«إخوان» سوريا يطالبون الغرب بإمداد المعارضة بالسلاح

الإسلاميون يشعرون بخيبة أمل في الديمقراطية بعد سقوط مرسي

TT

طالب فرع «الإخوان المسلمون» في سوريا الولايات المتحدة وأوروبا أمس بإمداد المعارضة التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بالدعم العسكري الذي وعدتا به بعد أن اختار الائتلاف الوطني السوري المعارض رئيسا جديدا، أحمد عاصي الجربا، منهيا فراغا في قيادة المعارضة دام لأشهر.

وقال بيان نشره «الإخوان» على موقع «تويتر» على الإنترنت «نشعر بالخذلان وخيبة الأمل من تراجع الموقف الأميركي والأوروبي فيما يتعلق بتسليح الجيش الحر وندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته».

وتطالب المعارضة المسلحة بالمزيد من الأسلحة المتطورة منذ أن بدأت قوات الأسد هجوما جديدا في وسط سوريا بمساعدة مقاتلين من حزب الله اللبناني.

وقال ملحم الدروبي المسؤول الرفيع في «إخوان» سوريا، إنه «لم يحدث أي تغيير رسمي من جانب القوى الغربية فيما يتعلق بوعود زيادة المساعدات للمعارضة».

وقال، إن «انتخابات الائتلاف التي أجريت السبت وانتهت بفوز الزعيم العشائري أحمد الجربا بالرئاسة يجب أن تعطي الغرب الثقة لإرسال المساعدات التي وعد بها».

وقال الدروبي لوكالة «رويترز» من مؤتمر الائتلاف في إسطنبول، إن «المساعدات الأجنبية للمعارضة ما زالت حتى الآن ضئيلة ولا يمكنها تحقيق تغيير على الأرض»، وأضاف أن «الغرب رحب رسميا بالرئيس الجديد للائتلاف وأنه عليه الآن أن يتخذ الخطوات العملية المطلوبة».

في غضون ذلك، يرى مقاتلون إسلاميون من المعارضة السورية أن سقوط الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين أثبت أن الدول الغربية التي تدعو إلى الديمقراطية «لن تقبلهم أبدا» وأن وجهة نظر هؤلاء الإسلاميين المتشددين بأن السيطرة على السلطة عن طريق العنف هو ملاذهم الوحيد.

وشهدت الساحة السورية في الآونة الأخيرة صعودا للجماعات الإسلامية الراديكالية التي يرتبط بعضها بتنظيم القاعدة في الصراع الذي بدأ قبل عامين مع تجاوز عدد القتلى 100 ألف قتيل.

ورحب الرئيس السوري بشار الأسد بسقوط مرسي باعتباره ضربة رمزية للمعارضة التي يهيمن عليها الإسلاميون لكن من المرجح ألا يكون لهذا أثر يذكر على أرض المعركة وذلك نظرا لدور جماعة الإخوان المسلمين المحدود في القتال الذي طالما طغى عليه دور المتشددين. وقال بيان لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام جناح «القاعدة» بالمنطقة في اليوم الذي سقط فيه مرسي الأسبوع الماضي: «لقد علمت الدولة الإسلامية أن الحق لا يسترد إلا بالقوة فاختارت صناديق الذخيرة لا صناديق الاقتراع».

وإن رفع الظلم والتغيير لا يكون إلا بالسيف فأصرت على التفاوض في الخنادق لا في الفنادق. فهجرت أضواء المؤتمرات، في إشارة فيما يبدو إلى اجتماعات الائتلاف الوطني السوري المعارض التي عقدت في اسطنبول هذا الأسبوع.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز» فإن جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، التي هيمنت على التمثيل السياسي للمعارضة في الخارج منذ بدايته، تلقت ضربة هي الأخرى. فللمرة الأولى انتخب زعيم لا ينتمي إليها ألا وهو أحمد عاصي الجربا، شيخ عشائر شمر في سوريا، لكن هذا كان متوقعا حتى قبل سقوط حكومة مرسي في القاهرة. وأبهجت إطاحة الجيش المصري بمرسي بعد تظاهر الملايين احتجاجا عليه الجماعات المؤيدة للأسد الذي وصف ما حدث بأنه «سقوط ما يسمى الإسلام السياسي».

