الأردن: توقيف أبو قتادة 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمتي التآمر والانتساب إلى جمعية غير مشروعة

محاميه سيتقدم اليوم إلى المحكمة بطلب الإفراج عنه بكفالة * كاميرون: «مسرور جدا» لإبعاده

والد أبو قتادة (وسط) وأشقاؤه الثلاثة محمد وإبراهيم وماهر في انتظار مثوله أمام محكمة أمن الدولة في العاصمة عمان أمس (رويترز)
TT

قال محامي الإسلامي المتشدد أبو قتادة الذي تسلمته عمان إثر ترحيله من بريطانيا أمس، إن موكله نفى أمام محكمة أمن الدولة تهمة المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية.

وأضاف أنه سيقدم اليوم طلبا للإفراج مقابل كفالة عن موكله الذي قرر مدعي عام محكمة أمن الدولة توقيفه 15 يوما على ذمة التحقيق. ووجه المدعي العام العسكري المقدم فواز العتوم إلى أبو قتادة تهمتي التآمر بقصد القيام بأعمال إرهابية والانتساب إلى جمعية غير مشروعة، بينما قال مصدر قضائي إن «مدعي عام محكمة أمن الدولة وجه تهمة التآمر بقصد القيام بأعمال إرهابية لأبو قتادة في قضيتين تتعلقان بالتحضير لاعتداءات كان حكم بهما غيابيا عام 1998 وعام 2000». وأضاف أن «المدعي العام قرر توقيف أبو قتادة 15 يوما على ذمة التحقيق في سجن الموقر (شرق عمان)».

وقال المحامي تيسير ذياب وكيل الدفاع عن أبو قتادة، إن الأخير نفى أمام المدعي العام للمحكمة تهمة المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية.

وأضاف المحامي ذياب لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيق استمر لمدة ساعتين من الاستجواب، حيث سأله المدعي العام عن علاقته بالمتهمين في القضية الأولى والبالغ عددهم 27 متهما، وعلاقته بالمتهمين البالغ عددهم 13 متهما في القضية الثانية.

وكان أبو قتادة حكم عليه غيابيا في الأردن بالأشغال الشاقة المؤبدة بتهمتين الأولى عام 1999، والثانية عام 2000، حيث صدر بحقه حكم بالحبس مدة 15 عاما بالأشغال الشاقة المؤقتة.

وأبلغ ذياب «الشرق الأوسط» أن أبو قتادة أنكر علاقته بالمتهمين أو معرفته بهم أو الاتصال معهم أو مراسلتهم أو التواصل معهم بأي وسيلة اتصال، موضحا أن أبو قتادة أنكر التهم الموجه له.

وقال المحامي ذياب إن أبو قتادة طلب منه إبلاغ وسائل الإعلام أنه المحامي الوحيد له وهو المخول بالتصريح باسمه ولا يوجد هناك أي شخص آخر في هذه القضية.

ونقل المحامي ذياب عن أبو قتادة أنه عاد إلى الأردن طواعية وبمحض إرادته ليكون بين أهله في ربوع وطنه، مضيفا أنه يشعر بالارتياح لإجراءات التحقيق وأن هذه بداية طيبة.

وقال إنه سوف يقدم اليوم طلبا للمحكمة للإفراج عن موكله مقابل كفالة، متمنيا من المحكمة الموافقة على ذلك.

وردا على سؤال حول الإجراءات القادمة قال المحامي ذياب «سننتظر المدعي العام لإرسال ملف القضيتين إلى المحكمة مجددا، وذلك لتحديد جلسة البدء بالمحاكمة»، متوقعا أن تكون الإجراءات سريعة.

من جانب آخر، قال مصدر قضائي مطلع إن فريقا طبيا قام بإجراء فحص طبي شامل لأبو قتادة في قاعة المحكمة، وذلك بتكليف من وزير الصحة الأردني وإشراف مركز «عدالة» لحقوق الإنسان الموكل بالإشراف ومراقبة سير عملية محاكمة أبو قتادة، حيث رافقه فريق من المركز إلى سجن الموقر وأشرف على كل الإجراءات القانونية المتخذة بحق أبو قتادة.

ويعد أبو قتادة من أبرز منظري التيار السلفي الجهادي في العالم، بينما يتوقع القيادي بالتيار محمد الشلبي المكنى بـ«أبو سياف» أن يتم الإفراج عنه وفق وعود حكومية سابقة تلقاها التيار.

