قيادي كردي: إيران تدعم ترشيح بارزاني لرئاسة العراق تقليصا للنفوذ التركي

مصدر في حزب رئيس الإقليم: لن يتسلم أي منصب في بغداد

TT

كشفت مصادر قيادية كردية لـ«الشرق الأوسط» خلال الأيام القليلة الماضية عن ملامح صفقة سياسية يجري الترتيب لها في إقليم كردستان بمشاركة إيرانية، هدفها إحداث تقارب أفضل بين القوى الكردية والشيعية في العراق، خاصة مع ظهور تحديات خطيرة للنفوذ الإيراني في المنطقة بعد تطور الأحداث الإقليمية، وخصوصا ما جرى في مصر أخيرا وما يجري منذ فترة من تهديدات داخل سوريا للنفوذ الإيراني.

ويبدو أن إيران ومعها بعض الأطراف الشيعية العراقية تعمل منذ فترة على سيناريو نجحتا بتحقيقه في العراق من خلال استغلال الأزمة السياسية الحالية التي تعصف بإقليم كردستان جراء تفاقم الخلافات حول مشروع الدستور وولاية رئيس الإقليم، وظهور تهديدات جدية بعودة الاضطرابات إلى الشارع الكردي كما حصل في فبراير (شباط) عام 2011. وتدخل التكهنات بعدم ترشح رئيس الإقليم الحالي مسعود بارزاني لولاية ثالثة، واستعداده عوضا عن ذلك للذهاب إلى بغداد لإشغال منصب رئاسة العراق، في إطار هذا السيناريو الذي بدت ملامحه حسب قيادي كردي بالتوضح، من خلال التصريحات التي نسبت لقيادات في حزب بارزاني والتي تؤكد عدم موافقته على التمديد، وعدم رغبته بالترشح لرئاسة الإقليم.

وقال مصدر قيادي، طالبا عدم الكشف عن اسمه وهويته» إن مشروع تمديد ولاية بارزاني لسنتين كان مشروعا إيرانيا بالأساس، وحظي بدعم الكتل الشيعية في بغداد، فإيران تحاول أن تقرب المسافات بين القوى الشيعية والكردية، وتمتين علاقاتها في ظل التهديدات الحاصلة في المنطقة ضد النفوذ الإيراني، فإيران تسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين من السيناريو الذي أعدته أخيرا، الأول هو حماية واستمرار نفوذها المتعاظم في العراق، وكذلك الحفاظ على دورها ضمن الخارطة السياسية في العراق من خلال تقريب القوى الكردية والشيعية وتطبيع علاقاتهما من جهة، وكذلك إحلال رئيس عراقي جديد متعاطف معها من جهة أخرى، وهي تعمل حاليا على إقناع رئيس بارزاني للترشح لرئاسة العراق وتحث القوى الشيعية على دعمه بهذا الاتجاه، وهي بالأساس دفعت المالكي إلى زيارة كردستان وتطبيع علاقاته مع بارزاني الذي يزور بغداد حاليا للتباحث مع القوى الشيعية وفي مقدمتها كتلة المالكي.

واستطرد القيادي الكردي: «أما الهدف الثاني للسيناريو الإيراني وهو الأهم هو وأد الحلم الكردي بتشكيل الدولة الكردية المستقلة في العراق. فمن المعروف أن بارزاني ينفرد من دون جميع القيادات الكردية بالسعي المحموم لتشكيل تلك الدولة المنتظرة، وهو بمسعاه نحو ذلك إنما يريد أن يبني لنفسه مجدا شخصيا وعائليا كأول رئيس للدولة الكردية، وبذهابه إلى بغداد لتبوء رئاسة العراق فإن هذا الحلم سيتلاشى، لأنه ليس هناك أحد غيره من القيادات الكردية من يستطيع أن يحقق ذلك الحلم الكردي العتيد، وأصلا ليس هناك غيره ممن يحلم بذلك». وأضاف: «من كل ذلك يتضح لنا أن إيران باعتمادها لهذا السيناريو، والذي نجحت فيه حتى الآن، تسعى إلى إبعاد بارزاني عن النفوذ التركي بالمنطقة من خلال إلحاقه ببغداد، والآن هناك مؤشرات حقيقية بابتعاد بارزاني عن تركيا وتقاربه بشكل أكبر مع إيران».

وفي اتصال مع قيادي مقرب من حزب بارزاني لاستيضاح الموقف من هذا السيناريو، نسف كل تلك التكهنات بتأكيد قاطع بأن مسعود بارزاني وعائلته لن يتسلموا أية مناصب بالحكم في بغداد. واستدل القيادي الكردي الذي طلب بدوره عدم الكشف عن هويته بما جرى أثناء تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة بين قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الزعيم الراحل الملا مصطفى بارزاني والحكومة العراقية التي قادها حزب البعث برئاسة أحمد حسن البكر. وقال: «بعد أن تم توقيع اتفاقية 11 مارس (آذار) 1974 تقدمت الحكومة العراقية بطلب إلى قيادة بارزاني لترشيح أحد أعضائه لاحتلال موقع نائب رئيس الجمهورية العراقية آنذاك حسبما تنص بنود تلك الاتفاقية، ورشح الحزب القيادي حبيب محمد كريم ليكون نائبا للبكر، ولكن قيادة حزب البعث تقدمت بمقترح أن يكون نائب رئيس الجمهورية أحد نجلي بارزاني، إدريس أو مسعود، لكن بارزاني الأب رفض ذلك بشكل قاطع، وأعتقد بأن العائلة البارزانية ما زالت ملتزمة بهذا التقليد السائد داخل العائلة وهو عدم شغل أي منصب رفيع المستوى في الحكومة العراقية في بغداد».