وكان والده الرئيس الراحل حافظ الأسد أخمد انتفاضة عنيفة لجماعة الإخوان المسلمين السورية في مدينة حماه في الثمانينات وقتل في هذه العملية الألوف وسويت أجزاء من المدينة بالأرض.

ومنذ ذلك الحين انتهى وجود الجماعة داخل سوريا تقريبا وباتت حركة تعمل من الخارج.

ولكن حتى النشطاء السوريون الداعون للديمقراطية يقولون إن سقوط مرسي قوض ثقتهم في الحركات المناهضة للحكام الاستبداديين مثل الأسد والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. وقال طارق وهو ناشط مقيم في حلب متحدثا من خلال برنامج «سكايب» على الإنترنت «يبدو أن الجيوش في النظم الديمقراطية تستطيع الإطاحة بالرؤساء الذين تنتخبهم أغلبية.. هذا مؤشر سيئ للثورات».

وسيكون تأثير سقوط الإخوان المسلمين على النشطاء في سوريا نفسيا أكثر منه استراتيجيا. ويقول نشطاء إن فرع الجماعة في سوريا يتعلم بالفعل من أخطاء الحركة الإقليمية وبدأ التفاوض لإقامة علاقة جديدة مع القوى الإقليمية المعارضة للإخوان.

لكن آخرين يقولون إن مقاتلي المعارضة ربما يتلقون ضربة أقوى من التي يتوقعونها. وقال ناشط طلب عدم نشر اسمه إن هذا يمكن أن يضر بتدفق المال والسلاح من ليبيا وكذلك من مصر حيث أيد الرئيس السابق المنتمي للإخوان الجهاد ضد الأسد في سوريا.

وقال الناشط: «مصر كانت معبرا لبعض تلك الإمدادات وبعد أن أصبح الجيش المصري في السلطة الآن فقد يتوقف هذا. وستنشغل بعض الجماعات الإسلامية التي كانت تمدنا بالدعم بشؤونها على الأرجح».

ويقول جوشوا لانديس وهو محلل متخصص في الشأن السوري مقيم بالولايات المتحدة إنه إذا أضعف سقوط مرسي جماعة الإخوان في سوريا فسيحرم المعارضة من القوة المؤسسية المنظمة الوحيدة بها. وأضاف: «أيا كان رأينا في جماعة الإخوان المسلمين فقد كانت الجماعة الوحيدة المنظمة التي لها هيكل. إذا ضعفت فلن يتبقى إلا هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة الصغيرة على الأرض والتي لا تستطيع كسب دعم السوريين السنة من الطبقة المتوسطة».

وهيمنت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا على مفاوضات الائتلاف الوطني المعارض مع القوى الخارجية للحصول على مساعدات عسكرية ومالية لمقاتلي المعارضة لكن لم يكن لها قط حضور قوي على الأرض. وتدير مجموعة متنوعة من الوحدات التي يغلب عليها الإسلاميون إلى جانب منشقين عن الجيش الشؤون اليومية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

واحتفت أحزاب وجماعات علمانية كانت موالية للحكام الاستبداديين الذين أسقطتهم انتفاضات الربيع العربي بالمنطقة بما اعتبروه ضربة للإسلاميين الذين تولوا الحكم في بعض تلك الدول مثل مصر وتونس. لكن الجماعات الراديكالية التي تقاتل في دول لم تكتمل ثوراتها مثل سوريا تقول إن النتيجة النهائية ستكون العكس تماما.

وقال مقاتل من المعارضة يدعى أبو نضال وينتمي لكتائب المصطفى في دمشق: «سواء أكنا ندعم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا أم لا فقد تقبل كثير من المقاتلين الإسلاميين أن علينا العمل في إطار دولة مدنية. الآن بات واضحا أن القوى العالمية وحلفاءها في المنطقة يستهدفون الإسلام في المقام الأول».

ومع اكتساب قوات الأسد قوة دفع في قتالها ومواصلتها قصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بالطيران والمدفعية أدار كثير من قادة المعارضة المحليين ظهورهم بالفعل للمعارضة في الخارج.

ويشعرون بخيبة الأمل لعدم قدرة قيادتهم السياسية في الخارج على تكوين جبهة موحدة تقنع القوى الخارجية بإمداد المعارضة بمزيد من الدعم العسكري والمالي.

وقال لانديس المحلل المتخصص في الشأن السوري: «الإخوان المسلمون أو بالأحرى كل هؤلاء الأشخاص يخرجون من الحسبان باطراد».