فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا تتحدى واشنطن في قضية سنودن

رئيس النمسا: طائرة الرئيس البوليفي لم تفتش في فيينا

محتجون هنود يعربون عن دعمهم للمستشار السابق في الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن في نيودلهي أمس (أ.ب)
TT

قال الرئيس النمساوي إن المسؤولين النمساويين لم يفتشوا الطائرة الرئاسية البوليفية بحثا عن الهارب إدوارد سنودن المتعاقد السابق مع المخابرات الأميركية. ويحاول الرئيس النمساوي هانز فيشر بهذا التصريح تخفيف حدة أزمة دبلوماسية تدور بسبب هذا الحدث. وقال فيشر لصحيفة «كورير» إن أحد ضباط المطار صعد إلى الطائرة يوم الثلاثاء للتحقق من سبب هبوطها في فيينا بعد أن أبلغت عن وجود مشكلات فنية بها، لكن «لم يجر أي تفتيش رسمي».

بدت تصريحات فيشر التي نشرت أمس وكأنها تستهدف تفسير الشهادات المتضاربة حول كيفية معاملة الرئيس البوليفي إيفو موراليس في طريق عودته إلى بلاده بعد حضور مؤتمر في موسكو قبل أيام. واحتجت بوليفيا بعد أن رفضت عدة دول أوروبية السماح للطائرة بعبور مجالها الجوي وسط تكهنات بأن موراليس كان يصطحب سنودن إلى أميركا اللاتينية. وتصاعدت حدة التوتر الدبلوماسي بعد أن هبطت الطائرة في فيينا بالنمسا، حيث قال المسؤولون في البداية إنهم حصلوا على إذن رسمي بتفتيشها بحثا عن سنودن المطلوب لتسريبه تفاصيل عن برامج المراقبة الأميركية. وتؤكد بوليفيا أنه لم يجرِ تفتيش للطائرة الرئاسية. ونقل عن فيشر قوله: «طلب أحد موظفي المطار (الطائرة) أو الطيار بعد الهبوط للاستفسار عن طبيعة المشكلة الفنية». وأضاف: «قيل للمسؤول النمساوي إن العطل قد أصلح، ورأى في هذا الموقف أن الطائرة خالية.. لم ينظر تحت المقاعد. لم يجر تفتيش رسمي».

وعندما سئل عما إذا كان ذلك يعني أن السلطات النمساوية لم تفتش الطائرة، قال فيشر: «لم يحدث تفتيش.. لم يكن هناك أيضا سبب يدعو للتفتيش وفقا للقانون الدولي. طائرة الرئيس جزء من أراضيه ولا يمكن تفتيشها بسهولة». ويعتقد أن سنودن موجود في دائرة المسافرين العابرين بمطار تشيريميتييفو الدولي بموسكو في انتظار قبول أي دولة طلبه للجوء بعد أن وصل إلى المطار من هونغ كونغ في 23 يونيو (حزيران) الماضي. وعرضت بوليفيا اللجوء على سنودن أول من أمس لتنضم بذلك إلى فنزويلا ونيكاراغوا في تحد لواشنطن. وسنودن عالق حاليا في منطقة الترانزيت بمطار موسكو تشيريميتييفو وطلب اللجوء من 21 بلدا رفضت معظمها منحه إياه، بينما أعربت ثلاث دول من أميركا اللاتينية هي فنزويلا ونيكاراغوا وبوليفيا عن استعدادها لاستقباله.

وبعرضها العلني اللجوء على مستشار المعلوماتية السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن، تتحدى فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا مرة جديدة الولايات المتحدة التي تقيم معها علاقات اقتصادية مهمة رغم التوتر السياسي. وبات الرئيس البوليفي إيفو موراليس السبت ثالث رئيس أميركي لاتيني يبدي استعداد بلاده لاستضافة سنودن الذي كشف معلومات عن برنامج سري أميركي للتجسس على الاتصالات العالمية، بعد رئيسي فنزويلا نيكولاس مادورو ونيكاراغوا دانيال أورتيغا. إلا أن هذا الأخير فقط هو الذي تلقى طلبا للجوء من جانب سنودن، على الرغم من أن الرئيس البوليفي كما الحال بالنسبة لنظيره الفنزويلي خليفة هوغو شافيز، هما إجمالا في الصفوف الأمامية عندما يتعلق الأمر بتحدي القوة الكبرى في القارة الأميركية. وأكد إيفو موراليس أنه «في بادرة احتجاج أريد أن أقول للأوروبيين والأميركيين الشماليين: الآن سنعطي اللجوء إلى هذا الأميركي المضطهد من قبل مواطنيه في حال طلب منا ذلك. نحن لا نخاف». ومساء الجمعة، أبدى نيكولاس مادورو استعداده«تقديم اللجوء الإنساني للشاب سنودن لحمايته من اضطهاد أقوى إمبراطورية في العالم التي حملت عليه». أما رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا الذي تلقى طلب لجوء من سنودن، فجاء رده أقل تحديا. لكن بعد مسارعة عدد من الدول التي طلب منها سنودن اللجوء إلى إعلان رفضها الطلب، أكد أورتيغا أنه في حال سمحت الظروف، فإن نيكاراغوا ستستضيف سنودن «بكل سرور» وستمنحه اللجوء.

ولم تدل الولايات المتحدة بعد بموقف علني من هذه التطورات، إلا أن محللين ودبلوماسيين يعتبرون أن هذه العروض للجوء يمكن أن تؤدي إلى مزيد من تدهور العلاقات السياسية المتوترة أصلا بين هذه البلدان وواشنطن.

ولم يستبعد الرئيس البوليفي الذي منعت دول أوروبية عدة عبور طائرة كانت تقله فوق أجوائها قبل أيام للاشتباه في إمكان نقله سنودن، إمكان إغلاق سفارة الولايات المتحدة لدى بوليفيا، على الرغم من أن الولايات المتحدة هي ثالثة كبرى الدول المستوردة للصادرات البوليفية مع 1.76 مليار دولار في عام 2012.

وفي فنزويلا، تأتي قضية سنودن في حين توصلت حكومة مادورو إلى اتفاق في يونيو الماضي مع واشنطن لتطبيع علاقاتهما الدبلوماسية بعد غياب التبادل الدبلوماسي بين البلدين منذ عام 2010. وبرأي ميلوس ألكالاي نائب وزير الخارجية السابق، فإن «دبلوماسية الشتائم» التي يتبعها مادورو تهدد هذا التطبيع للعلاقات.

من جانبها، قالت الخبيرة في العلاقات الدولية والأستاذة الجامعية ماريا تيزيزا روميرو لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا ما تم منح اللجوء، فهذا سيشل بالطبع عملية تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة بعد أن كان ذلك مطلبا لفنزويلا».

كما أن هذا الأمر من شأنه، برأي روميرو، دفع واشنطن إلى تقليص حجم مشترياتها من النفط الفنزويلي. وتعتبر الولايات المتحدة حاليا أكبر مستورد للنفط من فنزويلا التي تبيعها 900 ألف برميل يوميا.

أما بالنسبة لنيكاراغوا، فرئيسها الذي أبدى استعداد بلاده لاستقبال سنودن، امتنع عن الإدلاء بمواقف فاقعة في مواجهة واشنطن، إشارة إلى أن الولايات المتحدة تمثل الشريك الاقتصادي الأول لنيكاراغوا التي تبيعها 28% من صادراتها وتتلقى منها سنويا نحو 25 مليون دولار قروضا وهبات.