الحكومة التونسية تعزل مفتي الجمهورية لانتقاده ثورات الربيع العربي

ابنة الغنوشي تصف الداعين لحل الحكومة والبرلمان بـ«المجموعات الانقلابية الفاشية»

TT

خضعت عملية تعيين حمدة سعيد مفتيا جديدا للجمهورية التونسية خلفا لعثمان بطيخ للتجاذب السياسي، ولم تخل من اتهامات متبادلة بين أنصار الإبقاء على الشيخ بطيخ ومؤيدي المفتي الجديد.

واتهمت نقابة «إطارات وأعوان» المساجد (عاملي وموظفي المساجد)، طريقة تعيين المفتي الجديد، وقالت في بيان لها إن الحكومة عزلت عثمان بطيخ لأنه «مفتٍ محايد»، وأضافت أن وقوفه ضد دعوات الجهاد في سوريا، وانتقاده لما يسمى بـ«جهاد النكاح» من ناحية، وتصريحه في أكثر من مناسبة، بأن ثورات الربيع العربي ليست ربيعا عربيا، وإنما هي فوضى خلاقة، كانت وراء إزاحته من منصبه. كما أشارت من ناحية أخرى إلى أن وقوف شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية إلى صف المحتجين الذين أطاحوا بـ«حكم الإخوان» قد يكون من بين الأسباب التي أدت إقالة المفتي، تحسبا لصدور مواقف مؤيدة للمحتجين التونسيين تعقد الوضع السياسي.

وفي هذا الشأن وجه الفاضل بن عاشور الكاتب العام لنقابة إطارات وأعوان المساجد اتهاما بوقوف الحكومة التونسية، ومن ورائها وزارة الشؤون الدينية وراء عزل المفتي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هدف الوزارة من وراء هذا التعيين الجديد هو إضعاف سلطة المفتي وضرب مؤسسة الإفتاء.

وأشار إلى تخطيط مسبق أعلنت عنه وزارة الشؤون الدينية، وقال إنه يفسر بشكل كبير التعيين الجديد في أوج أزمة الحديث عن شرعية الحكم، وإمكانية الانقلاب على الحكومة.

واعتبر أن إعلان نور الخادمي وزير الشؤون الدينية منذ أشهر عن استراتيجية لبعث مؤسسة إفتاء في كل محافظة، كانت الغاية منه، على حد قوله، ضرب مؤسسة الإفتاء وسحب البساط منها.

واقترح عاشور حل وزارة الشؤون الدينية وتعويضها بـ«دار الإفتاء» تكون مستقلة عن رئاسة الحكومة، ولا تُزكى من رئيس الجمهورية، وتتركب من إطارات دينية معتدلة ليتم إخراج مؤسسة الإفتاء من جلباب السياسة (على حد تعبيره)، ولا تكون في خدمة أي طرف سياسي.

يذكر أن حمدة سعيد المفتي الجديد سيبدأ مهامه رسميا بداية من اليوم، وهو من مواليد سنة 1940 وحاصل على شهادة الدكتوراه سنة 1987 في اختصاص الفقه وأصوله ومقاصده. وقد عين نائبا في البرلمان التونسي من سنة 1989 إلى سنة 1994 في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وقد تبرأ من تلك الفترة، وقال إنه عين دون علمه، وقد استغل النظام السابق شعبيته بين الناس، لكن النظام السابق عاد وعزله من إمامة أحد المساجد بمنطقة نابل شمال شرقي تونس سنة 1996. وبعد تعيينه، صرح لبعض وسائل الإعلام المحلية بأنه «خُلق ليكون خادما لكتاب الله وشرع رسوله».

من ناحية أخرى، انتقدت سمية الغنوشي ابنة الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة دعوات المعارضة في تونس لحل المجلس التأسيسي والحكومة، وذكرت وسائل إعلام محلية أنها وصفتهم بـ«مجموعات انقلابية فاشية». وأضافت أن «الذين امتهنوا التباكي والعويل على الدولة المدنية المهددة في مصر وتونس، تخندقوا اليوم في مستنقع الدولة العسكرية اللامدنية، جنبا إلى جنب مع الانقلابيين، ببزاتهم وأحذيتهم العسكرية الغليظة».

وكانت حركة النهضة قد دعت إلى مسيرة مساندة للشرعية في مصر، على أن تنطلق من أمام السفارة المصرية لتتجه نحو المسرح البلدي وسط العاصمة التونسية. وكان الصادق شورو القيادي في حركة النهضة قد انتقد من سماهم «قوى الردة»، التي تحلم بإسقاط الدستور وإسقاط المجلس التأسيسي (البرلمان)، وقال في مداخلة بالبرلمان التونسي إن «من قالوا إن سيناريو مصر سيعاد في تونس إنما هم واهمون»، وإنه سيتم التصدي لهم، ولن تقوم لهم قائمة.