خادم الحرمين والأمير سلمان: السعودية لن تسمح بأن يستغل الدين لباسا يتوارى خلفه أي متطرف وعابث يسيء للإسلام

في كلمة مشتركة بمناسبة حلول شهر رمضان

TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن بلادهما «لن تسمح أبدا بأن يستغل الدين لباسا يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة، متنطعين ومغالين ومسيئين لصورة الإسلام العظيمة بممارساتهم المكشوفة وتأويلاتهم المرفوضة»، وشددا على القول إنها «لن تقبل إطلاقا وفي أي حال من الأحوال أن يخرج أحد في بلادنا ممتطيا أو منتميا لأحزاب ما أنزل الله بها من سلطان، لا تقود إلا للنزاع والفشل».

جاء ذلك في كلمة مشتركة، وجهها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده إلى الشعب السعودي، وكل المسلمين في كل بقاع الأرض بعد مغرب أمس، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لعام 1434هـ، التي ألقاها نيابة عنهما، الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه وزير الثقافة والإعلام، قدما خلالها التهاني والتبريكات للجميع بهذه المناسبة العظيمة.

وأكد الملك عبد الله والأمير سلمان، ضمن الكلمة، أن القيادة السعودية ستبقى «بحول المولى وقوته إلى يوم الدين حامين لحمى الإسلام، مرشدين إلى هديه الكريم على بصيرة من الله، نتابع السير على منهجنا الوسطي المعتدل، مستشعرين مسؤوليتنا ورسالتنا تجاه عالمنا الإسلامي والإنسانية أجمع»، وفيما يلي نص الكلمة:

«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله القائل في محكم التنزيل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا الذي بعث برسالة الرحمة للعالمين؛ نبينا وسيدنا محمد بن عبد الله القائل: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبنائي وبناتي وإخواني وأخواتي في المملكة العربية السعودية، أشقاءنا المسلمين في كل بقاع الأرض، أهنئكم بشهر رمضان المبارك، شهر الخير والبركة، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر استنهاض الهمم نحو قيم الإسلام الرفيعة ومعانيه السامية، التي بعث الله بها نبي الرأفة والرحمة والخلق العظيم، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

أيها الإخوة والأخوات: نحتاج هنا لأن نذكركم بفضائل هذا الشهر الكريم؛ فالنفوس المسلمة المؤمنة تدرك ببصيرتها قبل بصائرها المعاني الخالدة لكل من سعى - إيمانا واحتسابا - للفوز برضا الرحمن ورحمته وعفوه.

أيها المسلمون، لقد علّمتنا رسالة الإسلام، واستقينا من منهج رعيل الأمة وسلفها المبارك أن الإسلام هو دين المحبة والصفح والتسامح، ورسالة للبناء والسلام، ومنهج للحوار لا الانطواء والانهزام، وإسهام فاعل وفق شراكة تقوم على مبادئ التكافؤ، لتعزيز معاني الحضارة الإنسانية العليا، ولتعزيز مجتمع المبادئ الإنسانية وفق قوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، فهذا هو المحك الذي تقوم عليه الرسالة الإسلامية، وهي تثق بقيمها التي تستقر في القلوب المؤمنة طوعا لا كرها، ومن ثمرات هذا المعنى الرفيع قول الحق سبحانه: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).

إن المملكة العربية السعودية التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، وأكرمها بذلك، لن تسمح أبدا بأن يستغل الدين لباسا يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة، متنطعين ومغالين ومسيئين لصورة الإسلام العظيمة بممارساتهم المكشوفة وتأويلاتهم المرفوضة، ونبراسنا في ذلك قول الحق تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، وسنبقى - بحول المولى وقوته - إلى يوم الدين حامين لحمى الإسلام، مرشدين إلى هديه الكريم على بصيرة من الله نتابع السير على منهجنا الوسطي المعتدل، مستشعرين مسؤوليتنا ورسالتنا تجاه عالمنا الإسلامي والإنسانية أجمع.

أيها الإخوة والأخوات، لقد علمنا شرعنا الحنيف في نصوصه الصريحة ومقاصده العظيمة أن الإسلام يرفض الفرقة باسم تيار هنا وآخر هناك، وأحزاب مثلها تسير في غياهب ظلمتها، تحسب في غمرة الفتنة أنها على شيء وإنما ضلت سواء السبيل، مدركين - في هذا كله - عالمية الإسلام وسعة مظلته، بعيدا عن الأسماء المستعارة والمصطلحات والأوصاف المحدثة التي تسعى بضلالها في اختزال هذا العنوان العريض في جبين تاريخنا الإنساني إلى هذه المعاني الضيقة والسبل المتشتتة، وقد قال الله تعالى: (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا)، والمملكة بذلك تعلن أنها لن تقبل إطلاقا، وفي أي حال من الأحوال، أن يخرج أحد في بلادنا ممتطيا أو منتميا لأحزاب ما أنزل الله بها من سلطان، لا تقود إلا للنزاع والفشل، مصداقا لقوله سبحانه (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

أيها الإخوة والأخوات في جميع أنحاء العالم، أسأل الله أن يقينا شر كل خارج عن جادة الحق إلى سبل الضلال من كل مؤدلج في فكره، مفتون في منهجه، لم يسلم من شره أرض ولا حرث ولا نسل.

وهو المسؤول سبحانه أن يهدينا سواء السبيل وأن يلهمنا رشدنا وصوابنا ويدلنا على خير أمرنا، ويعيننا على مناجزة كل من خرج عن صوابه وآذى عباده، كما نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يرفع الغمة عن أشقائنا من شعب سوريا الشقيقة، داعين المجتمع الدولي أن لا يقدم حساباته السياسية على حساباته الأخلاقية، ومن يفعل ذلك سيذكر له التاريخ أنه شارك في قتل الأبرياء وانتهاك الحرمات، هذا والله نسأل أن يحفظنا بحفظه، وأن يمدنا بعزم لا تردد معه، وقوة لا ضعف معها، إنه هو المولى ونعم النصير».