوات الأسد تواصل قصف حي الخالدية تمهيدا لإحكام سيطرتها على أحياء حمص القديمة

مقتل العشرات من عناصر الجيش النظامي إثر هجوم لـ «الحر» في حلب

ما تبقى من حي جورة الشياح في حمص جراء الغارات والقصف المدفعي الحكومي (أ.ب)
TT

واصلت قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لليوم التاسع على التوالي أمس، محاولتها إحكام سيطرتها الكاملة على أحياء حمص القديمة، في محاولة لإعادة سيطرتها على طريق استراتيجية تربط العاصمة دمشق بالساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط غربا. ومن شأن أي تقدم تحرزه القوات النظامية باتجاه أحياء حمص القديمة المحاصرة منذ نحو عام، أن يجعل محافظة حمص الاستراتيجية بقبضة النظام السوري بشكل شبه كامل.

ويأتي تكثيف النظام لمحاولاته اقتحام حي الخالدية، وهو المدخل إلى أحياء حمص القديمة، وتقدمه أمس في الجهة الجنوبية للحي، غداة مطالبة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «المجتمع الدولي بممارسة واجباته لحماية الشعب السوري من استخدام نظام الأسد جميع الأسلحة ضده، بما فيها السلاح الكيميائي بأسلوب استراتيجي وممنهج». وذكر «جميع الدول التي تعهدت برد قوي وجدي على النظام بالتزاماتها»، مشددا على «ضرورة الإسراع في اتخاذ كل الخطوات الممكنة لحماية المدنيين في حمص وفتح ممرات إنسانية عاجلة لإنقاذهم».

وجدد الائتلاف أمس تحذيرا أطلقه قبل أيام، من لجوء نظام الأسد إلى «استخدام الأسلحة الكيميائية، بعد أن أطلقت قوات النظام مدعومة بعناصر من ميليشيا حزب الله قبل يومين مئات الصواريخ، وشنت على المدينة قصفا عنيفا بالمدفعية الثقيلة». وأشار الائتلاف إلى «تسجيلات مصورة نشرها ناشطون من داخل المدينة تظهر قيام القوات النظامية بقصف حي الخالدية باستخدام أنواع جديدة من القذائف الكيميائية، والعناصر الحارقة».

وكان المجلس المحلي لمحافظة حمص قد أعلن قبل يومين تعليق عضويته في الائتلاف الوطني السوري إلى حين اتخاذ الائتلاف «لإجراءات جدية لمساعدة مدينة حمص على مواجهة الحملة الوحشية التي يشنها النظام على المدينة، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق المدنيين العزل فيه».

وواصلت القوات النظامية أمس، مدعومة بعشرات من عناصر حزب الله اللبناني، قصفها العنيف على أحياء حمص المحاصرة، بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة. وتركز القصف بشكل خاص على حيي الخالدية والحميدية ومسجد خالد بن الوليد، لافتا إلى أن نحو 70 في المائة من حي الخالدية بات مدمرا.

ونقلت قناة «سكاي نيوز عربية» عن ناشط في المدينة قوله إن «مقاتلي الجيش الحر في حي الخالدية وزعوا أحزمة ناسفة على كافة الجبهات تحسبا لاقتحام محتمل للقوات النظامية»، وأكد أنه «لم يعد لدى مقاتلي المعارضة ما يخسرونه، وستدخل قوات النظام على أجسادهم».

ومنذ شهر يناير (كانون الثاني) 2012 بدأ القصف على مدينة حمص، ثالث أكبر المدن السورية، مع معركة حي بابا عمرو الشهيرة، التي انتهت بدخول قوات النظام الحي وبعض محيطه في شهر فبراير (شباط) من العام نفسه. وفر منها آلاف السكان. وفي حين نزحت غالبية العائلات المقيمة في المدينة على مراحل، على خلفية الحصار الخانق المفروض عليها، لا يزال يوجد قرابة 400 عائلة في أحياء حمص القديمة، بينهم 100 عائلة مسيحية، بحسب المعارضة السورية.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «أحياء حمص القديمة تعاني من مستوى كبير من الدمار»، مشيرا إلى أن «تدمير حمص المحاصرة يتم بشكل ممنهج. هناك قصف مستمر عليها منذ أكثر من عام، وكل ذلك بهدف دفع السكان والثوار إلى الهرب». ولفت إلى أن «الدمار طال كل شيء: المنازل والمحال والمواقع الأثرية في كل المدن السورية، إلا أن حمص تعاني من أكبر نسبة من الدمار ومنذ مدة طويلة، لا.. بل الأطول بالمقارنة مع المناطق الأخرى».

وفي العاصمة دمشق، جددت القوات النظامية قصفها على حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطيران الحربي نفذ ثلاث غارات على مناطق في حي جوبر، بينما أفادت لجان التنسيق بوجود قصف عنيف بقذائف المدفعية استهدف حي القابون.

وفي ريف دمشق، شنت الطائرات الحربية النظامية غارات على مدينة دوما. وقال الناشط محمد السعيد إن الأحياء السكنية في المدينة تعرضت لثلاث غارات متتالية من طائرات «ميغ»، موضحا أن «هذه الأحياء تغص بالسكان المدنيين، وهي ذات كثافة عالية، لا سيما في شارع تيسير طه».

وأفادت لجان التنسيق بأن الطائرات الحربية شنت عدة غارات جوية على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، تزامنا مع اشتباكات عنيفة بين عناصر «الجيش الحر» وقوات النظام على أطراف منطقة السيدة زينب.

وفي حلب، استهدف عناصر «الجيش الحر» مقرا للقوات النظامية في أحياء حلب القديمة، ما أدى، وفق لجان التنسيق، إلى مقتل نحو 50 عنصرا نظاميا. من ناحيته، أشار المرصد السوري إلى اشتباكات بين الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في محيط مدرسة الحكمة، في حين استهدفت الكتائب المقاتلة تمركزات للقوات النظامية في بلدتي نبل والزهراء، بقذائف الهاون والمدفعية والرشاشات الثقيلة، وسط اشتباكات بين الكتائب المقاتلة من طرف، والقوات النظامية ومسلحي اللجان الشعبية الموالية للنظام من طرف آخر، عند أطراف البلدتين.

وفي غضون ذلك، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» أمس بسقوط قذائف على سجن حلب المركزي، مما أدى إلى مقتل ستة سجناء. وأفاد المرصد السوري بأن الهجوم وقع في وقت متأخر من مساء الجمعة، وأنه لم يكن واضحا مصدر تلك القذائف.

وفي إدلب، أعلن قائد كتيبة مقاتلة في «لواء حمزة أسد الله»، مقتل العشرات في بلدة الدانا بريف إدلب على يد مقاتلين من كتائب «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، التي تسيطر على البلدة، بحسب ما أفاد به المرصد السوري، وأفاد بـ«ذبح قائد لواء حمزة أسد الله وشقيقه على يد عناصر الدولة الإسلامية».

وكانت اشتباكات قد وقعت في بلدة الدانا، بين الكتائب المقاتلة ومقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام، قبل يومين، إثر قيام أحد عناصر الدولة الإسلامية بإطلاق النار فوق رؤوس المتظاهرين، ما أدى لنشوب اشتباك بين الطرفين، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى وأسرى من الطرفين.

وفي الحسكة، نفذ الطيران الحربي غارتين على وسط بلدة تل حميس، فيما تعرضت منطقة خراب عسكر لقصف من القوات النظامية.