سيارة مفخخة تهز معقل حزب الله في بيروت وتوقع 53 جريحا

عناصر أمنية بشارات صفراء طوقت الموقع.. و«الحر» ينفي مسؤوليته

مقاتلو حزب الله ومدنيون يتجمعون حول موقع انفجار السيارة المفخخة في محلة بئر العبد في ضاحية بيروت الجنوبية (إ ب أ)
TT

اهتزت ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله اللبناني، أمس، بانفجار سيارة مفخخة في مرأب للسيارات في محلة بئر العبد، في حادثة هي الأولى من نوعها في المنطقة منذ اغتيال القيادي في حزب الله غالب عوالة عام 2004، وأسفر الانفجار عن وقوع 53 جريحا، فضلا عن أضرار مادية في الممتلكات.

ودوى انفجار قوي في مرأب عمومي للسيارات يستخدمه زائرو مركز تسوق «مركز التعاون الإسلامي» في بئر العبد عند الساعة 11 قبل ظهر أمس، تبين أنه ناتج عن انفجار سيارة مفخخة. وارتفعت سحب الدخان الأسود بموازاة تحركات عفوية للسكان الذين تجمهروا في موقع الانفجار، قبل أن يضرب عناصر اللجنة الأمنية التابعين لحزب الله طوقا أمنيا حول المكان، مانعين السكان من الاقتراب، فيما نقلت سيارات الإسعاف الجرحى، وغالبيتهم إصاباتهم طفيفة، إلى مستشفيات الضاحية للعلاج.

ويعد موقع الانفجار منطقة أمنية بالنسبة لحزب الله؛ كونه يقع على مدخل المربع الأمني الذي قصفته إسرائيل في حرب يوليو (تموز) عام 2006، ويتوسط عددا من المراكز الخدماتية للحزب، مثل مؤسسة القرض الحسن، ودار الحوراء الطبي، إضافة إلى محاذاته سوق بئر العبد التجارية الأكثر كثافة في الضاحية.

ويعد هذا الانفجار الأول من نوعه في بئر العبد، بعد تفجير ضخم هز المنطقة في عام 1984، مستهدفا المرجع الديني الشيعي محمد حسين فضل الله الذي نجا بأعجوبة من الانفجار.

وبدا مرأب السيارات ساحة حرب بعد انفجار عبوة وضعت في سيارة رباعية الدفع مركونة فيه، قدر وزنها بـ35 كيلوغراما، حيث أدت قوة الانفجار إلى احتراق عدة سيارات في الموقف، فضلا عن تضرر سيارات أخرى، وتحطم زجاج المحال التجارية والأبنية الملاصقة للمكان، وتصدع جدارين في مبنيين محاذيين للمرأب. وهرع السكان، حشودا، إلى موقع الانفجار، ما دفع عناصر من حزب الله، الذين فرضوا طوقا أمنيا على مدخل الشارع، إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق السكان، خوفا من أن تكون هناك عبوة أخرى. وسجل في موقع الانفجار وجود عناصر غير مسلحين يرتدون ملابس مدنية ويحملون أجهزة اتصال، ويعتمرون قبعات حمراء وقد لفوا ذراعهم بشارات صفراء، ينتمون إلى حزب الله.

وحضرت الأدلة الجنائية وقوة من الجيش اللبناني فورا، للكشف على موقع الانفجار. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أن قوى منها فرضت طوقا أمنيا حول مكان الانفجار، فيما حضر الخبير العسكري، وتولت الشرطة العسكرية التحقيق في الحادث بإشراف القضاء المختص لكشف ملابساته وتحديد هوية الفاعلين.

وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الشرطة العسكرية والأدلة الجنائية بالكشف على المكان، ومسح الأضرار، ومعرفة ما إذا كان هناك كاميرات تصوير، وتحديد زنة العبوة، وإجراء التحقيقات الأولية تمهيدا لإجراء المقتضى القانوني. وعاين القاضي جان فهد مكان الانفجار.

وفيما لم تتبن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير، ولم تتضح هوية صاحب السيارة المفخخة، نقل موقع «ناو» (الآن) الإلكتروني عن صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائية مواجه لمكان الانفجار قوله إنه هو وآخرين: «شاهدوا رجلا دخل إلى المرأب لركن سيارته وهي من نوع (نيسان) حمراء رباعية الدفع، وتحدث إلى عامل المرأب الذي سأله عن الوقت الذي يحتاجه لإبقاء سيارته، وطلب منه أن يدفع مبلغا إضافيا إذا أراد التأخر، فسارع الرجل المجهول الهوية إلى دفع المبلغ الإضافي لإسكات العامل من دون تحديد ما إذا كان سيتأخر أم لا». وأضاف الشاهد: «الكل رآه، إلا أنه سرعان ما اختفى، ولم تمر دقائق حتى سمعنا صوت انفجار السيارة الحمراء التي تركها الرجل».

ونقلت سيارات الإسعاف عددا كبيرا من المصابين إلى مستشفيات الضاحية، من غير تسجيل مقتل أحد. وأعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أن عدد الإصابات بلغ 53 نقلوا إلى مستشفيات المنطقة، غادر منهم 41 إصاباتهم طفيفة، فيما بقي 12 لتلقي العلاج وجروحهم غير خطرة. وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن جراح المصابين طفيفة «نتج معظمها عن الإصابة بالزجاج المتطاير».

وفور الانتهاء من نقل الجرحى، تظاهر مؤيدون لحزب الله بمحاذاة موقع الانفجار، رافعين صورا لأمينه العام حسن نصر الله، وهاتفين شعارات مؤيدة له. وعلى مسافة قريبة من المتظاهرين، كان أصحاب المحال التجارية والعاملون فيها، غاضبين، إذ نددوا بمن يسعى لضرب استقرار الضاحية، في إشارة إلى إسرائيل، والمعارضة السورية التي يقاتل حزب الله ضدها إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، رغم أن أحدا لم يعلن مسؤوليته عن التفجير.

وسارعت المعارضة السورية إلى نفي علاقتها بالتفجير، إذ أعلن المتحدث باسم الجيش السوري الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» أن «هيئة أركان الجيش الحر تستنكر هذا العمل البعيد عن عقيدة وأخلاق الجيش الحر، الذي يقاتل من أجل الكرامة والحرية في سوريا». وحمل المقداد مسؤولية الانفجار إلى حزب الله، معتبرا أن الحزب «هو المسؤول بشكل غير مباشر من خلال تهيئة مناخ العنف، بشحن بيئته الحاضنة وتبنيه خطابات طائفية».

كما استنكر الناطق الرسمي باسم القيادة العليا للجيش الحر العقيد الطيار قاسم سعد الدين «باسم المجلس العسكري الأعلى انفجار الضاحية».

ويتخوف سكان الضاحية من وصول موجة السيارات المفخخة إلى الضاحية بعد مشاركة الحزب في القتال بسوريا. وجاء الانفجار بعد هجوم صاروخي تعرضت له الضاحية الجنوبية في مايو (أيار) الماضي، حين سقط صاروخان على المنطقة، ما أدى إلى جرح 4 أشخاص.