وقال الشلبي: «القضية الثانية التي عرفت بتفجيرات الألفية عندما وقعت أحداثها وفقا للتوقيت الوارد في لائحة الاتهام، كان أبو قتادة خارج البلاد».

من جهته، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، إن تسليم أبو قتادة «جاء نتيجة للتعاون والتنسيق بين الحكومتين الأردنية والبريطانية، وفي سبيل تحقيق العدالة الجنائية سيتم تسلم أبو قتادة للتحقيق معه ومحاكمته عن تهم أدين فيها بهجمات إرهابية عامي 1999 و2000».

وأكد أن جلب أبو قتادة يمثل رسالة واضحة لكل الفارين من وجه العدالة الأردنية بأنهم سيخضعون للمحاكمة أمام القضاء الأردني.

وأضاف المومني في تصريح آخر عقب تسلم أبو قتادة أن إعادة المحاكمة ستتم وفقا للأصول والقواعد المنصوص عليها في النظام القانوني الأردني وبما يكفل ضمانات المحاكمة العادلة والمعايير التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقيات حقوق الإنسان التي تعد المملكة الأردنية الهاشمية طرفا فيها، ولا سيما الحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة ومستقلة والحق في الاستفادة من قرينة البراءة حتى تثبت الإدانة بحكم قضائي بناء على الأدلة التي يحددها القانون ومنح الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد الدفاع والاتصال مع محام والحصول على المساعدة القانونية في حال عدم القدرة على توكيل محام، وإجراء المحاكمة من دون تأخير لا مبرر له، والحق في مناقشة الشهود، فضلا عن الحق في الطعن في أي حكم يصدر لدى محكمة التمييز.

ووصل أبو قتادة من لندن إلى قاعدة الملك عبد الله الأول الجوية في منطقة ماركا شمال عمان صباح أمس على متن طائرة عسكرية بريطانية.

وينهي وصول أبو قتادة معركة قضائية استمرت عشر سنوات حول مصير الرجل الذي اعتبر في مرحلة سابقة الذراع اليمنى لأسامة بن لادن في أوروبا.

ونقل أبو قتادة فور وصوله إلى مدعي عام أمن الدولة الذي حقق معه ووجه له التهمتين وأصدر بحقه مذكرة توقيف لمدة 15 يوما على ذمة القضية.

وتجمع في المطار أقارب أبو قتادة وأعضاء من التيار السلفي الجهادي لاستقباله، وفق مصدر في التيار.

ويأتي ترحيل لندن لأبو قتادة (53 عاما) إلى الأردن بعد اتفاق الحكومتين رسميا الشهر الماضي على «ضمان عدم استخدام إثباتات تم انتزاعها تحت التعذيب في أي محاكمة».

من ناحيته، أعرب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، صباح أمس، عن «سروره» لإبعاد الإسلامي أبو قتادة إلى الأردن، معربا عن أسفه لأن يكون هذا الإجراء «استلزم وقتا طويلا وكان صعبا». وصرح كاميرون لقنوات تلفزيون بريطانية قائلا: «إنني مسرور جدا، كان ذلك أمرا تعهدت الحكومة القيام به وقمنا به».

وأضاف: «كسائر البريطانيين شعرت بالغضب لأن تكون عملية الإبعاد استغرقت وقتا طويلا، وأن طرد هذا الرجل الذي لا يحق له أن يكون في بلادنا ويطرح تهديدا عليها، كان صعبا».

من ناحيتها، أعربت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي عن ارتياحها، منتقدة الطعون التي منحها القضاء لأبو قتادة ضد قرار إبعاده، وقالت: «إنني في غاية السعادة أن يكون تصميم الحكومة على وضعه في طائرة (وإبعاده إلى الأردن) مبررا، وأن نكون نجحنا أخيرا في تحقيق ما كانت تطالب به الحكومات السابقة والبرلمان والشعب في بريطانيا منذ زمن». وأضافت أن «هذا الرجل الخطير أبعد عن سواحلنا ليحاكم أمام القضاء في بلاده».

وتابعت: «سنحاول التحقق من عدم منح هذا العدد من الطعون وسنجري تعديلات على قانون الهجرة لخفض هذه المهل».

يذكر أن أبو قتادة صدر بحقه حكم غيابي في قضية «القاعدة» المعروفة بقضية «الألفية»، وأسند له تهمة المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية، وصدر الحكم عليه فيها بالمؤبد بين 13 متهما فارا من وجه العدالة.

وكان التنظيم الذي أدين فيه أبو قتادة قد خطط لتنفيذ عمليات عسكرية ضد اليهود والمصالح الأميركية على الساحة الأردنية، إلا أن دور أبو قتادة انحصر في حصول التنظيم على الدعم الخارجي حسب لائحة الاتهام التي صدرت في مارس (آذار) 2000، وكانت قد كشفت آنذاك قيام المحكوم عليه خضر أبو هوشر بالحصول على مبالغ مالية من المحكوم عليه أبو قتادة المقيم في بريطانيا، حيث كانت هذه المبالغ ترده لحساب المحكوم عليه خالد مغامس لدى أحد البنوك ومبلغ آخر من شخص يقيم في تركيا بواسطة المحكوم عليه حسين ومبالغ أخرى من أشخاص آخرين في الخارج، كما تلقى التنظيم دعما عينيا من الخارج مثل أقراص «سي دي» و«دسكات» من سوريا ومن باكستان تتضمن معلومات عسكرية وكيفية صناعة المتفجرات والسموم والأسلحة وغيرها.

أما قضية الإصلاح والتحدي التي أعلنت محكمة أمن الدولة براءة خمسة متهمين فيها من تهمة تصنيع مواد متفجرة والقيام بأعمال إرهابية بعد خمس سنوات، ونقضها من محكمة التمييز أعلى جهة قضائية مرتين، فكان أفراد المجموعة قد حكموا بالإعدام شنقا لتخفض إلى المؤبد والأشغال المؤقتة، حيث كان أبو قتادة أحد المحكومين فيها بالأشغال الشاقة المؤقتة 15 عاما.

وأبو قتادة، اسمه الحقيقي أبو عمر محمود محمد عثمان، مولود في 1960 قرب مدينة بيت لحم الفلسطينية، وهو ذو لحية رمادية وبنية ضخمة، إذ يبلغ طوله 1.90 متر ووزنه 120 كلغ، وصل إلى لندن منذ 1993 قادما من باكستان بجواز سفر إماراتي مزور وطلب اللجوء السياسي الذي حصل عليه في 1994. وأقام مع زوجته وأبنائه الخمسة في غرب لندن واعتمد على المساعدات العائلية الحكومية.

وعثر في شقة محمد عطا أحد منفذي اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، على 18 شريطا مسجلا لخطبه. وقد اعتبر أبو قتادة هذه الاعتداءات «جزءا من المعركة بين المسيحية والإسلام». لكن أبو قتادة أصر على نفي أي علاقة له بتنظيم القاعدة.

وفي نظر القاضي الإسباني بالتاثار غارثون، فأبو قتادة هو «سفير (أسامة) بن لادن في أوروبا» و«الزعيم الروحي لـ(القاعدة)» في أوروبا.

ووصفه وزير الداخلية البريطاني السابق ديفيد بلانكيت بأنه «أهم داعية متشدد في المملكة المتحدة». ومنذ اعتداءات سبتمبر 2001، أوقف أبو قتادة عدة مرات في بريطانيا.. فقد اعتقل للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 2002 ووضع تحت الحراسة بعد أن أطلق سراحه في 11 مارس 2005 بموجب قرار السلطة القضائية العليا الذي يعارض جهاز مكافحة الإرهاب البريطاني.

وأوقف أبو قتادة من جديد في أغسطس (آب) 2005 بعد اعتداءات لندن في 7 يوليو (تموز) والتي أدت إلى مقتل 56 شخصا من ضمنهم الانتحاريون الأربعة. ووضع قيد الإقامة الجبرية في مايو (أيار) 2008 لاثنتين وعشرين ساعة يوميا. وأدخل مجددا إلى السجن لخرقه شروط الإفراج عنه.

واستمر على هذا الحال ليمضي الجزء الأكبر من العقد الأخير في السجن. وخلال إقامته في بريطانيا لم تتم إدانته بأي قضية، ويشير محاموه باستياء إلى أنه «خضع لأطول مدة للاعتقال الإداري في تاريخ بريطانيا الحديث».

وبذلت السلطات البريطانية جهودا كبيرة لأكثر من عقد لإبعاده لكنها اصطدمت بقرارات قضائية محلية وأوروبية. وفي نهاية المطاف، فتح اتفاق ثنائي وقع بين عمان ولندن وصدق عليه برلمانا البلدين في منتصف يونيو (حزيران) الطريق لترحيله من بريطانيا إلى الأردن.